أعلن وزير الإقتصاد أمين سلام أن حكومة الرئيس نجيب ميقاتي وضعت القطار على السكة من خلال إنجاز الإتفاق المبدئي مع صندوق النقد الدولي ولكن يتعين على المجلس النيابي الجديد إكمال المسيرة وإقرار القوانين الإصلاحية المطلوبة وإلا فإن الاتفاق النهائي سيرجأ إلى ما بعد الإنتخابات الرئاسية وهذا يعني الدخول إلى العام 2023 والبلد في وضع صعب جدًا إقتصاديًا وفي مواجهة تحديات كبيرة من ناحية سعر الصرف والمالية العامة.
وفي مقابلة خاصة مع قناة الغد التي تبث من القاهرة ولندن، شدد سلام على أن الإتفاق مع صندوق النقد هو الحل الوحيد المطروح بالنسبة إلى لبنان وليس من حلول أخرى وقد يرى البعض أن المليارات الثلاثة أو الأربعة التي سيحصل عليها لبنان لن تحلّ الأزمة ولكن الأهم من ذلك هي الثقة التي سيحصل عليها لبنان نتيجة هذا الإتفاق.
ولفت إلى أنه كان متوقعًا أن يرجئ المجلس النيابي المنتهية ولايته القوانين المتعلقة بالخطة الإقتصادية الشاملة إلى المجلس الجديد لأنها تطرح خيارات صعبة و”غير شعبوية”، ولكنها عواميد أساسية في خطة التعافي الإقتصادي حيث بات معلومًا أنها تشمل إعادة هيكلة المصارف وموضوع السرية المصرفية وإقرار موازنة العام 2022 والكابيتال كونترول.
وأمل وزير الإقتصاد “أن لا يتأخر المجلس النيابي الجديد في البحث والنقاش بشكل موضوعي وإيجابي في الخطة واتخاذ القرارات النهائية المطلوبة بشكل سريع، تمهيدًا للتوصل إلى اتفاق نهائي وعملي مع صندوق النقد لأن مصلحة البلد تتطلب أن يحصل هذا الإتفاق النهائي وعدم تأجيل إقرار القوانين كما حصل في السابق”.
خطة التعافي
وردًا على سؤال حول التفاصيل التي تم تسريبها عن الخطة والتي اعتُبرت صادمة، أوضح الوزير سلام أن نقطة الخلاف الأساسية تتمحور حول من سيتحمل الخسائر، فهل هي الدولة ومصرف لبنان أم المصارف أم المودعين. ولفت إلى أن الخيارات التي تمت دراستها كانت بمجملها صعبة، إلا أن الأولوية لدى الحكومة كما لدى بعثة الصندوق كانت حماية المودعين واعتبار حقوقهم مقدسة وأساسية. كما تركز العمل في إطار الخطة على كيفية توزيع الخسائر بما لا يقضي على القطاع المصرفي.
وحول اعتراض كل من جمعية المصارف والهيئات الإقتصادية على الخطة، لفت الوزير سلام إلى أن مطالب جهات متعددة قد تساعد في تحسين بعض الأجزاء من الخطة، ولكن ليس من خطة سهلة أو خطة تشكل تغطية لطرف معين، فالكل سيضع جزئيته من المسؤولية. وأكد أن الهدف يكمن في الوصول إلى صيغة لا تدمر القطاعات الأساسية وتحديدًا القطاع المصرفي لأنه من غير الممكن استكمال مسيرة التعافي الإقتصادي والإنماء الإقتصادي من دون قطاع مصرفي.
ورفض الوزير سلام مقولة أن خطة التعافي ستؤدي إلى شطب ديون الدولة وتحميل الخسائر لجهة معينة، كما رفض ذكر أي نسب لكيفية توزيع الخسائر مؤكدًا أن الأمر غير ممكن قبل حصول تفاهم نهائي بين الدولة ومصرف لبنان والقطاع المصرفي وتحسين بعض الجزئيات في الخطة، إذ يجب قبل ذلك توضيح الكثير من التفاصيل المرتبطة ببعضها البعض بدءًا من القرار الذي سيتم اعتماده حيال أصول الدولة وإذا ما كانت ستخضع للخصخصة أو الـ PPP (الشراكة بين القطاعين العام والخاص)، وكيف ستنعكس استثمارات الدولة على المودعين وحصتهم منها والصندوق السيادي وما سيمثله، إضافة إلى تفاصيل إعادة هيكلة المصارف وعدد المصارف التي سيتم دمجها والتي ستستمر بوضعها الحالي.
هوية صغار المودعين
وردا على سؤال حول تحديد هوية صغار المودعين، أوضح وزير الإقتصاد أن رئيس الحكومة نجيب ميقاتي لفت أخيرًا إلى أن صغار المودعين هم من يمتلكون أكثر من ثمانمئة ألف حساب في لبنان تراوح بين مئة ألف دولار ومئتي ألف؛ أضاف أن عشرة في المئة من المودعين يمتلكون مبالغ تراوح بين مئتي ألف وخمسة ملايين دولار، ونسبة قليلة تمتلك أكثر من خمسة ملايين. وتابع الدكتور سلام أن البحث يدور حول إيجاد حماية تامة للفئة الأولى أي للذين يمتلكون مبالغ تراوح بين مئة ألف دولار ومئتي ألف، لأن ودائعهم تمثل تعويضات نهاية خدمة أو مدخرات لاستخدامها عندما تدعو الحاجة، وقد حُكي أن المئة ألف دولار الأولى ستكون محمية بشكل كامل لكل حساب بكل مصرف.
ولفت إلى أنه كوزير إقتصاد يشدد على ضرورة أن تكون الأموال التي خرجت من لبنان بعد احتجاجات أكتوبر 2019 محور تحقيق ومحاسبة أيًا كانت قيمتها علمًا أنه يجب أن يكون لدى حاكم مصرف لبنان ووزير المالية التفاصيل الكافية حول كمية الأموال التي خرجت في هذه الفترة.
وردا على سؤال، قال الوزير سلام إن سعر صرف الدولار لن يخضع بعد اليوم لسياسة التثبيت، بل سيخضع للعرض والطلب على غرار ما هو حاصل في مختلف دول العالم، وتوقع أنه في حال أنجزت الإنتخابات وأقر بعدها الإتفاق مع صندوق النقد وصدرت المراسيم التطبيقية لقانوني الشراء العام والمنافسة، فمن المتوقع أن ينخفض سعر صرف الدولار إلى ما دون عشرين ألف ليرة لبنانية.
لا أزمة قمح
وأكد وزير الإقتصاد أن تمويل دعم القمح للخبز مؤمن بقرار من مجلس الوزراء وذلك في انتظار إقرار البرنامج التمويلي مع البنك الدولي والذي سيؤمن استيراد القمح لفترة تسعة أشهر. وتوقع انطلاق البرنامج في خلال شهرين بعد الحصول قريبًا على موافقة مجلس إدارة البنك الذي لم يفرض أي شروط في هذا الملف المرتبط بلقمة عيش المواطن، على أن تتولى وزارة الإقتصاد مراقبة حسن الاستخدام. وبالنسبة إلى استيراد القمح الذي كان بأكثريته الساحقة من أوكرانيا، قال إن لبنان ينسق مع دول أوروبية وأخرى مجاورة لأوكرانيا تؤمن القمح بالمواصفات اللبنانية كما أن ثمة بحث مع الهند والولايات المتحدة وكندا إلا أن كلفة النقل من هذه البلدان عالية جدا. وفي أي حال لا مشكلة لأن السوق اللبناني صغير ولا يستهلك أكثر من خمسين ألف طن في الشهر.