آلية الإتهام النيابية… هذه تفاصيلها وعِقدها

كتب أكرم حمدان في “نداء الوطن”:

فتحت الدعوة التي وجهها رئيس مجلس النواب نبيه بري إلى عقد جلسة يوم الأربعاء المقبل لدرس اقتراح وادعاء الإتهام في ملف الإتصالات، الباب واسعاً على الكثير من الأسئلة والإحتمالات التي يُمكن أن تصل إليها الجلسة. إلّا أنّه يبقى من الضروري التوقف عند الآلية التي تُحتم إنعقاد هكذا جلسة بعدما سبق وتسلم مجلس النواب إحالة قضائية لملف الإتصالات.

فوفقًا للمادة 19من القانون 13/90 (أصول المحاكمة أمام المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء) يُقدم طلب الإتهام إلى المجلس النيابي بموجب عريضة يوقع عليها خُمس أعضاء المجلس النيابي على الأقل، ويتضمن الطلب اسم الشخص أو الأشخاص المطلوب إتهامهم، الجرم المنسوب إليهم والوقائع والأدلة والقرائن.

وهذا الأمر سبق وحصل بعدما وقع على العريضة العدد المطلوب من النواب من كتل مختلفة بمن فيهم تكتل «لبنان القوي» الذي يتضمن طلب الإتهام، أحد وزرائه السابقين والنائب الحالي نقولا صحناوي، إلى جانب الوزيرين السابقين للإتصالات بطرس حرب وجمال الجراح.

ووفقًا للفصل المتعلق بالإتهام والتحقيق والذي يتضمن المواد من 19 حتى 35 من قانون المجلس الأعلى، فإن رئيس المجلس يبلغ الطلب إلى جميع النواب، والشخص أو الأشخاص المطلوب إتهامهم من أجل الإجابة عليه خطياً وتكليف محام للدفاع في القضية.

وبعد مرور 10 أيام على التبليغ، يعقد المجلس النيابي جلسة يستمع فيها إلى مرافعتي الإدعاء والدفاع، ثم يقرر بالأكثرية المطلقة من عدد أعضائه، إمّا إحالة المتهم إلى لجنة نيابية خاصة تسمى «لجنة التحقيق» قبل التصويت على طلب الإتهام، أو ردّ طلب الإتهام.

وهنا لا بدّ من التوقف عند هذا النص الذي يحتاج خلال الجلسة المقررة في السابع من كانون الأول، إلى أكثرية 65 صوتًا، بعد الإستماع إلى مرافعتي الدفاع والإدعاء وبالتالي، إما لرد طلب الإتهام وانتهاء الملف وإما التصويت على جدية الطلب وإحالة المتهمين أمام لجنة تحقيق تتألف من رئيس وعضوين أصيلين، و3 أعضاء إحتياطيين، ينتخبهم المجلس بالإقتراع السري، وبالغالبية المطلقة من عدد أعضائه، وتكون قرارات هذه اللجنة غير قابلة لأي طريق من طرق المراجعة.

وبعد انتهاء اللجنة من تحقيقاتها تجتمع في جلسة سرية، وتضع تقريراً وترفعه إلى المجلس النيابي الذي يجتمع في جلسة خاصة خلال 10 أيام من تاريخ إيداع التقرير لدى المجلس، ثم يصوّت المجلس على الإتهام بغالبية الثلثين من مجموع أعضائه. وبعد صدور قرار الإتهام يحيل رئيس المجلس القرار مع ملف التحقيق إلى المجلس الأعلى الذي يباشر في المحاكمة، وعليه أن يبت بها خلال مدة شهر من تاريخ تبلّغه الإحالة، تكون قابلة للتجديد مرة واحدة.

ولا تكون الجلسة قانونية إلاّ بحضورأعضاء المجلس الخمسة عشر (نواب وقضاة)، وإذا تغيّب عضو أصيل، يكلف المجلس أحد الأعضاء الإحتياطيين. وتكون جلسات المجلس علنية إلاّ إذا قرر إبقاءها سرية، ولا يمكن تجريم المتهم إلاّ بغالبية 10 أصوات، والمتهم يبقى طليقاً حتى صدورالقرار النهائي.

وعندما يقرر المجلس تجريم أحد الأشخاص، عليه أن يصدر فوراً قراراً بإقالته من منصبه، ولا تقبل قرارات المجلس الإستئناف ولا التمييز، ولكنها تقبل إعادة المحاكمة.

وللتذكير، فإن مسارالجلسة يستند إلى المادة 70 من الدستور التي تقول: «لمجلس النواب أن يتهم رئيس مجلس الوزراء والوزراء بارتكابهم الخيانة العظمى أو بإخلالهم بالواجبات المترتبة عليهم، ولا يجوز أن يصدر قرار الإتهام إلاّ بغالبية الثلثين من مجموع أعضاء المجلس»، وتتم المحاكمة أمام المجلس الأعلى (المادة 71).

وبانتظار تبلور المواقف من الجلسة والمشاركة فيها من عدمها، يبقى السؤال: هل الآلية التي نص عليها قانون المجلس الأعلى كانت بهدف تسهيل العمل والإحالة أمامه أم أنّها معقدة كما يراها أكثر من مرجع قانوني، والغاية منها تعطيل هذا المجلس وعدم المحاسبة؟

شاهد أيضاً

“استقلال البلد مهدد”… باسيل: دخلنا في حرب لم يكن يجب أن نقع فيها

أكد رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل أنَّ “الحفاظ على الإستقلال هو أصعب من …