كتب عيسى يحيى في “نداء الوطن”:
إستفحلت أزمة الخبز في بعلبك الهرمل بعد إقفال فرن من أصل اثنين كانا يعملان لتلبية حاجات أهل المنطقة، وتُرِك الناس في مهبّ البحث عن بدائل وتأمين لقمة العيش وسط صمت وغياب النواب والمسؤولين عن الذل الذي يتعرّض له الناس هنا.
فقدت أبسط مقوّمات العيش وبات رغيف الخبز صعب المنال، يفتقده أهالي بعلبك الهرمل كما فقدوا الكثير من الحاجات منذ بدء الأزمة التي يعيشونها، يحجزون أدوارهم في طوابير الذل أمام الأفران في مشهدٍ تكرر سابقاً مع المحروقات والمواد الغذائية المدعومة، يقصدون الفرن الوحيد الذي يعمل في بعلبك وسط السوق التجارية ليل نهار تلبيةً لحاجاتهم التي تفوق قدرته، فهو لا يستطيع أن يلبي طلبات أكثر من ستمئة ألف نسمة على امتداد المحافظة بالتزامن مع توقف توزيع الخبز على المحال والسوبرماركت، وفي حين كانت أفران شمسين على مدخل مدينة بعلبك الجنوبي تستوعب القسم الأكبر من الناس على اختلاف بلداتهم وقراهم، توقفت عن صناعة الخبز المخصص للأكل بسبب نفاد الطحين وأبقت على باقي الأصناف لحين تأمين حاجتها من الطحين لتعود إلى عملها.
سوء الحال الذي تعانيه المحافظة في تأمين الرغيف وسط غيابٍ تام للمسؤولين عنها بالمطالبة بالطحين المدعوم الذي يكفي لشهر وفق تصريحات وزارة الإقتصاد، دفع بالناس للتوجه الى شراء خبز التنور الذي ارتفعت فيه سعر الربطة إلى ثلاثين ألفاً يوم أمس، غير أن الحاجة دفعت بالمواطنين إلى شرائه، في وقتٍ عادت العائلات بمعظمها إلى عاداتها وتقاليدها من خلال إعداد الخبز المنزلي على صاج الحطب والغاز، وتفادياً للذل في الطوابير وعدم تأمين حاجات الأطفال من الطعام، بدأت ربّات العديد من المنازل تحضير الخبز بعد أن قمن بشراء الطحين كلٌ حسب قدرة ربّ عائلتها، ومع فقدان الطحين في الأفران استغل بعض التجار والبائعين الحاجة فارتفع سعر «الشوال» منه إلى مليون وأربعمئة ألف إن وجد وهو يكفي لشهرٍ واحد لعائلة مكونة من ستة أشخاص، وتشير إحدى السيدات لـ»نداء الوطن» والتي صادفنا وجودها تشتري من أحد المحال الطحين بالكيلو إلى أنه مهما ارتفع سعر كيلو الطحين يبقى أوفر من خبز الأفران، ونحن لا نستطيع أن نقف متفرجين على جوع أولادنا دون تأمين الخبز، وعليه بدأت بتحضيره في المنزل على صاج الحطب نظراً لغلاء سعر الغاز أيضاً.
وبالتزامن نظم عدد من الأهالي في مدينة بعلبك مسيرة احتجاج على أزمة الخبر وانقطاع الكهرباء والمياه انطلقت من أمام بلدية بعلبك في ساحة السراي، وجابت الأسواق، بمشاركة عدد من مخاتير وفاعليات بعلبك التجارية والاجتماعية، رفضاً للطوابير التي تمتد يومياً لساعات من أجل الحصول على ربطة الخبز، وتردي الأوضاع الإقتصادية والمعيشية، وانقطاع التيار الكهربائي عن مدينة بعلبك بشكل متواصل منذ حوالى خمسة أيام.
وتحدث باسم المحتجين المختار حميد بيان فقال: «على مسافة أيام من إطلاق مهرجانات بعلبك الدولية، أصبحت مدينة الشمس مدينة الظلام والجوع، وبتنا نقف في طوابير الذل للحصول على رغيف الخبز لأطفالنا، ولا نعرف عن أي مهرجانات يتحدثون، ولا مياه ولا كهرباء ولا خبز في بعلبك». وأكد «التحضير لإضراب عام في حال لم تعالج مشاكل الخدمات الأساسية داخل المدينة».