كتب فؤاد بزي في “الاخبار”:
في أحد أحياء منطقة الليلكي في الضاحية الجنوبية، عند التدقيق في علب القواطع الكهربائية تلاحظ مباشرةً تدني عددها، وعند الاقتراب أكثر تجد أنّ معظمها من فئة 2.5 أمبير، أي أقلّ الممكن.
يتكرّر المشهد في معظم أحياء الضاحية الجنوبية، حيث المولّدات لا تزال تعتمد نظام “المقطوعية” في توزيع الاشتراكات. هذا النظام يجعل من صاحب المولّد آمراً ناهياً لناحية ساعات التشغيل والبدل المطلوب دفعه عند نهاية كل شهر. أمّا العائلات التي لم تجد أحداً يساندها في محنتها اليوم فكان أمامها عدة حلول أسهلها وأصعبها في آن: القطع.
لو تُرك الأمر لأغلب أصحاب الاشتراكات لما رُكّبت العدّادات أبداً، ولكن تفضيل الناس العتم على الدفع الظالم لمبالغ تفوق استهلاكهم الشهري كان الدافع وراء الهجمة المستجدّة على تركيب العدّادات في العديد من أحياء الضاحية الجنوبية.
في أحد الأحياء يفيد صاحب مولّد رفض الكشف عن اسمه كي لا يتسبّب بمشاكل لـ”زملائه” أنّ “المقطوعية هي دجاجة تبيض ذهباً فلا يسحب المشترك كلّ الطاقة التي يدفع ثمنها، بالإضافة إلى أنّ التسعير هنا لا يخضع سوى للاتفاق الضمني بين زملاء الكار”. ويضيف: “بعد اشتداد وطأة الأزمة الاقتصادية انخفض عدد المشتركين عندي من 300 إلى نحو الـ90، ما هدّد أصل استمراري في العمل، هذا ما دفعني إلى القبول بتركيب العدّادات”، وأشار إلى “عودة أعداد أكبر من الناس لوصل خطوط الكهرباء على الرغم من طلب مبلغ 80 دولاراً ثمناً للعدّاد وقاطع 10 أمبير وتأمين”.
عودة العدّادات انسحبت على عدد من الأحياء في الضاحية الجنوبية، منها، المعمورة والمريجة والشويفات وللأسباب نفسها، عدم القدرة على الدفع والإجحاف في ساعات التغذية، الأمر الذي دفع الناس للاعتقاد أنّ الاعتراض يُجدي ولو بعد حين.
نائب رئيس اتحاد بلديات الضاحية الجنوبية علي سليم يرى الأمور من منظار آخر، “وجود العدّاد هو الأساس لا العكس”. ويعيد الفوضى المنتشرة في أحياء الضاحية إلى “قرار وزارة الاقتصاد الأول عام 2014 الذي شرّع للمقطوعة بطلب من المشترك غير الراغب بتركيب العدّاد”. ولكن على الأرض، الحال كان: “ما يريده صاحب المولّد الذي يفضّل المقطوعة على العدّاد”. ويشير سليم إلى أنّ “العودة إلى العدّادات الآن أتت لأسباب تقنية ضمن صيغة رابح- رابح بين المشترك وصاحب المولّد.