تناقل ناشطون عبر مواقع التواصل الاجتماعي مجموعة من الصور النادرة لإهراءات مرفأ بيروت خلال مرحلة بنائها في ستينيات القرن الماضي.
وأخذت هذه الصور من كُتيبٍ عن الصوامع بعنوان “صوامع الحبوب من ميناء بيروت”، والتي تعتبر من أكبر الإهراءات في الشرق الأوسط.
مرفأ بيروت.. 35 قرناً من الخدمة
ويفتخر الموقع الإلكتروني لميناء بيروت، بعراقته ورحلته على مدى 35 قرناً عبر التاريخ، منذ بدايات المدينة في القرن الخامس عشر قبل الميلاد بحسب مراسلات فرعونية – فينيقية، مروراً بالعصرين الروماني والأموي وتحوله إلى مركز تجاري مهم، حتى أصبحت مقر أول الأساطيل العربية.
وعلى مدى العصور، استمر دور المرفأ في التعاظم كمركز تجاري وسياحي إلى أن أُنشئ بصورته الحديثة، أواخر القرن التاسع عشر.
وفي العام 1887، منح امتياز الميناء لشركة عثمانية، ولاحقاً شهد المرفأ عدداً من الأعمال الإنشائية التي استهدفت تطويره، بينها إقامة سد بحري لتوسيعه، كما يذكر موقعه الرسمي.
وشهد عام 1894 انتهاء أعمال إنشاء مرفأ بيروت وأقيمت الاحتفالات، لكن موقع المرفأ لا يشير إلى تشييد أو تطوير صوامع القمح في تلك الأثناء.
المثير للدهشة، أنه يمكن تتبُّع قصة تلك الصوامع في مكان آخر مختلف كلياً وغير متوقع، وهو موقع الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية.
إنشاء الصوامع
في القسم (3) المختص بالمشاريع قيد البحث، ضمن العدد السادس من التقارير السنوية للصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية، والمؤرخ بتاريخ 1967-1968، يمكن رصد “مشروع إنشاء صوامع للحبوب في مرفأ بيروت”.
هل تعاني من ألم المفاصل؟ للتخلص من الألم في مدة قصيرة انقر فوق!
ويذكر الصندوق في تقريره أن لبنان “لا يمتلك صوامع حديثة لتخزين الحبوب وتيسير تفريغها، ما دفع الحكومة آنذاك للتفكير في مشروع إنشاء الصوامع، ضمن أعمال أخرى خاصة بتدعيم المرفأ وتوسيع إمكاناته”.
وحدد التقرير أن سعة الصوامع المُزمع تشييدها تصل إلى 105 آلاف طن، بتكلفة إجمالية تصل إلى 2.25 مليون دينار كويتي، 50% منها بالنقد الأجنبي، لتصبح من أوائل الصوامع في شرق البحر المتوسط، ما يسهم في تشجيع تجارة الحبوب عبر لبنان.
وعلى الرغم من التفاصيل المُتعلقة بتدشين صوامع الحبوب في المرفأ أواخر ستينات القرن الماضي، فإن البعض يشير إلى أن الصرح العملاق بُني في أواخر القرن التاسع عشر، إبان تطوير المرفأ في عهد السلطة العثمانية. إلا أن أرشيف الرسوم التوثيقية والصور الفوتوغرافية يُساعد على التحقق من تلك المزاعم.
منذ عام 1875، حظي مرفأ بيروت العريق بفرص لتوثيق مراحل تطوره عن طريق الرسوم، التي جاء أغلبها تعبيرياً، يعكس المظاهر الطبيعية الممتدة أكثر مما يصّور المرافق والمنشآت.
ومع نهايات القرن التاسع عشر، بدأت شعبية التصوير الفوتوغرافي تتسع ليظهر مرفأ بيروت مكتظاً بالمسافرين الحاملين مظلاتهم وأمتعتهم، إضافة إلى ظهور مبانٍ خشبية عتيقة الطراز. وفي لقطات أخرى، تظهر قوارب مصطفة، وعمال ينقلون حاويات وصناديق. وعلى امتداد الأفق، لا يمكن رصد أي مبنى شاهق أو بارز يماثل ارتفاع صوامع حبوب مرفأ بيروت كما نألفها، وكما صمدت حتى لحظات الانفجار.
ويتكرر الأمر مع الصور المُلتقطة أوائل القرن العشرين: قوارب شراعية، وسفن كبيرة، ومنازل من طوابق متعددة وأسقف خشبية على امتداد البصر، استمر ظهورها في معظم اللقطات التي ترصد ملامح المدينة من المرسى حتى خمسينات القرن الماضي.
أما صوامع القمح الشاهقة، فلم تظهر إلا في النصف الثاني من القرن العشرين، بعد عام 1967 الذي يظهر المرفأ خلاله خالياً من الصوامع التي تظهر جلية في صورة مُلتقطة من على سطح مركب بالميناء في عام 1984، وتعود حقوقها لمؤسسة موندادوري الايطالية
صورٌ توثق إعمار صوامع مرفأ بيروت