الدولار الجمركي: صراعٌ على “هدم” ما تبقّى من الإقتصاد

كتب خالد أبو شقرا في “نداء الوطن”:

أغرقت المنظومة البلد والمواطنين في “دوّامة” الدولار الجمركي منذ منتصف العام 2021. الكل يريده، ولا أحد يجرؤ على تحمل مسؤولية إقراره منفرداً. الحكومتان المتعاقبتان منذ بدء الانهيار أدارتا “العين العمياء” للقانون 93 المقر في 10/10/2018، والذي يمنح الحكومة حق التشريع في الحقل الجمركي لمدة 5 سنوات بمراسيم تتخذ في مجلس الوزراء. أما في ما يتعلق بالتعرفات الجمركية فالحكومة مفوضة بإنابة المجلس الاعلى للجمارك أن يمارس هذا الدور، وذلك بالنظر لطابع السرعة الذي تتسم به التشريعات الجمركية. فلماذا كل هذا اللف والدوران؟ ولمصلحة من تأخير الاقرار، إن كان أمراً محتوماً، لا مفر منه في النهاية؟

في الاشهر الاثني عشر الماضية، أي بين آب 2021 وآب الحالي، ازداد الاستيراد بكميات كبيرة، تتناقض ووقوع 80 في المئة من اللبنانيين تحت خط الفقر. قيمة المستوردات فاقت 13 مليار دولار لغاية نهاية 2021، وهو ما رأت فيه أوساط متابعة “مؤشراً خطيراً يدل على شراء كميات كبيرة من السلع تحسباً لرفع الدولار الجمركي، والعمل على تخزينها، لتحقيق الربح الوفير بعد إقراره. الامر الذي يفوت استفادة الدولة من مفاعيل هذه الضريبة المرهقة على المواطنين أقلّه لمدة سنة”. ووفق المصدر، فإن “التجار الذين تملّصوا من تخفيض أسعارهم طوال السنوات الثلاث الماضية، رغم بقاء معظم أكلافهم، ومنها الجمركية، على أساس 1500 ليرة، سيضيفون التعرفة الجديدة على الأسعار ما يؤدي إلى ارتفاعها بشكل كبير جداً”.

الحكومة التي أحالت مرسوم اعتماد الدولار الجمركي على سعر صيرفة إلى رئيس الجمهورية لتوقيعه، عادت لتخفّض الرقم في جلسة أول من أمس غير الرسمية إلى 20 ألف ليرة. وفي الحالتين فإن “أعباءه ستكون كبيرة على المواطنين، ولو أن هناك وعوداً بعدم شمله المواد الاستهلاكية الاساسية”، وفق المصدر، العيش الكريم لا يمكن اختصاره بأساسيات الغذاء “والكثير من السلع المفروضة عليها التعرفة الجديدة بصفتها كمالية، هي أساسية ولا يمكن الاستغناء عنها حتى بالنسبة للمواطن الفقير. ومع تراجع الطلب على الكثير من السلع والعلامات التجارية نتيجة العجز عن الشراء، ستُفقد من لبنان وسيتحتم على كل الموجودين تغيير نمط عيشهم”.

التعرفة الجمركية المنتظر منها تحقيق ايرادات بآلاف مليارات الليرات (بين 4 آلاف و10 آلاف مليار ليرة) لن تكون على قدر التوقعات. فمن جهة تؤدي زيادة الضرائب في زمن الانكماش إلى تجاوز “سقف التحصيل الاقصى لمنحنى لافر”. بمعنى أن الايرادات ستتراجع لسببين الاول يتعلق بتراجع الاستهلاك، والثاني لزيادة التهرب الضريبي والتهريب عبر عشرات المعابر غير الشرعية. وبذلك سترهق هذه “الضريبة” الاقتصاد، تحد من نموه وتهبط بمستوى عيش اللبنانيين من دون أن تحقق المبتغى منها. ولا سيما أنها تأتي منفردة بمعزل عن بقية الاجراءات التصحيحية المطلوبة في الاجور والسحوبات المصرفية التي ما زالت على سعر 8000 ليرة. ومن دون إلغاء الاعفاءات التي تتمتع بها بعض الجمعيات التابعة للأحزاب الدينية.

شاهد أيضاً

وزارة الاقتصاد والتجارة تعلن عن بدء إنجاز معاملات الاستيراد والتصدير إلكترونيًا

أصدرت وزارة الاقتصاد والتجارة، بتوجيهات من الوزير أمين سلام، بيانًا أعلنت فيه عن بدء استقبال …