أعلن الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، أمس، الاستنفار السياسي وغير السياسي لمواجهة استحقاق حفظ حقوق لبنان في البحر، معتبراً أن المهمة توازي مهمة تحرير الأرض، ومهدداً العدو والمتعاونين معه من شركات أجنبية من مخاطر تجاوز حقوق لبنان أو الاعتداء عليها، واصفاً استخراج النفط من «كاريش» بأنه «عدوان». وإذ لم يكن نصرالله مباشراً جداً في دعوة العدو إلى وقف أي نشاط في المنطقة، إلا أنه كان شديد الوضوح في دعوة الشركة اليونانية إلى الانسحاب وفي ربط التنقيب من جانب العدو بتثبيت حق لبنان في التنقيب. نصرالله الذي بدا واقعياً جداً في مقاربة الملف، وغير متأثر بالمزايدات، دعا القوى اللبنانية كافة وخصوصاً الدولة إلى تحمل المسؤولية وتجاوز الخلافات والاتفاق على إطار موحد، مؤكداً أن المقاومة ستكون بكل ما تملك من قدرات إلى جانب هذا الموقف. وواضح أن نصرالله فتح الباب أمام مستوى جديد من التعامل مع الملف، وكان لافتاً إعلانه عدم بقاء الحزب على الحياد، معلناً تكليف النائب السابق نواف الموسوي إدارة ملف الحدود والطاقة، وهي خطوة لها دلالاتها لمن يعرف طريقة عمل المقاومة
كانت كلمة الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصرالله مقتضبة. هو لم يطل الكلام. الحديث كان مخصصاً لملف ترسيم الحدود البحرية وبدء العدو في استخراج النفط والغاز، بعد أن «تموضعت السفينة على مقربة من حقل كاريش الواقع على خط 29 أي المنطقة المتنازع عليها بين لبنان والكيان الغاصب». لكن تبقى الكلمة الفصل بتأكيده أنّ «المقاومة لن تقف مكتوفة الأيدي وكل الخيارات مفتوحة»، مشبّهاً هذه القضيّة بـ«تحرير الشريط الحدودي»، بل أهم منها. واعتبر أنّ ما «جرى خلال الأيام الماضية اعتداء على لبنان واستفزاز، ووضعه أمام موقف صعب، حيث أصبحنا جميعاً أمام موضوع يجب أن يتحول إلى قضية وطنية كبرى». وعليه، طالب بـ«توحيد الموقف الرسمي والارتقاء إلى مستوى المعركة الوطنية والخروج من الزواريب السياسية الضيّقة». ووجّه الرسائل على المكشوف إلى العدو الإسرائيلي وحلفائه وإلى بعض الجهات المحليّة بالتأكيد أن «المقاومة المقتدرة لا تستطيع أن تقف مكتوفة الأيدي أمام نهب ثروات لبنان، ولن تقف مكتوفة الأيدي. وكل الخيارات مفتوحة وموجودة على الطاولة»، مشدداً على أن «كل إجراءات العدو لن تحمي عملية الاستخراج من حقل كاريش»، وأن «المقاومة قادرة على منع العدو من استخراج النفط والغاز من حقل كاريش… وما ستخسره إسرائيل في أيّ حرب يهددون بها أكثر بكثير مما يمكن أن يخسره لبنان، وأيّ حماقة يقدم عليها العدو ستكون تداعياتها ليست فقط استراتيجية بل وجودية». وأكد «أنّنا لا نريد الحرب، لكننا لا نخشاها ولا نخافها، وعلى العدو أن يوقف هذا النشاط، وأيّ عمل باتجاه استخراج النفط والغاز من حقل كاريش يجب أن يتوقف أيها العدو لأنّه حقل واحد… ولبنان يملك في هذه المواجهة الحق والدافع، ويملك القوة تحت عنوان الجيش والمقاومة»، مكرراً أنّ «كل إجراءات العدو لن تستطيع أن تحمي هذه المنصة العائمة التي اسمها السفينة اليونانية ولن تستطيع أن تحمي عملية الاستخراج من حقل كاريش». وذكّر بـ«أننا أمام عدو لا يعترف بقرارات دولية والمنطق الوحيد الذي يسير عليه هو منطق القوة والاستعلاء، وبالتجربة لا يستجيب إلا بالضغط والمقاومة… والمقاومة اليوم هي من الخيارات الموجودة لدى الدولة والشعب اللبناني في هذه المواجهة حول الثروة النفطية». وحذّر «الشركة اليونانية وإدارتها وأصحابها بأنهم يعلمون أنّهم شركاء في الاعتداء على لبنان، ولهذا الاعتداء تبعات، وعليهم أن يسحبوا السفينة فوراً».
حذّر الشركة اليونانية وأصحابها بأنهم شركاء في الاعتداء على لبنان ولهذا تبعات وعليهم أن يسحبوا السفينة فوراً
ودعا إلى توحيد الموقف الرسمي بين الرؤساء الثلاثة ومن خلفهم الدولة بمؤسساتها، مشيراً إلى أنّ «توحيد الموقف اللبناني الرسمي والشعبي يعطي قوة للوفد المفاوض، وعندها أكيد سننتصر في هذه المعركة». وأضاف: «في المعركة الوطنية الكبرى يجب الارتقاء إلى مستواها والخروج من الزواريب السياسية الضيقة … بعض المهتمين والحريصين يدعون إلى توقيع المرسوم الذي يقضي بتثبيت خط الـ 29، لكنهم يبنون عليه توقعات غير صحيحة بناء على التجربة»، منبهاً من «عامل الوقت الذي لا يصب في مصلحتنا لأن كل يوم تأخير سيسجل فيه ضياع ثروة ومال للشعب اللبناني». ونبّه إلى أنّ «ثروات لبنان من النفط والغاز تواجه مجموعة مخاطر: الأول منها السعي الصهيوني والأميركي لسلخ مساحة كبيرة جداً مع ما تحويه من حقول وثروات، والخطر الثاني منع لبنان من الاستخراج وهذه مشكلة يجب على اللبنانيين التفكير في حلّ لها، خصوصاً أن سوريا ولبنان وحدهما في المنطقة ممنوعان من التنقيب تحت طائلة العقوبات». وتابع: «الخطر الثالث له علاقة بالوقت، أي عندما يأتي الوقت ويُسمح لنا بالاستخراج قد لا نجد شيئاً».
وأكّد نصرالله أنّ «الهدف المباشر يجب أن يكون منع العدو من استخراج النفط والغاز من حقل كاريش … ليس مهماً أين وقفت السفينة، وأين الحفر والاستخراج. الخطر في الأمر أنّ العدو سيبدأ بالاستخراج في الحقل المشترك والواحد والمتنازع عليه، ولبنان ممنوع عليه استخراج ما في مناطقه والبلوكات الواقعة خارج النزاع»، لافتاً إلى أنّ «حقل كاريش خط واحد وبالتالي ما سيستخرج منه متنازع عليه». وأعلن أنّ المقاومة «ستتابع الوضع ساعة بساعة ويوماً بيوم، ومن حقّنا جمع المعلومات المطلوبة من أجل اتخاذ أيّ قرار»، معلناً تشكيل ملف في الحزب لكل ما يرتبط بالغاز والنفط والحدود كُلف به النائب السابق نواف الموسوي». وختم بالتنبيه إلى أن «استراتيجية أميركا والكيان الصهيوني تدفع بلبنان إلى الجوع ما يشكل خطراً كبيراً على الأمن الاجتماعي وهو أسوأ من الحرب الأهلية».
المصدر: جريدة الأخبار