أصدر الرئيس التونسي قيس سعيّد في وقت متأخر من مساء الخميس قرارا بنشر مشروع الدستور الجديد للجمهورية التونسية الذي يمنح الرئيس صلاحيات واسعة، ويعيد إرساء النظام الرئاسي الذي كان قائما قبل الثورة، ومن المقرر أن تعرض هذه المسودة على الاستفتاء في 25 تموز.
وقد نص مشروع الدستور، الذي نشر في الجريدة الرسمية وتضمن 142 مادة، على أن يتولى رئيس الجمهورية السلطة التنفيذية، وهو النظام الذي يعرف دوليا باسم النظام الرئاسي، في حين أنه كان نظاما شبه برلماني في دستور 2014، كما وينص مشروع الدستور الجديد على صلاحية رئيس الجمهورية بتعيين رئيس الحكومة وبقية أعضائها وإنهاء مهامهم، وتتضمن صلاحيات الرئيس إسناد الوظائف العليا المدنية والعسكرية في الدولة باقتراح من رئيس الحكومة، إضافة إلى تسمية القضاة بترشيح من مجلس القضاء الأعلى.
وينص مشروع الدستور الجديد على تمتع الرئيس بالحصانة طيلة رئاسته وعدم جواز مساءلته عن الأعمال التي قام بها في إطار أداء مهامه.
وبحسب مسودة الدستور المقترح، فإن سعيد سيواصل الحكم بمراسيم لحين تشكيل برلمان جديد من خلال انتخابات من المتوقع أن تُجرى في كانون الأول المقبل.
وسيسمح الدستور الجديد للرئيس بطرح مشاريع قوانين وبأن يكون مسؤولا دون غيره عن اقتراح المعاهدات ووضع ميزانيات الدولة، كما سينشئ الدستور هيئة جديدة تسمى “المجلس الوطني للجهات والأقاليم”، ستكون بمثابة غرفة ثانية للبرلمان.
وفي مقابل توسيع سلطات الرئيس، تقلّص مسودة الدستور الجديد إلى حد بعيد صلاحيات البرلمان.
وبخلاف ما كان في دستور 2014، لم يتم التنصيص في الفصل الأول من مشروع الدستور الجديد على أن تونس دينها الإسلام، وبدلا من ذلك تنص المادة الأولى فيه على أن “تونس دولة حرة مستقلة ذات سيادة”.
وتنص المادة الخامسة من المسودة التي ستطرح للاستفتاء على أن “تونس جزء من الأمة الإسلامية، وعلى الدولة وحدها أن تعمل على تحقيق مقاصد الإسلام الحنيف في الحفاظ على النّفس والعرض والمال والدين والحرية”.
أما المادة السادسة فتنص على أن “تونس جزء من الأمة العربية واللغة الرسمية هي اللغة العربية”، في حين ورد في المادة السابعة أن “الجمهورية التونسية جزء من المغرب العربي الكبير تعمل على تحقيق وحدته في نطاق المصلحة المشتركة”.
يذكر أن الرئيس التونسي كان قد تسلم قبل نحو أسبوع مشروع دستور صاغته لجنة استشارية يرأسها الصادق بلعيد، وهو أستاذ قانون دستوري، ويعد من الداعمين للرئيس.
وفي المرسوم الذي أصدره هذا العام، الخاص بإجراء الاستفتاء، لم يحدد سعيد أي حد أدنى للمشاركة حتى يكون التصويت على النظام السياسي المستقبلي لتونس صحيحا.
وكان سعيد قد اتخذ في 25 تموز من العام الماضي إجراءات استثنائية شملت حل الحكومة وتعليق أعمال البرلمان ثم حله لاحقا، وهو يعتبر أن هذه الإجراءات تهدف لإنقاذ البلاد، في حين يتهمه خصومه بالانقلاب على الدستور وتقويض المسار الديمقراطي الذي انطلق عام 2011.
وقبل ساعات من نشر مشروع الدستور الجديد، أعلن فاروق بوعسكر رئيس هيئة الانتخابات أن الهيئة جاهزة لتنظيم الاستفتاء على الدستور، مضيفاً إنه تم الانتهاء من تعيين رؤساء الهيئات الفرعية في الداخل والخارج، وأشار إلى أنه تم انتداب 84 ألف موظف للإشراف على الاستفتاء على الدستور.
وأرجع بوعسكر الزيادة في عدد الموظفين إلى زيادة عدد ساعات الاقتراع خلال الاستفتاء، حيث ستنطلق عملية الاقتراع السادسة صباحا وتنتهي العاشرة مساء بينما كانت في السابق تنطلق الثامنة صباحا وتنتهي السادسة مساء.
ووفقا لهيئة الانتخابات، فقد ارتفع عدد الناخبين المسجلين إلى 9 ملايين و296 ألف ناخب.