عقد في وزارة الداخلية والبلديات، ورشة عمل، برعاية وحضور وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الاعمال القاضي بسام مولوي، حول واقع السجون والاحتياجات في ظل الظروف الراهنة، وذلك في حضور المدير العام لقوى الامن الداخلي اللواء عماد عثمان وعدد من الضباط المعنيين وممثلين عن سفارات: المملكة العربية السعودية، القطرية، المصرية، الأميركية والفرنسية والألمانية والنروجية وجامعة الدول العربية، وممثلين عن الجامعات ووزارة الصحة وعدد من المنظمات الدولية والجمعيات المعنية.
وألقى الوزير مولوي كلمة قال فيها: “لم يمض على المنتدى الذي عقد في هذه القاعة بالذات أكثر من سبعة أشهر، حيث تعهدت أمامكم وأمام زملائكم بإجراء الإنتخابات النيابية في وقتها. بالفعل، كما تعهدت، حصلت هذه الإنتخابات بديموقراطية، من دون أي حادث يذكر، إن على الصعيد الأمني أو الإداري، رغم الكم الهائل من التشكيك والصعوبات على صعيد الموارد البشرية وعلى صعيد الوضع المالي والنقدي وانحسار الإمكانات، وانعدام التيار الكهربائي من شركة كهرباء لبنان، حيث أعدت الوزارة خطة لتأمينه إلى جميع مراكز الإنتخابات بالتعاون مع البلديات.
مجددا نسعى معكم اليوم، أصدقاء الوزارة، إلى العمل على تأمين المتطلبات الملحة لسجون لبنان التي تواجه تحديات الإكتظاظ، ويعاني نزلاؤها، بسبب نقص الموارد المادية، من تراجع حاد في الخدمات الطبية والإستشفائية نظرا لمحدودية المبالغ المخصصة لذلك في الموازنة وانهيار قيمة الليرة اللبنانية مقابل الدولار”.
أضاف مولوي: “تعتبر الوزارة أن تطوير منظومة السجون وأماكن الإحتجاز وبناء سجون جديدة هي أولوية على الصعيد السياسي الإستراتيجي، ولهذه الغاية تعمل بواقعية على إعادة تقييم الخطة الإستراتيجية الموضوعة في هذا الشأن والتي تتضمن إنشاء ثلاثة سجون جديدة، في ظل عدم وجود الموارد اللازمة وتراجع مالية الدولة. وفي الوقت الحالي، ترى الوزارة ضرورة اتخاذ اجراءات تكتية ضرورية لاحتواء الأزمة منعا لتدهور الأمور، هذه الإجراءات تحتاج إلى دعمكم ومساندتكم”.
على المستوى التشريعي للتخفيف من وطأة الإكتظاظ، تقدمت باقتراح قانون لتخفيض السنة السجنية إلى ستة أشهر، حيث آمل من السادة النواب إقراره في أقرب وقت. كذلك، مع إقرارنا جميعا وتأكيدنا على استقلالية السلطة القضائية، أدعو أمامكم السادة القضاة إلى سرعة البت بطلبات إخلاء السبيل وتسريع المحاكمات، رغم الظروف الصعبة التي يمرون بها، وإلى اجتراح الحلول القضائية، كذلك أدعو نقابة المحامين إلى إعادة تفعيل غرفة العمليات التي أنشئت إبان أزمة كورونا لتفعيل إخلاءات السبيل”.
وتابع مولوي: “معاناة النزلاء في سجوننا مضاعفة من جراء الأزمة، إذ تضاف إلى الإكتظاظ معاناة الطبابة والإستشفاء، إضافة إلى الحاجة الملحة لصيانة المباني وآليات السوق والإسعاف. وفي ظل استمرار انقطاع التيار الكهربائي، تبرز الحاجة إلى تأمين مصادر مستقلة ومستدامة للطاقة تغذي السجون.
اجتماعنا اليوم ليس لقضية قانونية حقوقية فحسب، بل هي قضية أخلاقٍ وضمير. نحن مؤتمنون عليها، واجبنا أن نقوم بكل ما بوسعنا لإحقاقها، وعدي لهم قاطع بذلك.لم تقصر المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي، وعلى رأسها اللواء عماد عثمان، في توفير أفضل الظروف الحياتية الممكنة للنزلاء، فأعطتهم الأولوية على عناصرها من حيث الطبابة والإستشفاء.
هذه المعاناة ليست مقتصرة على النزلاء فحسب، بل تطاول ضباط وعناصر المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي الذين يضحون في سبيل الخدمة، بحس وطني استثنائي، في ظل ظروف عمل قاسية، وفي ظل تدهور وضعهم الإقتصادي وتراجع القيمة الشرائية لرواتبهم.لم تبخل دولكم أو منظماتكم يوما في توفير الدعم للبنان، فلنجعل من اجتماعنا مناسبة لتوحيد الجهود من أجل ملاقاة الجهود الرسمية من قبل الدولة اللبنانية بدعمكم، وفق الصورة التي تناسب كلا منكم”.
وأردف مولوي: “إن إهمال هذه المشكلة قد يؤدي إلى زيادة نقمة النزلاء على الدولة وتراجع الثقة بها وبنظام العدالة في لبنان، وما قد يترتب على ذلك من تبعات إجتماعية ونفسية لدى النزلاء وذويهم، تخلف جروحا عميقة في ضمير الأمة.
أمن السجون من أمن الوطن، وهنا لا بد من الإشارة إلى حرص الحكومة ورئيسها على الحفاط على الأمن والسلم الأهلي في لبنان ومن التنويه بنجاح الأجهزة الأمنية، رغم ظروفها المادية المتردية التي لم تعد تخفى على أحد، التي تؤدي خدماتها للوطن والمواطنين بصدق المناقبيّة وشرف التضحية. وموضوع الحفاظ على الأمن سيكون على طاولة مجلس الأمن الداخلي المركزي الذي سيعقد جلسة غدا برئاستي في هذه القاعة لوضع خطط مستدامة في هذا الإطار”.
وختم مولوي: “لبنان يمر بأزمة سيخرج منها بإيمان وصبر مواطنيه، ومحبة أشقّائه العرب ووفائه لهم، هم الذين لطالما وقفوا إلى جانبه وتصدوا لمحاولة عزله عن محيطه العربي. لبنان العربي لن يخون دستوره ولن ينقلب على تاريخه.آمل أن يكون الإستحقاق الدستوري القادم مناسبة لتكريس هذه الهوية الدامغة للبنان مما يجعله يبدأ بخطوات إعادة بناء الثقة مع محيطه الطبيعي، تشبه تطلعات أبنائه الذين يهجرونه حاليا لضيق ظروف العيش فيه. لا بد أن يكون لبنان على قدر تطلعات أهل البلد”.
وقدم العقيد غسان عثمان شرحا عن واقع السجون في لبنان.