“وصّلتوا البلد للانهيار يا بلا شرف وبلا وطنية”، صرخة اختزلت صوت الغالبية الساحقة من المغتربين، أطلقها أمس مقترع لبناني في باريس في وجه أحد مؤيدي “التيار الوطني الحر” منتفضاً لكرامة وطنه المهدورة تحت سطوة العهد، على وقع تصفيق حاد وتأييد عارم لصرخته من قبل الناخبين الناقمين على أركان السلطة… بينما كان رئيس الجمهورية ميشال عون في بيروت يؤثر تظهير سطوته على الصحافيين في مقر وزارة الخارجية، مبدياً امتعاضه من همساتهم في حضرة فخامته، فزجرهم بعبارته الأشهر: “اسكتوا”!
غير أنّ كل محاولات العهد وتياره لإسكات الصّوت المغترب، سواءً عبر الدفع بدايةً باتجاه حصر مفاعيله بستة مقاعد قارية، أو من خلال السعي أخيراً إلى تشتيته وتبديد قوته في عملية توزيع أقلام الاقتراع، باءت بالفشل تحت وطأة إصطفاف المغتربين في طوابير طويلة للإدلاء بأصواتهم تأكيداً على كونهم عازمين على إحداث “التغيير” في صناديق الاقتراع، وفق ما تقاطعت تصريحات أكثريتهم على شاشات التلفزة أمس، فالتقوا في مختلف أنحاء العالم على “كلمة اغترابية سواء” تلعن المنظومة الفاسدة الحاكمة في وطنهم الأم، وتتوق إلى استئصالها ولفظها من سدة الحكم.
إذاً، في محصلة المرحلة الثانية والأخيرة من عملية انتخاب المغتربين، شهدت أقلام الاقتراع إقبالاً ملحوظاً في معظم أنحاء العالم وسط تسجيل نسب مئوية متفاوتة في الدول الغربية تجاوز بعضها الـ65%، في وقت ناهزت نسبة الاقتراع في دولة الإمارات العربية المتحدة 70% من أصل 25066 ناخباً تسجلوا على لوائح الاقتراع في كل من دبي وأبو ظبي، مقابل تسجيل تضارب في المعلومات حول نسب المشاركة في الدول الإفريقية بين أرقام وزارة الخارجية وماكينات الثنائي الشيعي.
وفي المقابل، لم يخلُ المشهد الاغترابي من رصد بعض “الخروقات الطفيفة” وفق ما نقل مواكبون لمجريات اليوم الانتخابي الطويل، بحيث أكد بعض المواطنين في دول الانتشار أنهم لم يستطيعوا الإدلاء بأصواتهم على الرغم من تسجيل أسمائهم وتلقيهم رسائل نصية بذلك من وزارة الخارجية، ليتفاجأوا أمس بأنّ أسماءهم غير واردة في قلم الاقتراع. وعلى الأثر، أعلن نائب رئيس بعثة المراقبين في الإتحاد الأوروبي ياريك دوماينسكي بعد زيارة تفقدية إلى غرفة العمليات في وزارة الخارجية أمس، أنّ تقييم عملية تصويت اللبنانيين المغتربين سيكون ضمن التقرير الأولي الذي ستعلن عنه البعثة في المؤتمر الصحافي المزمع عقده في 17 أيار غداة إنجاز العملية الانتخابية في 15 أيار، مشيراً إلى “نشر 16 فريقاً لمراقبة الإنتخابات مباشرةً في الخارج في 13 بلداً أوروبياً”، مع تأكيده على أنّ البعثة الأوروبية ستراقب العملية الانتخابية الأحد المقبل في الدوائر الانتخابية الـ15 في لبنان كما “سنكون حاضرين في عملية العد والفرز لصناديق الإقتراع الآتية من الخارج في 15 أيار”.
المصدر: نداء الوطن