تنتشر ملصقات في كل مكان بأزقة مدينة نابلس القديمة لتخلد ذكرى شبان قُتلوا في اشتباكات مع القوات الإسرائيلية، في تذكير لا مفر منه بتصاعد العنف في الضفة الغربية المحتلة خلال الأشهر الماضية.
وبعد هدوء نسبي على مدى سنوات، قُتل ما يزيد على 100 فلسطيني من الضفة الغربية هذا العام، معظمهم منذ أواخر آذار، خلال حملة قمع في أعقاب سلسلة هجمات دامية في الشوارع نفذها فلسطينيون في إسرائيل وأودت بحياة 19 شخصا.
وقُتل في مطلع هذا الأسبوع وحده أربعة فتيان فلسطينيين وجندي إسرائيلي يبلغ من العمر 18 عاما في حوادث منفصلة.
وقال إبراهيم رمضان، محافظ نابلس لرويترز “الوضع في الضفة الغربية سيئ، وهو أكثر سوءا مما كان عليه خلال السنوات الماضية”، مشيرا إلى انهيار تام لثقة الشبان الذين صاروا متشددين بسبب المواجهات اليومية مع القوات الإسرائيلية والمستوطنين الإسرائيليين.
وأضاف رمضان “هذه الأيام ليس لأحد سيطرة على المجموعات المسلحة في الشارع”.
ومن المقرر إجراء الانتخابات الإسرائيلية في الأول من تشرين الثاني المقبل. ويؤيد رئيس الوزراء يائير لابيد حل الدولتين الذي يُقِيم دولة فلسطينية مستقلة إلى جانب إسرائيل التي احتلت الضفة الغربية في حرب عام 1967.
ولكن مع التوسع المستمر للمستوطنات الإسرائيلية في مناطق تقع في قلب أي دولة مستقبلية، فقد تَقَوَّض إلى حد كبير الإيمان بالحل السياسي بين الفلسطينيين في مخيمات اللاجئين المترامية الأطراف في مدن مثل نابلس وجنين.
وقال علاء النابلسي، الذي قُتل ابنه إبراهيم (18 عاما) في اشتباك مسلح مع القوات الإسرائيلية في البلدة القديمة في التاسع من آب “الشباب الي من جيل إبراهيم ما في أمامهم أي أفق سياسي”.
بالنسبة لمعظم الناخبين الإسرائيليين، الذين يركزون بشكل أساسي على ارتفاع تكاليف المعيشة، تظهر الاستطلاعات أن القضية الفلسطينية لا تحظى باهتمام انتخابي كبير، في حين تخرج دعوات لتشديد الإجراءات الصارمة من بين المستوطنين في الضفة الغربية.
وقال يوسي داجان، رئيس مجلس المستوطنات في الضفة الغربية، خلال احتجاج يوم الأحد بعد إطلاق النار على سيارة في مستوطنة بالقرب من نابلس، “نحن في خضم موجة إرهاب من السلطة الفلسطينية الإرهابية”.
وأضاف “هذا الصباح كان في السامرة (الضفة الغربية)، وغدا سيكون في كل مكان في إسرائيل”.
ويُحمّل مسؤولون إسرائيليون السلطة الفلسطينية مسؤولية عدم السيطرة على فصائل مثل حركة الجهاد الإسلامي المرتبطة بإيران والتي كانت هدفا لضربات جوية إسرائيلية استمرت 56 ساعة على غزة في آب. غير أن سيطرة السلطة الفلسطينية على الضفة الغربية محدودة.
وتقول السلطة الفلسطينية، التي لا تحظى بشعبية كبيرة في الضفة الغربية وتواجه ضغوطا من حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) الأكثر تشددا، إن يديها مغلولة بسبب إسرائيل إذ لا يمكنها وقف العنف الذي يمارسه المستوطنون مع الفلسطينيين تحت حماية من الجيش الإسرائيلي.
لا يوجد أفق سياسي
لم يكن للكثير من النشطاء الذين تنتشر ملصقات بصورهم في البلدة القديمة ومخيمات اللاجئين، على أي حال، علاقة تذكر بالفصائل القائمة، بل كانوا ينتمون إلى مجموعات من الفصائل المتنوعة التي تحمل أسماء مثل “عرين الأسود”، ولا يوجد عنها الكثير من المعلومات الواضحة بخلاف العداء للاحتلال الإسرائيلي.
في الوقت الحالي، وبالنظر إلى الانقسامات في القيادة الفلسطينية، يتوقع البعض تكرار الانتفاضتين، في الثمانينيات وأوائل القرن الحالي، اللتين رسختا الانقسام العميق بين إسرائيل والفلسطينيين.
لكن مسؤولا مخضرما في حركة فتح، قضى سنوات في أحد السجون الإسرائيلية، قال “لا توجد بنية تحتية للمقاومة… في الانتفاضة الأولى كانت هناك جامعات ونقابات وكان المجتمع مستعدا لها”.
ويثير تصاعد العنف قلقا دوليا. وكانت الولايات المتحدة، أقرب حليف لإسرائيل، من الدول التي عبرت عن قلقها. لكن لا توجد مؤشرات تذكر الى حدوث تغير في مواقف الأحزاب الإسرائيلية الرئيسية بشأن القضية الفلسطينية قبل الانتخابات.
وفي غياب ما يشير إلى حل سياسي أوسع للصراع، فإن التركيز الرسمي ينصب على السيطرة ويلخصه التعبير المستخدم لوصف نهج الجيش “جَزّ العشب”.
وقال وزير الدفاع بيني غانتس قبل أيام “كل من يريد تنفيذ هجمات بالرصاص وقتل مدنيين إسرائيليين هو في مرمى نيراننا”.
النهار