كتب عيسى يحيى في “نداء الوطن”:
يعلّقُ اللبنانيون آمالهم على خشبة العام الجديد، وينشدون الراحة والطمأنينة بعد الأوجاع والمعاناة التي رافقت أيامهم الطويلة خلال العام الذي يمضي ساعاته الأخيرة، مصحوبةً بأزماتٍ قلبت موازين حياتهم وأجبرتهم على خيارات لم تكن في حساباتهم.
عانى البقاعيون على مدار أعوامٍ من تفلّت أمني إستفحل مع بداية السنة وسط مطالبات لم تتوقف بأن تبسط الدولة سلطتها وتحميهم من شرّ العصابات والفوضى. أكثر من حادثة حصلت خلال فتراتٍ زمنية متفاوتة، سواء من خلال إطلاق النار على مؤسسات بقصد فرض الخوّة، أو محاولات سلب وخطف مقابل فدية، أو تصفية حسابات وأخذ بالثأر، لترتفع الأصوات مجدّداً مطالبة الجيش والقوى الأمنية بإحكام قبضتهما على المنطقة بعد جنوح الناس إلى الحديث عن الأمن الذاتي لحماية أنفسهم وممتلكاتهم.
تحدّيات وصعوبات واستحقاقات مختلفة كانت بانتظار الجيش والقوى الأمنية في العام 2022 أبرزها إجراء الإنتخابات النيابية، وإقامة مهرجانات بعلبك الدولية، ومكافحة التهريب على المعابر غير الشرعية وحفظ أمن الحدود وتعزيز الإنتشار العسكري عليها، وما بينها مكافحة تجارة المخدرات وتهريبها. وعلى أبواب الإنتخابات في أيار، كان الهمّ الأمني الشغل الشاغل للبقاعيين بعدما استنجد «الثنائي الشيعي» بالقوى الأمنية لضبط الأمن في الضاحية الجنوبية، رافعين الصوت للمعاملة بالمثل في البقاع ورفع الغطاء عن المخلّين بالأمن في المنطقة، فكان إجراء الإنتخابات بأمانٍ وهدوء، ليُقتل شابان من آل الرفاعي وبيان، في جريمةٍ هزّت مدينة بعلبك وسط توتر وارتفاع منسوب الإحتقان والخوف من إتّساع رقعة الإشكال وبلوغ الوضع مرحلة خطيرة قد تودي إلى ما لا تحمد عقباه.
بحزمٍ وعزم، ومن بوابة ملاحقة تجّار المخدّرات ومروّجيها، بدأ الجيش اللبناني حملته الأمنية في المنطقة بعد أيام على الجريمة، وتركّزت عمليات الدهم في حي الشراونة وتحديداً منزل «أبو سلة»، واستمرّت الحملة لأيام بسط خلالها سيطرته وفرض واقعاً جديداً وعزّز مراكزه من دون الإلتفات للأصوات المندّدة.
إصرار الجيش على إعادة الأمن إلى المنطقة بعد معاناة أهلها الطويلة، ورغم الثغرات كسقوط ضحايا بسبب حوادث السلب من أبرزها مواطنان من عرسال، إضافة إلى عمليات خطف وإطلاق نار، كلها عوامل لم تمنع الجيش من استكمال ما بدأه، ومعه بدأ البقاعيون يتلمّسون الأمن، فتراجعت الإشكالات المسلّحة وإطلاق الرصاص مع تقدّم الأيام بفعل الإجراءات العسكرية المتّخذة، ومرّ موسم المهرجانات بنجاح، وبات معظم المطلوبين خلف الحدود هاربين من الملاحقة.
ورغم ضيق أحوال عناصر الجيش والقوى الأمنية، استمرّت عمليات دهم المطلوبين طوال فترة الصيف في مختلف المناطق وقد لاقت ترحيب المواطنين الذين رفعوا لافتات الشكر لقيادة الجيش على فرض الأمن والأمان في بعلبك الهرمل.
ورغم اتّخاذ الجيش خلال السنوات الماضية الإجراءات الضرورية لملاحقة المخلّين بالأمن، لم ينعم البقاعيون بهدوء وراحة كما نعموا بهما هذه السنة، حتّى أمكن القول «كان عاماً أمنياً بامتياز في بعلبك الهرمل» مقروناً بمتابعة الجيش إجراءاته على الحدود، حيث افتتح قائد الجيش العماد جوزاف عون شبكة طرقات في فترة الصيف تصل مراكز عسكرية في القاع ورأس بعلبك، وإستكملت القيادة إستراتيجية ربط المراكز العسكرية على الحدود وتعبيد الطرقات في الجرود تسهيلاً لتنّقل الآليات والعناصر، فكان أمس الأول افتتاح طريق النبي إسباط – التلاجة في أقصى الحدود الشرقية حيث يتمركز الجيش من معربون حتى عرسال وصولاً إلى الهرمل، ليحكم قبضته على الداخل والحدود معاً، ويبعث الأمان في نفوس المواطنين.