كتب عمر البردان في “اللواء”:
يشكل الاتفاق التاريخي بشأن ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل، والذي سيوقع عليه في الناقورة في 20 الجاري، مفصلاً بالغ الأهمية في الصراع بين لبنان وإسرائيل. وهو اتفاق ما كان ليرى النور، لولا موافقة «حزب الله» الصريحة عليه، في وقت ذهب البعض إلى القول إن الحزب كان المفاوض الأساسي عن الجانب اللبناني. وقد برز جلياً أن الأميركيين وضعوا كل ثقلهم، لإنجاح الاتفاق بين لبنان وإسرائيل، بدليل مدى الاهتمام الأميركي بالنتائج التي تحققت، وهذا ما تجلى في ما صدر عن المسؤولين الأميركيين، وفي مقدمهم الرئيس جو بايدن الذي أصدر بياناً يوضح أهمية هذا الإنجاز، غداة الاتصال الذي أجراه برئيس الجمهورية ميشال عون.
ومن شأن هذا الاهتمام الأميركي اللافت بملف الترسيم البحري بين لبنان وإسرائيل، أن يساعد لبنان على إزالة ما تبقى من عقبات، أمام استيراد الغاز والكهرباء من مصر والأردن، حيث تشير المعلومات، إلى أن توقيع اتفاق الترسيم سيدفع الأمور على صعيد الغاز المصري والكهرباء الأردنية قدماً، بما يمكن لبنان في المرحلة المقبلة من الاستفادة من هذا المشروع الذي يحتاج إلى الضوء الأميركي بالدرجة الأولى، ليتم وضعه على السكة الصحيحة.
ولا تستبعد أوساط سياسية مراقبة، أن يكون اتفاق الترسيم، قد فتح الأبواب أمام مرحلة طويلة من الاستقرار الأمني بين لبنان وإسرائيل، ما يعني استبعاد أي مواجهة على مدى السنوات المقبلة بين إسرائيل و«حزب الله»، باعتبار أن للطرفين مصلحة في بقاء الوضع هادئاً، سعياً من أجل الاستفادة من عمليات استخراج الغاز والنفط لدى البلدين. وهذا ما أشار إليه دبلوماسيون أوروبيون، مشددين على أن «حزب الله» ما كان ليوافق على الترسيم مع إسرائيل، لولا وجود ضوء أخضر إيراني شجعه على ذلك، توازياً مع حديث عن إمكانية العودة إلى مفاوضات «النووي» بين واشنطن وطهران.
وفي الوقت الذي بدأت الآمال تتراجع بولادة قريبة للحكومة، بعد رفض الحاسم الذي أبداه الرئيس المكلف نجيب ميقاتي لشروط رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل، فإن أسهم الشغور الرئاسي بدأت بالارتفاع، مع اقتراب موعد انتهاء الولاية الرئاسية، دون أن تتمكن المكونات النيابية من التوافق على اسم لانتخابه رئيساً للجمهورية. وحتى أنه داخل الفريق الواحد، ما زالت الأفكار متباعدة بشأن هذا الأمر، بحيث أن النواب التغييريين، لن يصوتوا لصالح النائب معوض في جلسة الانتخاب الرئاسية الثانية المقررة، اليوم، في حين أن قوى الموالاة ستقترع، كما الجلسة السابقة بالورقة البيضاء، في سيناريو يرجح له أن يستمر في الجلسات المقبلة.
آمال التأليف تراجعت وأسهم الشغور الرئاسي بدأت بالإرتفاع
وفيما يتوقع أن يكون مصير جلسة الانتخاب، مشابهاً للجلسة الأولى، أي فشل المجلس النيابي في انتخاب رئيس جديد للجمهورية، لا يزال الكباش دائراً بين رئيس الجمهورية ميشال عون وفريقه السياسي من جهة وبين الرئيس المكلف نجيب ميقاتي من جهة ثانية بشأن تشكيل الحكومة العتيدة، مع اقتراب ولاية العهد من الانتهاء في آخر الشهر الجاري. ويدور الخلاف كما بات معلوماً حول التغييرات التي ستطال التركيبة الحالية. ففي حين يرى الرئيس ميقاتي أن الأفضل أن يكون التعديل الذي سيطرأ على التركيبة الحكومية، محدوداً، بحيث لا يطال أكثر من وزيرين أو ثلاثة، يصر الرئيس عون وفق معلومات، على أن يكون هذا التعديل موسعاً ويطال مجموعة من الوزراء، وفقاً للتصور الذي أبلغه رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل إلى الرئيس المكلف عبر الوسطاء، وهو ما رفضه الرئيس المكلف الذي يجهد لإنجاز مهمته، قبل انتهاء ولاية الرئيس عون، مع حرصه الشديد على انتخاب رئيس للجمهورية ضمن المهلة الدستورية. وهذا ما أكده للبطريرك بشارة الراعي خلال زيارته قبل أيام إلى بكركي.
وشددت المعلومات المتوافرة لـ«اللواء»، على أن البطريركية المارونية، تدرك أن هناك من يعمل لعرقلة تأليف الحكومة، وإثقال كاهل الرئيس المكلف بالشروط، إلا في حال تمت الاستجابة لمطالبهم، دون الأخذ بمصالح اللبنانيين الذين يعانون ظروفاً بالغة الخطورة، لا يمكن التكهن بنتائجها المستقبلية، إذا لم تشكل حكومة جديدة، ويصار إلى انتخاب رئيس جديد للجمهورية ضمن المهلة الدستورية، تفادياً للشغور القاتل.
وفيما تتجه الانظار إلى التحرك المتواصل للسفير السعودي وليد بخاري على القيادات السياسية والروحية والأمنية، فإن مصادر متابعة للملف الرئاسي، تكشف لـ«اللواء»، أن هذا التحرك إنما يحظى بغطاء خليجي، لتهيئة المناخات المناسبة التي تسمح بانتخاب رئيس للجمهورية، بإمكانه أن يعيد وصل ما انقطع مع العالم العربي والمجتمع والدولي، وفي الوقت نفسه السعي من أجل التمسك باتفاق الطائف، والعمل تالياً على تنفيذ ما تبقى من بنوده، في ظل الدعم العربي والدولي لهذا الاتفاق، وعدم القبول بأي توجه لتغييره، أو تعديل بنوده.