كتبت كارين عبد النور في “نداء الوطن”:
نشوة ترسيم الحدود البحرية واقترابنا خطوة من نادي الدول النفطية حديث الساعة. لكن أسعار المحروقات على أنواعها لا تعترف بالاتفاقيات والمراسيم. فهي مستمرّة بالتحليق وحدودها غير قابلة للترسيم. وكما درجت العادة في السنوات الأخيرة، يدخل الحطب، من باب الضرورة وانتفاء الحلول الأقل تكلفة، في صلب معادلة توفير التدفئة على أبواب الشتاء. لكنه هو الآخر ليس بمتناول الجميع. فضحاياه بالجملة، وجيوب المواطنين والبيئة تأتي في رأس القائمة.
شاحنات محمّلة بأشجار السنديان والأرز والصنوبر المعمّرة، ذات الجذور الضخمة والمقطّعة للبيع، تجول في الطرقات بلا حسيب أو رقيب. جرود البقاع الشمالي وعكّار أحد مصادرها لكنها ليست الوحيدة بالتأكيد. وكأن الحرائق التي تجتاح المساحات الخضراء صيفاً لا تكفي. حرّاس الأحراج، هل من يذكرهم؟ أين هم؟ وأين الحواجز الأمنية والدوريات العسكرية؟
صفحات مواقع التواصل الاجتماعي لا تخلو بدورها من إعلانات لبيع الحطب المقطّع بأسعار تتفاوت بين صفحة وأخرى. الأمور على غاربها هناك، لا بل سمّها منافسة من نوع آخر. أكثر من ذلك. ثمة من يتحدّث عن بلديات تشرف على بيع الحطب إن لم تكن تشارك فيه بطريقة غير مباشرة. فمن يؤمّن الغطاء لذلك؟
مصلحة الأبحاث العلمية الزراعية ناشدت قيادة الجيش مؤخراً بـ»حماية الغابات والأشجار المعمّرة في محطة كفرشخنا – قيادة الشمال وعدم السماح لأي كان بقطع الأشجار المعمّرة. وعلى الرغم من اعتراض مصلحة الأبحاث على هذا الموضوع، فإنّ عملية قطع الأشجار تجري خلال الليل عند انتهاء دوام الموظفين». هي أشجار تؤدي دوراً حاسماً في تخفيف سرعة الهواء حماية للمزروعات. وهذا غيض من فيض.
طلب وفوضى
تفلّت الأسعار واضح في سوق الحطب هذا العام. معظم التجّار، كباراً وصغاراً، ممّن حاولنا الاتصال بهم لم يبدوا تجاوباً. لكن السيّد شربل صغبيني، صاحب مؤسسة لبيع الحطب في تربل البقاعية، لبّى النداء. صغبيني أكّد بداية أن الطلب ازداد عن السنة الماضية بنسبة 40% متخطّياً 100% من حجم الإنتاج، ويعود السبب إلى الارتفاع الحاد في أسعار المحروقات. نسأل عن التضارب في الأسعار، حيث إن سعر طن السنديان، مثلاً، يتراوح بحسب ما هو معروض على وسائل التواصل الاجتماعي بين 180 و250 دولاراً أميركياً، فيجيب صغبيني: «الأسعار عشوائية هذا العام، وهي تختلف باختلاف المناطق. سعر السنديان على سبيل المثال مرتفع في البقاع كونه غير متوفر في المنطقة ونتكبّد مصاريف نقله. لكننا كمؤسسة ما زلنا نسعى لبيعه بالسعر المقبول والأرخص، إذ يُفترض ألّا يتخطى الـ180 دولاراً. لكن، للأسف، تحوّلت سوق الحطب كسائر الأسواق إلى سوق سوداء خاصة وأن وزارة الزراعة لا تتدخل في تحديد الأسعار التي تُبنى على كمية العرض والطلب».
قانون ومخالفات
مدير الثروة الحرجية في وزارة الزراعة، الدكتور شادي مهنا، أشار لـ»نداء الوطن» إلى أن عمليات التشحيل والقطع والتفحيم تخضع لترخيص من الوزارة. فالتشحيل يبدأ ترخيصه من 15 أيلول وينتهي في 15 نيسان، كما يجري قبول الطلبات بدءاً من 15 تموز، وذلك لمنح المعاملة الوقت الكافي لتأخذ مسارها الإداري الصحيح وكي يقوم حرّاس الأحراج بالكشف وتقدير كمية الحطب. المعاملات تُقدَّم في مراكز الأحراج الموجودة في المناطق كافة أو يمكن التوجّه مباشرة إلى البلديات. كذلك، يحق لأي شخص – مالك عقار أو مستأجر أو ضامن لديه عقد إيجار من صاحب العقار – أن يتقدّم بالطلب. فإذا كان نوع الشجر المطلوب تشحيله مطابقاً لما يسمح به القانون، يقوم الحراس بتقدير كمية الحطب التي على أساسها تُحدَّد الرسوم وتعطى الرخصة.