ملف اللاجئين السوريين زوبعة في فنجان والتوطين غير وارد …إسألوا الهاربين في قوارب الموت!

على غرار الملفات الشعبوية الساخنة التي تطفو على سطح الأولويات الداخلية وتتقدم على ملف الأزمات السياسية والإقتصادية والأمنية والإستحقاقات الدستورية، عاد ملف اللاجئين السوريين ليتقدم على باقي اهتمامات المباحثات التي يجريها رئيس الجمهورية ميشال عون ويخصص له مكانة على برنامج لقاءاته مع مسؤولين أمميين في منظمات دولية تعنى بشؤون اللاجئين السوريين. آخر الكلام كان بتبني عون برنامج وزير المهجرين في حكومة تصريف الأعمال عصام شرف الدين الذي يقوم على التنسيق مع الدولة السورية لضمان عودة قرابة الـ 200 الف نازح سنوياً، “خصوصا ان هناك توجها لتوطين النازحين السوريين في لبنان وهذا الأمر غير مقبول على الإطلاق” بحسب شرف الدين. والمثير للريبة أن الأخير لم يطلع البطريركية المارونية على خطة البرنامج حتى أنه لا يعلم إن أيدت البطريركية خطته، “الا أن الأكيد أن رئاسة الجمهورية تؤيدها وتدعمها ورئيس الجمهورية مطلع على كل التفاصيل”. وهذا هو الأهم كما يبدو. والأكثر ريبة أن شرف الدين مصر على التمييز بين النازح واللاجئ علما أن صفة نازح لا تنطبق إلا على الأشخاص الذين يغادرون بيتهم وأرضهم إلى مكان آخر لكن ضمن حدود بلدهم والصفة الرسمية المعتمدة للسوريين الذي اجتازوا الحدود منذ اندلاع الحرب في سوريا عام 2011 حتى اليوم هي لاجئ.

رد مفوضية شؤون اللاجئين الأولي الذي تلقاه علم الدين برفض عودة النازحين الى سوريا أقفل الباب على مطلب إعادة حوالى 20 ألف لاجئ سوري إلى بيوتهم وقراهم وعدم الموافقة على تقديم المساعدات المالية والعينية على الاراضي السورية بحسب خطة علم الدين وهذا ما فسره الأخير بأنه يشجع النازحين على البقاء في لبنان كما رفضت المفوضية موضوع اللجنة الثلاثية بين لبنان وسوريا.

خطة شرف الدين ليست الأولى ولن تكون آخر المطاف، إذ سبق وأعد وزير الدولة لشؤون النازحين السوريين معين المرعبي خططا عملانية ارتكزت على دراسات وأرقام ولو جرى النظر بها لكنا اليوم أمام واقع صفر لاجئين باستثناء الذين لا تزال عودتهم تشكل خطراً على حياتهم . ويرد مسألة إعادة تعويم هذا الملف في هذا التوقيت إلى عملية وضع الدول موازنات خاصة باللاجئين واتخاذ قرارات في شأنهم. “لكن المؤسف أن الدولة وكما العادة لا تملك خطة كاملة وهي إن وُجدت تكون بمثابة خطة ربع الساعة الأخيرة”.

ويؤكد المرعبي عبر “المركزية” أن لا رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي ولا اللجنة الوزارية الخاصة بملف اللاجئين السوريين “قد الكلام” الذي يصدر عنهم. ويحمل مسؤولية عدم التعاطي بجدية مع هذا الملف “للنائب جبران باسيل الذي وصل به الأمر إلى عدم إعطاء تأشيرات دخول إلى أعضاء المفوضية العليا واتهامها بأنها تعمل على توطين اللاجئين السوريين”. ويلفت إلى أنه كان أول وزير دولة يضع خطة لعودة اللاجئين السوريين إلى بيوتهم وقراهم “وكانت هناك بشائر أمل في الموافقة عليها إلا أن باسيل عمل على إقفال الأبواب ولا يزال يناور لعدم وضع خطة”.

الوزير الخلف للمرعبي صالح الغريب وضع بدوره خطة ” لكنها تضمنت برنامجا يقوم على تسليم الضحية إلى الجلاد..كيف لا وهو حليف النظام”. يضيف المرعبي” وفي وقت كانت حكومات كل من تركيا والأردن تعد الخطط للتخفيف من عبء اللاجئين إلى أراضيهم كان لبنان يسعى إلى تبني نفس الخطة لكن لم يتحقق منها شيء لأسباب أكثر من معروفة. فهم يريدون تسليم اللاجئين إلى النظام وهذا ما حصل مع غالبية السوريين الذين عادوا إلى قراهم.وأشهد أن من عاد تعرض إما للخطف أو أجبِرَ على الإلتحاق بجماعات الأسد ونهبت أموالهم وأراضيهم . وحتى اليوم لا تزال هناك عمليات تهجير ممنهجة إلى الداخل اللبناني. صحيح أنها ليست بحجم حركة التهجير التي كانت قائمة سابقا لكنها لا تزال تحصل.من هنا يفترض وقف عمليات التهجير قبل البحث بإمكانية عودة اللاجئين السوريين إلى قراهم وبيوتهم”.

ويكشف المرعبي عن مضمون مذكرة سلمها اللاجئون السوريون عام 2017 موقعة من 300 لاجئ سوري إلى الدولة اللبنانية وتتضمن استعداهم العودة إلى القلمون والحدود الشمالية والشرقية شرط عدم تعريض حياتهم وأراضيهم وبيوتهم لأي خطر من قبل النظام وحزب الله . كما أبدوا استعداداً للإنتقال إلى جرابلس على الحدود السورية -التركية إلا أن الحكومة التركية أبلغتنا رفضها عبر سفيرها في لبنان على اعتبار أن هذه الخطوة تشكل عملية تقطيع للجذور”.

“حتى اللحظة لا شيء تغير. فالنظام لا يزال يسيطر على أراضي اللاجئين ويحتل منازلهم. فعلى أي أساس سيعودون”. يسأل المرعبي ويضيف” خطوة واحدة يمكن تطبيقها ومن شأنها أن تساهم في حل جزء من أزمة اللاجئين وتتمثل بشطب إسم كل لاجئ سوري يدخل الأراضي السورية ويعود إلى لبنان عن لوائح اللاجئين .وينفي وجود أي خطة لتوطين السوريين في لبنان “الفكرة غير واردة والدليل قوارب الموت التي تقل يوميا عائلات من اللاجئين السوريين وهم مستعدون للموت على البقاء في لبنان. وأي كلام خارج حدود هذا المنطق يصب في إطار الشعبوية ويبقى بمثابة زوبعة في فنجان ” يختم المرعبي.

المركزية

شاهد أيضاً

“استقلال البلد مهدد”… باسيل: دخلنا في حرب لم يكن يجب أن نقع فيها

أكد رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل أنَّ “الحفاظ على الإستقلال هو أصعب من …