كتب خالد أبو شقرا في “نداء الوطن”:
مع دخول موازنة 2022 حيز التنفيذ بدأت وزارة المالية بتطبيق الآلية الجديدة لاحتساب ضريبة الدخل. فالرواتب التي تدفع بالدولار النقدي تحول إلى الليرة اللبنانية على أساس سعر منصة صيرفة، وتدفع عليها الضريبة وفق الشطور المعدلة. فيما تحتسب الأجور الموطّنة بالدولار أو التي تدفع بشيك، على أساس التعميم 151 (8000 ليرة اليوم). وتحوّل الرواتب ببقية العملات الأجنبية إلى الدولار وفقاً لمتوسط التحويل بين العملات الأجنبية مقابل الدولار، ومن ثم تحول تلك الرواتب إلى الليرة اللبنانية وفق سعر صيرفة. إن كان من الصعب الجزم بمقدار الزيادة في الايرادات التي ستضيفها هذه الآلية على الخزينة، نتيجة التهرب والتهريب ووجود أكثر من 65 في المئة من الاقتصاد بـ»الاسود»، فهل تعتبر أكثر عدالة بالنسبة للمكلفين؟
مما لا شك فيه أنها تعتبر أكثر عدالة على أصحاب المداخيل، خصوصاً إذا ما قورنت بالقرار المتخذ من مديرية الواردات في العام الماضي، والذي نص على احتساب ضريبة الدخل على أساس سعر صرف السوق لمن يتقاضى دخلة بالعملة الاجنبية. وقتها لم تكن الشطور والتنزيلات العائلية قد عدّلت بعد. أما اليوم فقد ارتفع بحسب موازنة 2022 التنزيل العائلي للفرد من 7.5 ملايين، إلى 37 مليوناً و500 ألف ليرة. ومن 500 ألف ليرة إلى 2.5 مليون ليرة على الولد الواحد. كما ارتفع التنزيل على الزوجة إلى 12.5 مليوناً. أما بالنسبة للشطور فقد زادت بشكل لافت، وحددت بحسب القرار على الشكل التالي:
%2 على الرواتب التي تقل عن 6 ملايين ليرة.
%4 عن الرواتب بين 6 و15 مليون ليرة.
%7 على الرواتب بين 15 و30 مليون ليرة.
%11 على الرواتب بين 30 و60 مليون ليرة.
%15 على الرواتب بين 60 و120 مليون ليرة
%25 على الرواتب التي تتخطى 225 مليون ليرة.
وعليه تحتسب ضريبة الدخل على الايرادات الصافية الخاضعة للضريبة. (صافي الايراد = التنزيل العائلي (37.5 مليون ليرة) – المبالغ المسموح تنزيلها قبل احتساب الضريبة (عن الزوجة والاولاد في حال وجودهم) – مجموع الايرادات الخاضعة للضريبة.
وبالتالي فان مجموع الضريبة المتوجبة = معدلات الضريبة (الشطور التصاعدية) * الايرادات الصافية الخاضعة للضريبة.
الخبير المجاز في المحاسبة الاستاذ جعفر سلامة اعتبر أن تأثير هذه الضريبة سيكون بشكل أساسي على الرواتب المدفوعة بالعملة الأجنبية. فهذه الضريبة تصاعدية وتعتبر من حيث الشكل أكثر عدالة بالنسبة للمكلفين، وتحديداً من فئة الموظفين، نتيجة زيادة عدد الشطور التي تحتسب على أساسها.
إلا أن السؤال الذي لا يوجد جواب عليه بعد هو إن كانت الآلية الجديدة تخدم الاجير وأصحاب الدخل المحدود من حيث المضمون. و»هذا ما لا يمكن معرفته الآن وقبل إجراء الدراسات اللازمة»، بحسب خبير المحاسبة المجاز والعضو في «جمعية مدراء مؤهلون لمكافحة الفساد» جوزيف متّى. ذلك لان ضريبة الرواتب والاجور هي ضريبة سنوية، تحتسب بشكل فصلي. وهي ستطبق بحسب تعاميم المالية بمفعول رجعي من تاريخ 1/1/2022 أي من بداية العام الجاري.
السؤال البديهي الذي يطرح مع أي زيادة في الضرائب هو: هل عائداتها تفوق ثقلها على المكلفين الشرعيين؟ ففي ظل نسب التهرب الضريبي الكبيرة، وسيطرة الاقتصاد غير الشرعي على أكثر من نصف الاقتصاد، ووجود 62 في المئة من القوى العاملة في القطاع غير النظامي، يصبح ضرر أي زيادة ضريبية أكثر من فوائدها. فهي ستقتطع من حساب الاقتصاد القانوني، والاجير «الآدمي»، سترهق المكلفين، ولن تزيد ايرادات الدولة كما تتوقع الدراسات الاكتوارية، هذا إن وجدت.