كتبت غادة حلاوي في “نداء الوطن”:
هل هي الفوضى او غياب التنسيق او السببان معاً أدّيا الى وجود تداخل بين مشروعي «شبكة الأمان الاجتماعي» و»الأسر الأكثر فقراً (NPTP) ). ليس تداخلاً بالمعنى الفعلي بقدر ما المقصود هنا عدم الشراكة في توحيد البيانات ما تسبب بوقوع خطأ فادح كانت نتيجته ان تستفيد 7000 اسرة من المشروعين على حساب حرمان آخرين، بينما كان يفترض تفادي الازدواجية من خلال عملية تدقيق البيانات المتعلقة ببرنامج الأمان الاجتماعي بالتنسيق مع وزارة الشؤون الاجتماعية المعنية مباشرة ببرنامج الاسر الاكثر فقراً.
منذ انطلاقته، قام الفريق المعني ببرنامج الاسر الاكثر فقراً بزيارات استهدفت 130 ألف أسرة يجب ان يتم الاختيار من بينها 40 ألف اسرة، تضاف الى 35 ألف اسرة تتلقى مساعدات من برنامج الشؤون الاجتماعية ليكون اجمالي العدد 75 ألف أسرة. انطلق البرنامج بداية على اساس اختيار الأسر الأكثر فقراً فتم تقاطع البيانات بين وزارة الشؤون والجهات المعنية للتأكد من صحتها، بما يضيّق هامش الخطأ ويؤمّن وصول البطاقة لمستحقيها بالسرعة اللازمة.
في المقابل انطلق بعد فترة مشروع شبكات الأمان الاجتماعي المفترض ان تستفيد منه 150 ألف أسرة، ما يفترض القيام بزيارات لنحو 220 ألف اسرة بسبب عدم وجود ميزانية للقيام بزيارة أعداد اضافية. لُزّمت المهمة لثلاث شركات للقيام بزيارات لكل لبنان. بدأت الشركات عملها، لكنها توقفت بعد اجراء 70 ألف مقابلة بعدما تبين وجود مجموعة من الأسر يضاهي عددها 7000 أسرة يتم اختيارها لتستفيد من شبكات الأمان، بينما هي تستفيد ايضاً من مشروع استهداف الأسر الاكثر فقراً وهذا ما يعد خطأ فادحاً كان يجب تلافيه والحذر منه، لأنه سيعزز وضعية أسر على حساب أسر اخرى تقع تحت خط الفقر المدقع. عند بداية العمل تسلم التفتيش المركزي البيانات من وزارة الشؤون ثم كوّن بياناته الاضافية التي لم يقاطعها مع بيانات الشؤون الاجتماعية، ما تسبب باللغط الذي حصل وانعكس هدراً وحرماناً لنحو 7000 اسرة فقيرة من حقها بالاستفادة.
وترجح مصادر معنية ان الخطأ الفادح الذي وقع سببه التالي:
– سوء ادارة مشروع شبكات الامان وعدم اجتماع اللجان المعنية، اي اللجنة الوزارية التي يرأسها رئيس الحكومة واللجنة التقنية التي يرأسها المدراء العامون في الوزارات المعنية، والعمل يتم بصورة عشوائية.
– كون الآليات المعتمدة في عملية الزيارات لم تلحظ تقاطع البيانات بل تكتفي بتقييم الاستمارة بينما لا القواعد واضحة ولا المعايير.
– غياب عنصر الشفافية.
الوقوع في الخطأ كان يمكن تفاديه بالتنسيق، أثار استياء الجهات الدولية المعنية والتي وضعت ما حصل في اطار هدر المال العام الذي يحاسب عليه القانون، فالاموال تدفع من خلال قرض مقدم الى الدولة اللبنانية التي ستؤمن البطاقة للأسر الاكثر فقراً ويستوجب تنسيق البيانات بين الادارات المعنية بالمشروع، بدل العمل بشكل عشوائي والوقوع في أخطاء فادحة كتلك التي حصلت.
وتخوفت مصادر معنية بالمشروعين من ان يكون الهدف هو ضرب المشروع وتحويله منافع معينة قد تكون سياسية او انتخابية تصب في خدمة أهداف الجهات المانحة، اي البنك الدولي والمشرفين عليه سياسياً وادارياً في لبنان اي رئاسة الحكومة وغيرهما. واذا كانت بنود الاتفاقية الموقعة والملزمة للبنان تنص على اجتماع اللجنتين المعنيتين بمشروع الامان الاجتماعي الوزارية والتقنية، فان اللجنتين لم تجتمعا منذ فترة وخلافاً للقانون ما يتسبب بغياب المراقبة والتدقيق والشفافية.
لا ضمانات تؤكد ان مثل هذا الخلل وغيره لن يتكرر مجدداً ما يثير التساؤل حول الاسباب التي تمنع دمج المشروعين، اي دمج شبكة الامان الاجتماعي مع برنامج الاسر الاكثر فقراً المعنية به وزارة الشؤون الاجتماعية، خصوصاً وان الاخير يتمتع بمصداقية معينة ترتبط بتوافر عناصر عديدة منها:
– تقاطع البيانات ما يصغر هامش الخطأ.
– كون المجتمع الدولي يقدم هبات.
– كون مشروع الاسر الاكثر فقراً هو المشروع الأم.
– لأن وزارة الشؤون هي المعنية مباشرة بالموضوع وتفاصيله وهي التي لديها البيانات الموثوقة.
فكرة الدمج تلك ليست بعيدة عن ذهن المجتمع الدولي الذي يهمه تضييق هامش الخطأ من خلال توحيد البيانات والتدقيق فيها، وان يكون المشروع تحت اشراف جهة رسمية تعنى بشؤون الاسر الاكثر فقراً ولديها فكرة عن ارقامها وبياناتها.
رغم مرور أشهر على الاعلان عن بدء استفادة الاسر الفقيرة منه الا ان العمل لا يزال بطيئاً جداً ما يؤخر استفادة الكثير من الاسر الفقيرة من البرنامج، خاصة وان باب الانتخابات فتح على مصراعيه وكذلك باب المحسوبيات والمنافع الانتخابية. فهل طرقت مثل هذه العوامل باب مشروع الامان الاجتماعي فجرّدته من شفافيته؟ ومن يضمن استمراره بمنأى عنها ومن يراقب؟