كتبت كارول سلوم في “اللواء”:
تزدحم الساحة السياسية بملفات لها طابع العجلة وأبرزها تأليف الحكومة والترسيم، وحده الإستحقاق الرئاسي ينتظر جملة معطيات متداخلة تتيح له أن يكون الرقم واحد في الحسم.. فصحيح أن الملف تحرك من خلال سلسلة اتصالات ومقاربات لكنه لا يزال يحتاج إلى أشواط من اللقاءات ، ويمكن القول أنه بدأ ينشط نوعا ما حتى ولو لم تتبلور الأسماء بعد سواء كانت أسماء من المرشحين الطبيعين أو مرشحين جدد. وها هي الكتل والأحزاب تستطلع وتستعد لإعداد اوراق مفصلة عن الانتخابات الرئاسية، أما غياب بعضها فله مبرراته.
ولا يزال الملف في بداياته لكن ذلك لا يعني أنه لن يشهد تطوراً يومياً،والبحث في الوقت الراهن منصب على المواصفات وحيثية المرشح ودوره، وبالنسبة إلى كثيرين فإن هذه الأمور أكثر من أساسية.
ومتى تألفت الحكومة، تصبح الصورة أكثر وضوحا لجهة قياس الحماسة في تحريك الملف أو تغييبه طالما أن هناك حكومة جديدة تستلم صلاحيات رئيس الجمهورية بعد انتهاء ولايته الدستورية .
اما خارجيا، فإن الاستحقاق الرئاسي يحضر في محادثات المسؤولين الذين يتابعون عن كثب مسار الأوضاع في لبنان، وهم على إدراك تام أن بعض الأسماء التي طرحت إعلاميا مقبولة لكن ليس هناك إلا قلة منها، والبعض في الداخل يعرف جيدا أن ثمة أسماء تطرح لحرقها وأن ثمة أسماء ترتفع وتخفت اسهمها مع مرور الوقت.
لا بد من الإقرار انه يصعب الجزم أن هناك شخصية متوافق عليها، فمقاربة هذا الملف لم تتعمق بعد وهناك رؤى مطروحة فقط، حتى ان عددا من الأحزاب بدأ مؤخرا بتحضير كل ما يتطلبه هذا الملف، تمهيدا لطرحها أو البحث بها.
وتقول مصادر سياسية مطلعة لـ «اللواء» أن بعض المؤشرات توحي بأن التيار الوطني الحر الذي يتمسك بحيثية التمثيل سيحارب من أجل ذلك وهو على استعداد لتكرار التجربة السابقة في الانتخابات الرئاسية، وتقول أن هناك نسبة كبيرة في عدم تأمين نصاب جلسة انتخاب الرئيس بفعل تناحر مجموعتين تمسكان بمفاصل الأمور، وخلاصة ذلك تقود أن الانتخابات الرئاسية لن تتم بالسهولة اللازمة وأن الشغور سيطول حتماً.
وتفيد المصادر أن الحراك المتصل بالإستحقاق الرئاسي يشكل موضع أخذ ورد وأن لقاء دار الفتوى غدا المقبل يفترض أن يبلور موقفاً سنياً وطنياً حيال الاستحقاق الرئاسي، ولكن ما من شيء يوحي أن دار الفتوى تحبذ الدخول في موضوع الأسماء وهذا ما عكسته مواقف مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان ، لافتة إلى أن الهدف هو توحيد الموقف السني في ظل غياب الزعامة السنية الأحادية بعد أنكفاء الرئيس سعد الحريري.
وتشير المصادر إلى ان مبادرة النواب التغييريين لم تحمل معها إلا إشارة لمواصفات الرئيس المقبل من دون طرح أسماء.
اما باقي القوى فلم تتهيأ بعد، لكنها تعقد لقاءات مع قوى أخرى وتفتح نقاشات مع من يتماشى مع توجهاتها ، وفي المحصلة لا أسماء واضحة بعد حتى أن من هم من ضمن لائحة المرشحين الطبيعيين، لم يصبحوا من ضمن الأسماء التوافقية بفعل عدة ملاحظات.
إلى ذلك، يتصدر ملفا تأليف الحكومة وترسيم الحدود الإهتمام المحلي وتتقاطع المعلومات على ايجابيتهما مع العلم أن التجارب التي طبعت التعاطي مع الاستحقاقات الرئيسية افضت إلى نتيحة تفيد ان الأمور في اللحظات الأخيرة إما أن «تخيب» أو « تصيب».
وتلفت المصادر إلى أن ملف تأليف الحكومة ينتظر عودة الرئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي من نيويورك وتشير إلى أن الطروحات لا تزال غير متماسكة وهي مجرد أفكار لن تتبلور إلا بعد عودة ميقاتي ولقائه مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وليس مستبعدا ان يتم خلاله وضع اللمسات الأخيرة على التشكيلة الحكومية، في حال رتبت الأمور للانطلاق بعدها إلى المراحل اللاحقة.
وتفيد المصادر ان كل ما يُسرب عن تبديل وزراء ليس سوى طروحات. لافتة إلى أن مسألة تبديل وزير شؤون المهجرين في الحكومة محسومة،في حين ان تبديل وزير الاقتصاد أمين سلام ليس دقيقا بعد حديث عن مصالحة تمت بينه وبين الرئيس المكلف.
وتقول انه في حال اصر الرئيس المكلف على هذا التبديل وتعيين وزير اقتصاد آخر من عكار عندها سيعمد رئيس الجمهورية الى تسمية وزير من حصته لا سيما ان الوزير سلام محسوب على رئيس الجمهورية. وهناك رغبة في عدم الانتقاص من هذه الحصة.
اما عن المعلومات التي تحدثت عن استبدال وزير المال يوسف خليل فلم تؤكدها او تنفها المصادر لا سيما ان رئيس مجلس النواب نبيه بري التقى وزير المال وكانت جلسة مصارحة.
في حين ان مسألة تبديل نائب رئيس مجلس الوزراء سعاده الشامي فغير صحيحة علما انها وردت في الاعلام على خلفية غياب الحزب القومي السوري الاجتماعي عن تركيبة مجلس النواب، وما عزز التأكيد ان تبديل الشامي لن يتم هو ما نقلته احدى الوسائل الاعلامية المقربة من الرئيس المكلف بأن تبديل الشامي غير صحيح.
وتؤكد المصادر الى ان لقاء الرئيسين عون وميقاتي سيتناول ما هو المطلوب من الحكومة في المرحلة المقبلة لا سيما ان هناك بعض القضايا والمسائل التي تحتاج الى بت قبل نهاية ولاية رئيس الجمهورية، كاشفة ان هذه الامور هي محض ادارية لكنها لا تزال عالقة.
في مجال آخر، تشدد على أن ملف الترسيم في مراحله الأخيرة،وهناك ترقب لما سيقدمه الوسيط الاميركي آموس هوكشتاين خطيا في هذا الملف والذي من المتوقع ان يُعرض على الرؤساء الثلاثة، مؤكدة أن الرغبة لا تزال قائمة في انهاء الملف قبل نهاية الشهر الحالي وبداية الشهر المقبل اي قبل الانتخابات النيابية الاسرائيلية وقبل انتهاء ولاية رئيس الجمهورية.
وتوضح ان حضور هوكشتاين ضمن الوفد الاميركي لاسيما مع وزير الخارجية الأميركي انتوني بلينكن في نيويورك يعطي دلالة على الاستعجال الاميركي في الترسيم، وهناك معلومات عن ضمانة أميركية ودولية لإتمام ذلك.
إنها زحمة استحقاقات في لبنان،وقد اضحى بعضها في الأمتار الأخيرة، فهل تتم كما يشتهيها البعض أو تخالف التوقعات بشأنها، إنها مسألة وقت لا أكثر ولا أقل.