كتبت منال زعيتر في “اللواء”:
قد يكون رئيس الجمهورية ميشال عون صادقاً في قوله انه سيترك قصر بعبدا في ٣١ تشرين الاول ٢٠٢٢ تاريخ انتهاء ولايته وهذا الكلام نقلاً عن اقرب حلفائه اي حزب الله، ولكن لتكتمل هذه الصيغة فقد اشترط الرئيس العنيد ان يسلم بعبدا لحكومة بصلاحيات كاملة كي تستطيع سد الفراغ الرئاسي في حال تأخر انتخاب رئيس جديد للجمهورية… عمليا يمكن اختصار كلام عون الذي ابلغه لحزب الله وللفرنسيين «بأنه باق في قصر بعبدا ما لم يتم تشكيل حكومة جديدة».
حجة العونيين الجاهزة، انه لا يجوز ان تجري الانتخابات النيابية في موعدها ولا يتم تشكيل حكومة منبثقة عنها، اكثر من ذلك يجزم جهابذة القانون العونيين انه لا يمكن دستوريا ان تتسلم حكومة تصريف الاعمال ادارة البلد في حال تاخر انتخاب رئيس جديد للجمهورية، فهذا يعد تجاوزا فاضحا للدستور لن نقبل به.
وما يزيد الطين بلة ان التيار الحر برئاسة جبران باسيل قد استبق سلفا اية فتوى دستورية تجيز اعادة تعويم حكومة تصريف الاعمال، وتحويلها لحكومة اصيلة بابلاغ المعنيين رفضه لهذه «الهرطقات الدستورية» كما وصفها، والتي تستبيح اولا واخيرا الصلاحيات الرئاسية وتسيء للموقع المسيحي الاول في البلد…هنا، تاتي زيارة باسيل للديمان ضمن هذا السياق ، وقد سرب قيادي في الصف الاول في التيار الحر بأن البطريرك مار بشارة بطرس الراعي ابدى تفهما كاملا لموقف باسيل وتاييدا له، وعلى ذمته، فان الراعي بصدد الدعوة للقاء موسع للاقطاب المسيحيين لتامين الغطاء المسيحي الكامل لعون.
على ان الوقع المدوي للرسائل العونية فعل فعله…عاد رئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي الى قصر بعبدا للبحث في مخرج لتشكيل الحكومة قبل ان يقع «الفأس بالراس»، ولكن من قال، والكلام لمصادر قيادية في الثنائي الوطني، ان تشكيل الحكومة قد يكون بالسهولة التي يروج لها المعنيون، لا سيما وان الشروط المطروحة لتسهيل تاليفها تشمل تضمينها وزراء سياسيين من الصف الاول يمثلون مختلف القوى السياسية في البلد، وهنا جوهر المشكلة فالرئيس المكلف رافض حتى اللحظة تشكيل حكومة «وجع راس» كما سماها امام زواره ، وهناك معارضة خارجية لهكذا نوع من الحكومات واصرار على انتخاب رئيس جديد للجمهورية.
واكدت المصادر القيادية اننا ذاهبون الى ازمة كبيرة وصعبة في لبنان: «عون لن يترك القصر ما لم تتشكل حكومة اصيلة»، وقد ابلغنا التيار الحر بذلك ، ويبدو واضحا، والكلام للمصادر، ان هناك استحالة للاتفاق على تشكيل الحكومة التي بات جليا انها ستتولى عمليا مهام الرئاسة الاولى، لاستحالة الاتفاق ايضا على رئيس جديد للجمهورية بسبب الانقسام الحاد داخل الصف المسيحي، وبين القوى الاساسية في البلد.
وفي دفاع واضح عن عون وموقفه، لفتت المصادر الى ان عون كان صادقا حين اكد اكثر من مرة رغبته بعدم البقاء يوما واحدا بعد انتهاء ولايته، ولكن اي تغيير في موقفه لجهة ممانعته ترك القصر وتسليم حكومة تصريف الاعمال ادارة امور البلد ياتي «من زاوية دستورية بحت».
ومما تقدم، ثمة اسئلة اساسية هنا لا بد من الاجابة عليها لفهم حقيقة ما يحصل:
اولا: ماذا يعني ان يؤكد قيادي من الصف الاول في الثنائي الوطني، ولو بشكل غير صريح، موافقة ضمنية على عدم احقية ودستورية ان تتسلم حكومة تصريف الاعمال مهام الرئاسة الاولى، وهل هذا يعني تقديم حزب الله لعون في نهاية عهده نفس الدعم الذي قدمه له قبل وبعد انتخابه رئيسا؟
ثانيا: هل السعي الحثيث والمستجد لتشكيل الحكومة يعني اننا ذاهبون الى فراغ رئاسي طويل؟
ثالثا: هل نحن ذاهبون، عن سابق تصور وتصميم، الى ازمة دستورية في البلد تبدأ بممانعة عون ترك قصر بعبدا في مشهد شبيه بما حدث في ١٩٨٨، وتؤدي في نهاية المطاف الى عقد طاولة حوار مفتوحة لاعادة النظر في النظام السياسي القائم؟