بين قوارب الموت التي تَحَوَّلَ معها «الأزرقُ الكبير» مقبرةً جَماعيةً لبؤساء تُكتب بيأسهم مآسٍ مفتوحة على المزيد من الفواجع، وانتخاباتٍ رئاسية تجري رياحُها بما تشتهي سفينة الشغور الذي سيحلّ على قصر بعبدا وفيه ابتداءً من 1 تشرين الثاني المقبل، والمركب الحكومي الذي يُلاطِم أمواجاً متضاربة قد «يرسو معها على برٍّ» وربما يبقى هائماً في بحر تعقيداتٍ متعدّدة البُعد… 3 عناوين أرختْ بثقلها على المشهد اللبناني العائم فوق حُطامٍ مالي – اقتصادي يُخشى أن تُفاقِمَه فوضى دستورية – سياسية تكتمل معها «الوصْفة القاتلة» للبنان… الذي كان.
فبينما كان الانهماكُ داخلياً في الإحاطة بكل خفايا ومعاني البيان الثلاثي الأميركي – السعودي – الفرنسي عن الوضع في «بلاد الأرز» ومواصفاته للاستحقاق الرئاسي و«أخواته» بوصْفه لبنانيّ المنطلَق والأدواتِ وذات تأثيراتٍ على مقاربة الخارج للواقع اللبناني، وفيما كانت دار الفتوى تشهد لقاءً سنياً في شكله الذي جمع 24 من نواب هذا المكوّن (من أصل 27) ووطنياً في أجندته التي تناولت المخاطر التي يواجهها لبنان انطلاقاً من الانتخابات الرئاسية والملف الحكومي خصوصاً، لم يكن من صوت أعلى من أنين الموجوعين والمفجوعين بالمجزرة التي ذهب ضحيتها نحو 91 مهاجراً غير شرعي انطلقوا في مركبٍ من شمال لبنان كان يقلّ نحو 150 شخصاً (من لبنانيين وسوريين وفلسطينيين) وغرق قبالة طرطوس السورية ومازال نحو 50 من ركابه مفقودين.
وفيما كان أهالي ضحايا أكبر كارثة تشهدها موجات الهجرة غير الشرعية من لبنان يرصدون عدّاد الجثث التي يتم انتشالها من البحر ويرابضون على الحدود البرية مع سورية (شمالاً) بانتظار «قوافل الموت» العائدة إلى «أرض القتْل البطيء»، فإن تَحَوُّل «بلاد الأرز» منصة لـ «رحلات غير نظامية» منتظمة باتجاه شواطئ أوروبا وبقوارب تنطلق غالبيتها العظمى من شواطئ الشمال بدأ يُقارَب من زاوية سياسية يُخشى معها أن يكون ثمة «إشاحة نظر» عن تجّار البشر ونشاطهم المزدهر بخلفياتٍ تتصل بـ «تحمية» لبنان في الفترة الماضية قضية النزوح السوري ورفْع منسوب ضغطه على المجتمع الدولي لإعادتهم، كما المحاولات الضمنية لاستدراج عواصم القرار لتعويم الواقع المالي بجرعات دعم خارج «الممر الإنساني» المعروف.
وإذ استحضر البعض في هذا السياق «النموذج التركي» الذي سبق أن تَوَعَّدَ أوروبا بإرسال «ملايين» المهاجرين واللاجئين إليها بهدف الضغط لزيادة المساهمة المالية في دعم أنقرة بتحمُّل أعباء النزوح السوري، عزّز وزيرُ الشؤون الاجتماعية في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية هكتور حجار انطباع «المشكّكين» بوجود خيوط سياسية وراء تفعيل الهجرة غير الشرعية أو أقلّه تحاول «استثمارها»، إذ أعلن «حذّرنا المجتمع الدولي من عدم قدرتنا على تحمُّل عدد اللاجئين السوريين الكبير».
وقال: «سنعاني في الشتاء من أزمات متعددة وهناك احتمال كبير بزيادة عدد قوارب المهاجرين لاسيما مع قرب فصل الشتاء». وأضاف: «أبلغنا الجميع أن الوضع في لبنان خطير جداً وعلينا أن نجد حلاً للاجئين السوريين».
الرأي الكويتية