كتب طوني عطية في “نداء الوطن”:
مع التبدّلات والتحوّلات العالمية في أسس الدولة الحديثة، يبرز عامل الإتصالات كمقياس مهمّ للتطوّر إلى جانب البنى التحتية والحوكمة الرشيدة وغيرها من المعايير الدالّة على المسار الصحيح للنموّ. أما في لبنان، فإلى جانب وصفه بـ»نفط الدولة»، أصيب قطاع الإتصالات بسرطان الهدر وسرقة المال العام كغيره من المؤسسات، ليتحوّل إلى عبء على كاهل الدولة المترهّلة والمواطن الكادح رغم الضرائب التي يدفعها. وكون دفاتر الفساد، تُفتح من دون أن تقفله مطرقة القضاء والعدل، شدّد عضو لجنة الإتصالات البرلمانية النائب سعيد الأسمر، على أن «تكتلّ الجمهورية القوية» ماضٍ في معركة الإتصالات حتى النهاية كما في الملفات كافة كالكهرباء والإقتصاد، مؤكّداً «أننا لن نقبل بـ»معمعة» القضية أو توضيبها في جوارير اللجان والنسيان».
وفي حديث مع «نداء الوطن»، أشار الأسمر إلى أن لجنة الإتصالات منكبّة على متابعة القضية ليس فقط «مبنى قصابيان» والصرف العشوائي على الدعايات و»السبونسر»، لافتاً إلى أنّ اللجنة تطالب بتوسيع التحقيقات لتشمل جوانب الاتصالات كافة بناء على تقرير ديوان المحاسبة الذي يُقّدر الهدر بأكثر من 6 مليارات دولار.
وعن لجنة التحقيق البرلمانية، كشف الأسمر أن لجنة الإتصالات طالبت في توصياتها خلال اجتماعها أمس، بتعديل لجنة التحقيق المذكورة التي شُكّلت عام 2019 ولم يتمّ التوسع بمهامها وأعمالها نظراً للظروف والأحداث التي مرّ بها لبنان.
وتابع: «سنسعى مع رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي والأمين العام للمجلس عدنان ضاهر، لإعادة تفعيلها وإدخال التعديلات اللازمة بتعيين أعضاء جدد من لجنة الإتصالات والمعنيين في هذا الملف»، بعد دعوة رئيس المجلس الهيئة العامة للإنعقاد والبتّ في مضمون العريضة النيابية الإتهامية سلباً أم إيجاباً والتي وقّعها حسب الأسمر 26 نائباً، مشدّداً في المقابل على موقف «القوات اللبنانية» الرامي إلى احترام الدستور وحصر عمل المجلس بانتخاب رئيس للجمهورية.
ولأن «ما من شيء دخلته السياسة إلا وأفسدته» وفق تعبير الأسمر، أكّد أنّه حتى اللحظة لا تزال بعض الجهات السياسية تسيطر على قطاع الإتصالات وتتحكّم به لمآربها الشخصية والإنتخابية، إذ أوضح أن لجنة الإتصالات طالبت الوزير المعني في حكومة تصريف الأعمال جوني القرم منذ ثلاثة أسابيع بالردّ خطيّاً على أسئلة اللجنة بخصوص آلاف الخطوط المفتوحة «ولم نحصل على إجابات حتى الآن».
ورأى أنّ «مسؤولية الفساد والهدر تقع أيضاً على عاتق المدراء الماليين في شركتي الخلوي الذين يمهرون تواقيعهم إلى جانب المدراء التنفيذيين على القرارات الصادرة كافة أكانت مرتبطة بالشؤون المالية أم لا، وكلنا يعلم أن «دينتن موجّهة لطرف سياسي محدّد»، إضافة إلى موظفي الوزارة الذين ساهموا حسب مواقعهم ومراكزهم بهدر المال العام».
وتطرّق الأسمر إلى مسألة التوظيفات العشوائية القائمة على المحسوبيات من دون أي أسس محدّدة، مؤكّداً «أننا لن نقبل الإستمرار في هذا المسار خصوصاً مع صدور قانون الشراء العام ودخوله حيّز التنفيذ، وأن تكون التعيينات مبنية على المعايير المتبعة في شركات الإتصالات العالمية».
وعن خصخصة القطاع، قال الأسمر إن «هذا الحلّ هو الأنسب والمتبع في معظم البلدان التي حقّقت وثبة التطوير، لكنّ التوقيت والظروف الاقتصادية لا تتقاطع مع المصلحة العليا، كي لا يُباع هذا القطاع بأبخس الأثمان».
ودعا الأسمر إلى تطبيق «قانون الإتصالات رقم 431 والصادر في 22/7/2002، خصوصاً بالنسبة إلى الهيئة المنظمة للإتصالات المنشأة بموجبه، وشركة «اتصالات لبنان»، التي تهدف إلى تحرير وتنظيم وتطوير قطاع الاتصالات من خلال «إرساء بيئة تنظيمية تعزّز قيام سوق اتصالات تنافسيّة، لتقديم أفضل الخدمات بأسعار معقولة لأوسع شريحة من الشعب اللبناني» على أسس الاستقلاليّة، الشفافيّة والمساءلة والإنصاف، وضرب الإحتكار المتمثّل بشركتي الخلوي وتعبئتهما الدولة بالمصاريف والأعباء والتوظيفات الزبائنية والضرائب على المواطنين فيما الخدمات هي الأسوأ.
وختم الأسمر متمنياً على «التيار الوطني الحرّ» التعاون الكامل في هذا الملف لجهة الوزير الأسبق نقولا الصحناوي، على أن يشمل التحقيق كل الوزراء المتعاقبين من دون استثناء.