هل يتكرّر سيناريو العودة القسرية للمعلّمين؟

كتب فؤاد بزّي في “الأخبار”:

تريد وزارة التربية من 15 أيلول أن يكون اليوم الأول في العام الدراسي المقبل، بغضّ النظر عن مطالب المعلّمين وتساؤلاتهم المشروعة عن إمكانية الوصول إلى مراكز عملهم والقيام بمهامّهم، وعن وضع الثانويات التي تعاني من شحّ موازناتها التشغيلية. أما روابط التعليم فمستمرة في خلافها، بين من يسجّل التلامذة بشكل طبيعي مثل رابطة الأساسي، وبين من “علّق” الأعمال الإدارية مثل رابطة التعليم الثانوي، التي ترى على لسان رئيستها ملوك محرز في 15 أيلول “يوماً للتوقيع على سجل الدوام بعد العطلة الصيفية، فقط لا غير”، وما سيأتي بعده له حسابات أخرى.

إذاً، لا تُحسد روابط التعليم الرسمي على موقفها مع مطلع العام الدراسي الجديد. بإعلانها تعليق الأعمال الإدارية بداية الصيف، صعدت إلى أعلى الشجرة، وجعلت من النزول عنها اليوم للحفاظ على التعليم الرسمي تنازلاً في غاية الصعوبة. علقت هذه الروابط، سيّما رابطة التعليم الثانوي، بين سندان حقوق الأساتذة وبين مطرقة الإضراب المفتوح غير المعلن حتى الآن. من جهة لم ينل المعلّمون أيّاً من مطالبهم حتى السّاعة، ورواتبهم لا تزال ثابتة بين مليونين وثلاثة ملايين ليرة، وجلّ ما تقترحه وزارتهم فتات “شحادة دولية” من الجهات المانحة لتسيير العام الدراسي كيفما اتفق. ومن جهة ثانية، تسيطر المخاوف من هجرة التلاميذ من المدارس الرسمية في حال استمرّ التوقف عن العمل.

وعليه تقف الروابط اليوم في حيرة بين آراء نقابية تطالب بتحصيل ولو بعض الحقوق لضمان “كفاف يوم الأستاذ” أقلّه، وبين ضغط الأهل والأحزاب الذين يريدون فتح المدارس الرسمية بأيّ ثمن للتخفيف من أعباء “الدولرة” شبه الشاملة في المدارس الخاصة. وسيناريو العودة القسرية مطروح بشدة، وأولى علاماته اجتماع روابط التعليم مع مسؤولي المكاتب التربوية في الأحزاب أخيراً من دون أن يصدر عنهم أي بيان. وحجج ضرب تحرّكات الأساتذة تبدأ من “طلب الرحمة بالتلاميذ الفقراء، وتنتهي بالتشكيك بصحة قبض الرواتب خلال الإضراب، مروراً بتحميل الأستاذ وتحرّكاته مسؤولية تدمير التعليم الرسمي”. وهنا يتخوّف متابعون من “مشهد مرعب”، حسب تعبيرهم، تقفل فيه الثانويات الرسمية هذه السّنة بيد الأساتذة بسبب رفع سقف المطالب عالياً من دون أن تتمكن الدولة من التجاوب، ومع فتح المدارس الخاصة أبوابها مطلع أيلول سنكون أمام هجرة تامة للتلاميذ. ويستشهدون على مدى استعداد القطاع الخاص للحلول مكان الرسمي بقيام عدد من المؤسسات فيه بعمليات توسعة، وشراء أبنية جديدة لاستيعاب القادمين الجدد.

إذاً لم يكن تعليق عمليات التسجيل أمراً محموداً، على العكس تماماً، “كان من الأجدر عدم الصعود إلى رأس الشجرة، وترك الباب موارباً كي لا نصل إلى هذا المكان” بحسب نقابي متابع، ويضيف: “كلّ تراجع من دون تحصيل مكسب خسارة لا تُعوّض، وتسمح للجهة الإدارية الرسمية (وزارة التربية هنا) بطلب تنازلات مؤلمة أكثر”. وهناك اليوم عدد لا يستهان به من الثانويات لم يلتزم بـ”تعليق الأعمال الإدارية ووقف التسجيل” ما سيفتح الباب أكثر أمام ضرب كلّ تحرّك نقابي.

وعليه فـ”الضرب تحت الحزام” سيكون الطريقة المعتمدة وذلك عبر “الطلب من مدراء ثانويات تمون عليهم جهات سياسية رافضة للإضراب فتح أبوابها والتسجيل ومن بعدها الضغط لإطلاق العام الدراسي”، وهذا ما بدأ فعلاً في منطقة بعبدا مع إرسال مدراء بعض الثانويات هناك تبليغات مفادها “يوم الخميس 15 أيلول، اليوم الأول في التسجيل”. بالإضافة إلى ذلك، فروابط التعليم دخلت في مساومات على الحقوق مع الدولة وفوّتت على نفسها مفاصل أساسية كان يمكن من خلالها تحصيل جزء من الحقوق مثل استحقاق مقاطعة الامتحانات الرسمية، عبر هذا الاستحقاق بالإمكان الإمساك بكلّ تلاميذ لبنان، ولكنّ شبح الإفادات لا يزال يحوم فوق طاولات اجتماعات الروابط ويمنعهم من استخدام هذه الورقة.

إلى رابطة التعليم الثانوي، التي فتحت اجتماعاتها هذه الفترة، على الرغم من تضعضع صفوفها باستقالة فؤاد إبراهيم، أحد أعضائها، إلا أنّ ملوك محرز رئيسة الرابطة تؤكّد “العودة إلى الأساتذة في أيّ قرار يتعلّق بالعام الدراسي”، وتضيف أنّ “المفاوضات جارية مع وزارة التربية ولا أرقام واضحة حتى الآن حول قيمة الحوافز المنتظرة من الجهات المانحة، أما الدولة فلم تقدّم أيّ جديد”. وإطلاق العام الدراسي في التعليم الرسمي من قبل وزارة التربية يُستخدم لـ”إيصال رسالة”، وترى محرز أنّه “من حق الوزارة أن تعلن ما تريد، ونحن على موقفنا المقاطع حتى الآن”، مطالبة الرابطة بـ”تخفيض دوام الأستاذ ونصابه هذه السّنة، مثله مثل الموظفين الإداريين في القطاع العام”.

شاهد أيضاً

“استقلال البلد مهدد”… باسيل: دخلنا في حرب لم يكن يجب أن نقع فيها

أكد رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل أنَّ “الحفاظ على الإستقلال هو أصعب من …