كتبت باتريسيا جلاد في “نداء الوطن”:
مع سقوط مشروع “الكابيتال كونترول” في اللجان النيابية المشتركة، تُطرح أسئلة حول تأثير هذا الأمر على توقيع مجلس إدارة صندوق النقد الدولي على الإتفاق الذي حصل على مستوى فريق العمل في نيسان الماضي مع اللجنة اللبنانية المخولة التفاوض معه، وما اذا كان سيؤدي الى فرملة التوقيع عليه بسبب عدم إقرار مشروع قانون “الكابيتال كونترول”.
فالحكومة أصرّت ومعها بعض المؤيدين لا سيما النائب جبران باسيل الذي فاجأ زملاءه في مجلس النواب في مطالبته بتمرير هذا المشروع “كيف ما كان”، بحجة أنه ضرورة لا بد منها في الأزمات المالية ولو جاء متأخراً خصوصاً وأنه مطلب من صندوق النقد الدولي.
هذه الحجة يبدو أنها جاءت في غير محلّها، اذ أكّد نائب رئيس مجلس الوزراء السابق غسان حاصباني لـ”نداء الوطن” انه “ليس صحيحاً أنه شرط أساسي لتوقيع مجلس إدارة صندوق النقد على اتفاق فريق العمل”، بل على العكس سبق أن صرّحت ادارة الصندوق سابقاً أنه يتمّ إقرار مشروع “الكابيتال كونترول” عادة فور اندلاع الأزمات المالية لتشريع وقف المصارف عمليات التحويل الى الخارج، وكي يكون عملها قانونياً ولفترة محددة، واليوم لبنان ليس في أشدّ الحاجة اليه بعد 3 سنوات على بدء الأزمة المالية ولكن يجب أن يترافق مع خطة شاملة للتعافي”، وأشار الى أن “الحكومة تقدّم مشاريع قوانين منقوصة بذريعة انها مطلوبة من صندوق النقد من دون تسلسل او ترابط في ما بينها، أو بينها وبين خطة متكاملة للتعافي”.
وأورد حاصباني “النقاط الأساسية” التي يجب التوقف عندها “لفهم سبب عدم موافقة الغالبية على مشروع قانون الكابيتال كونترول”، وهي:
– الحكومة لم تتفق نهائياً حتى الآن على خطة تعافٍ وإجراء مقاربة لحفظ حقوق المودعين. والخطة الأخيرة كان قد عدل عنها رئيس حكومة تصريف الأعمال في اجتماعه الأخير مع لجنة المال والموازنة في 30 حزيران الفائت، ولم يقدّم بديلاً لها حتى الآن أو يترجمها بمشاريع قوانين.
– “الكابيتال كونترول” يأتي عادة في الأيام الأولى للأزمة وتتبعه خلال ايام او اسابيع خطة شاملة للحلول المطروحة كما حصل في بلدان أخرى لمنع السحوبات.
– لا يأتي “الكابيتال كونترول” بعد 3 سنوات ليحمي المصارف التي حجزت الأموال بمفعول رجعي ويحجز ما تبقى من الودائع من دون طرح خريطة طريق لاعادة الحقوق للمودعين في مهلة زمنية معينة.
– قدّمت الحكومة موازنة تخلو من المواد الاصلاحية ولم ترتكز على سعر موحد للدولار وهي غير قابلة للاقرار او التطبيق، فأحالتها لجنة المال والموازنة الى الهيئة العامة من دون اقرار.
– قانون رفع السرية المصرفية شكلي، علماً ان هناك أكثر من قانون يرفع السرية المصرفية في حالات كثيرة من دون فتح الباب للابتزاز، ورغم ذلك لم يوقعه رئيس الجمهورية.
– قانون “الكابيتال كونترول” يعطي سلطة استنسابية للجنة لتتخذ قراراً حول من يمكنه السحب والتحويل وبأي كمية، ويحمي المصارف من دون اي أفق للمودعين.
– عدم إعداد قانون او مقاربة بسلة قوانين لاعادة هيكلة المصارف.
وأضاف حاصباني: “كل هذا وما زال هناك من يحاول ان يمرّر تهريبات تشريعية ويغطيها ساعة بحجج السياسة وساعة بالحاح صندوق النقد”، مشدداً إنطلاقاً من هذه المعطيات على أن “تمرير قوانين تدميرية لا اصلاحية، بحجة انها مطلوبة من جهات خارجية امر استخدمته السلطة لسنوات عديدة وهو جزء مما اوصل البلاد الى ما وصلت اليه”. معتبراً أن “الكابيتال كونترول بلا خطة تعاف يحمي المصارف على حساب المودعين”.
وسأل: “لماذا إصرار بعض الجهات السياسية على تمرير اي نص لقانون “الكابيتال كونترول” حتى ولو بسطر واحد؟ ولماذا إصرار البعض على حماية المصارف ضد الدعاوى وعدم الاكتراث لحقوق المودعين؟ ولماذا اصرار البعض وفجأة، على الدفاع عمّا تبقى من احتياطيات في المصارف؟ هل لاستخدامها في استمرار سياسة الدعم العشوائية والاستمرار بتغطية كلفة الفيول المهدور في الكهرباء وامور أخرى من اموال المودعين، من دون تقديم أي خطة إصلاحية بالمقابل؟”. لافتاً الى أن “باسيل حاول تمرير مشروع القانون بأي صيغة كانت وبغض النظر عن حقوق المودعين، لكنه فشل في جلسة اللجان المشتركة”.