إلتهمت نيران الإنهيار المستعرة منذ 3 سنوات كل الإنجازات التي حقّقها لبنان على صعيد حماية حقوق الأطفال. هذه الفئة الهشّة التي تحتاج إلى الفرح واللعب، بقدر العناية الغذائية، الصحية والتعليمية، حُمّلت هموماً أكبر من عمرها وطاقتها، وفقدت الأمان حتى داخل جدران منازلها المتواضعة.
ووفق دراسة أولى من نوعها أعدّتها اليونيسف تحت عنوان: “تأثير الفقر المتعدد الأبعاد على الأطفال في لبنان: نظرة عامة نوعية”، يتبيّن بشكل واضح إدراك الأطفال تأثير الأزمة على حياتهم وتطلّعاتهم، وتجنّبهم طلب أشياء صغيرة. وذلك بعدما شعروا بعدم قدرة عائلاتهم على توفيرها. وقد فقد كثيرون ثقتهم بالوالدِين الذين لم يعودوا قادرين على تلبية حاجات أطفالهم. فهنيئاً للمسؤولين على تنشئة جيل فاقد للثقة والأمل ببلده.
المؤشرات السلبية استمرّت بالتحليق عالياً، حاملة على أجنحتها آمال الأطفال بالهجرة من لبنان، بوصفها الحل الوحيد للإنتهاء من مشاكلهم. وبالأرقام، أظهر تقييم اليونيسف السريع والذي يركّز على الطفل، أن:
– 84 في المئة من الأسر لا تملك ما يكفي من المال لتغطية ضروريّات الحياة.
– 38 في المئة من العائلات خفّضت نفقات التعليم مقارنة مع 26 في المئة في نيسان 2021.
– 23 في المئة من الأطفال ذهبت إلى فراشها خلال أشهر آذار ونيسان وأيار وهي جائعة.
– 60 في المئة من العائلات خفّضت الإنفاق على العلاج الصحي مقارنة بنسبة 42 في المئة في نيسان 2022.
– 70 في المئة من العائلات تسدّد حالياً كلفة شراء الطعام من خلال مراكمة الفواتير غير المدفوعة، أو عبر الإقتراض المباشر.
أخطر ما في دراسة اليونيسف الصادرة في حزيران الفائت، لا يتعلق بتسارع وتيرة الإنهيار من شهر إلى آخر فحسب، إنما إظهارها انعدام ثقة الأطفال بوطنهم. فمن استطلعت الدراسة آراءهم اعتبروا أن لبنان يوفر لهم فرصة ضيئلة جداً، ولا أمل لهم بتحسين أوضاعهم إلا بالهجرة. هذا وسجل ثلثا مقدّمي الرعاية (الاهل) تراجع الصحة النفسية لأطفالهم وزيادة الخلافات داخل العائلة.
معالجة حرمان الأطفال تتطلب، وفق توصيات اليونيسف، “تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية والمالية الحاسمة”. حيث سيكون من المهم “تعزيز الإنتعاش الاقتصادي الشامل الذي من شأنه دعم خلق فرص عمل منصفة ولائقة. وأن تترافق هذه الخطوات أيضاً، مع توسيع إمكانية الوصول إلى خدمات عالية الجودة. وهذا معناه زيادة وصول المال إلى الخدمات الاجتماعية وزيادة المساعدة الاجتماعية بشكل كبير للعائلات التي تعيش في فقر مدقع.
كما تتطلب المعالجات “تقديم المنح الاجتماعية للأسر التي تعاني نقاط ضعف معينة، كوجود كبار السن أو حالات إعاقة”. وبرأي ممثل اليونيسف في لبنان إدوارد بيجبيدر فإن المعالجات تتطلب “استجابة متعددة الأبعاد، ترتكز على تعزيز نظام الحماية الاجتماعية الذي من شأنه ضمان حماية الحقوق الأساسية للأطفال الضعفاء”.
نداء الوطن