كتبت باتريسيا جلاد في “نداء الوطن”:
مع اقتراب موعد سير العمل بالموازنة التي من المفترض أن يؤازرها بند رفع الرسم الجمركي 10 أضعاف لتوفير الواردات لخزينة الدولة ومعها تسديد الرواتب للإدارات العامة التي رفعت، من دون التسبب بمزيد من التضخم، يسري الحديث في أوساط حكومية أن الدولار الجمركي لن يتغيّر خلال الأيام القليلة المقبلة.
وعلمت “نداء الوطن” من مصادر مطلعة أنه حتى هذه اللحظة لم يتم اتخاذ القرار ببدء السير بدولار الـ15 ألف ليرة للجمارك مع نشر الموازنة في الجريدة الرسمية. أما السبب فيعود وفق مصدر مطّلع الى عدم إنجاز الترتيبات المالية المواكبة لها، في حين أن مصادر أخرى معنية أشارت الى ان السبب وراء التريّث والتمهّل هو “المناخ السلبي المخيّم على البلاد”.
وبما أن الأجواء التي كانت سائدة لغاية الأمس أن سريان الدولار الجمركي الجديد يبدأ بالتوازي مع الموازنة المرتقب أن يبدأ العمل بها خلال أيام معدودة، نبّه المستوردون الى ضرورة اتّضاح الرؤية حول المواد التي ستطاولها الرسوم الجمركية.
فأثارت نقابة مستوردي المواد الغذائية مسألة “عدم إصدار المراجع المعنية في الدولة اللوائح التي تتضمّن سلعاً ومواد غذائية تمت إضافتها الى تلك المعفاة من الرسوم الجمركية”. ونبّهت الى أن هذا الأمر سيخلق إرباكاً في قطاع المواد الغذائية عندما تصبح الموازنة نافذة بمختلف بنودها ومن ضمنها رفع الدولار الجمركي من 1500 ليرة الى 15 ألف ليرة.
وأوضح رئيس نقابة مستوردي المواد الغذائية هاني بحصلي لـ”نداء الوطن” أن ارتفاع سعر الرسم الجمركي 10 أضعاف سيزيد من قيمة السلعة. فالنسبة المحدّدة على الملح المستورد تبلغ 10% والجبنة 25% (حسب الأصناف)، والمعلبات والخُضار 35% . وبالتالي اذا فرض على علبة الفطر المحدد رسمها بنسبة 35%، رسم آخر وفق سعر 15 ألف ليرة بدلاً من 1500 ليرة، مثلاً سيطرأ على سعر العلبة زيادة في الرسم بنسبة 40% وفق سعر صرف بقيمة 37500 ليرة وفي السعر 14% فيرتفع سعرها الى70 ألف ليرة من 60 ألف ليرة وهو رقم مرتفع أصلاً”، معتبراً أن “المنتجات الغذائية المستوردة ذات الرسم الجمركي المرتفع والتي لا تكفي المنتجات المثيلة لها حاجة السوق أو لا تصنّع مثلها محلياً يجب أن تخفّض نسبة الرسم عليها عند زيادة “الجمرك” 10 اضعاف”. ولفت الى أنه “كان رئيس حكومة تصريف الأعمال وعد أنه ستتم دعوة القطاع الخاص والوزارات المعنية الى عقد اجتماع لتشكيل لجنة لمتابعة هذا الموضوع، ولم يحصل هذا الأمر لغاية اليوم فكان التنبيه من قبلنا”.
أما بالنسبة الى المواد الأولية الصناعية فأكد نائب رئيس جمعية الصناعيين اللبنانيين جورج نصراوي لـ”نداء الوطن” أنها “معفاة من “الجمارك” كونها تستخدم في الصناعة المحلية، وهذا الأمر يشكّل حماية للصناعة المحلية”، ولكن يُحكى عن خفض بعض الرسوم أو إعفائها على منتوجات مستوردة”.
وكانت وزارة الصناعة أعدّت لوائح للمنتجات التي ستعفى من الجمارك ولكن يتمّ العمل الآن على دراسة الكميات وتمّ إحصاء 200 مصنع من 6000 مصنع، لمعرفة ما اذا كانت الكميات تكفي حاجة السوق للبناء عليها. إذ إن رسم الـ10% على المستوردات يُفرض على تلك التي لا مثيل لها في السوق والصناعة الوطنية تكفي حاجة السوق، فالزيوت النباتية بكافة أنواعها على سبيل المثال تمّ استهلاك 115 ألف طن منها فيما قدرة الإنتاج هي 240 ألف طن لذلك لن يتمّ إعفاؤها من نسبة الـ10% من الرسم الجمركي.
وفي المقلب الآخر، قدّمت وزارة الصناعة اقتراحاً يقضي بإعفاء الصناعات الوطنية والآلات والمعدات من الضريبة على القيمة المضافة، ولغاية اليوم لا يزال هذا الإقتراح مجهول المصير. ولحين اتضاح الرؤية حول مصير الدولار الجمركي الذي يشكّل الشغل الشاغل للبنانيين، يبقى السؤال في حال لم يدخل حيّز التطبيق: من اين ستزيد الدولة وارداتها وتسدّد المترتّبات عليها بعد تزايد النفقات جرّاء زيادة الرواتب وكلفة النقل للموظفين العامين… هل من طباعة المزيد من الليرة؟