كتب رمال جوني في “نداء الوطن”:
خبز الفقير في خطر، هذه ليست مزحة، إنها الحقيقة المُرّة التي تنتظر فقراء هذا البلد…
في كل مرة يحذّر فيها من نقص الطحين، تكون الأزمة شارفت على الانفجار، فالبلد كلّه على كفّ عفريت، ولا تتوقف القضية عند الطحين والخبز، ولكن ماذا لو انقطع الخبز؟ هل سنكون أمام مشهد طوابير الخبز التي تعيدنا إلى زمن الحرب؟
حتماً المشهد قاتم، وكل المؤشرات تنذر أن أزمة الخبز ستنفجر قاب قوسين أو أدنى، بانتظار نفاد مخزون الأفران نهائياً، بعد توقف المطاحن عن إمدادها بالطحين، وإقفال كبرى مطاحن لبنان وتشميع إحداها بسبب العثور على قمح منتهي الصلاحية.
حتى الساعة تواصل الأفران عملها، ولكن «عالخفيف»، ويقول أبو علي صاحب أحد الأفران: «دخلنا في الأزمة والأفران اليوم في حال صعبة، ومخزونها الداخلي شحيح، فالتسليم اليوم يتم بالقطارة ومرة بالأسبوع إن توفر، ما يعني أن ناقوس الخطر بدأ، وقد نعيش زمن انقطاع الرغيف، إلا إذا تلقفت الحكومة الكارثة قبل وقوعها».
كالسيف نزل خبر إضراب المطاحن المفتوح على الأفران، فالإضراب يعني توقف إمدادها بالطحين نهائياً، وبلغة الأزمة «رغيف الفقراء على المحك».
لا يخفي وكيل المطاحن في الجنوب علي رمال قلقه مما آلت إليه الأمور، فهو الذي ناشد مراراً وتكراراً وضع خريطة طريق لمعالجة الأزمة الراهنة من دون جدوى، «دق المي مي» يقول في معرض توصيفه الواقع، لافتاً إلى «أننا دخلنا في الخطر، الرغيف مهدد، والأمر ليس مزحة، بل يتطلب تضافر الجهود لمعالجة الأزمة، وتوقف عمل المطاحن ستبدأ مفاعيله في بداية الأسبوع المقبل، إذا لم يعالج الملف قبل فوات الأوان.
صحيح أن الخبز متوفر في السوق وبكميات أقل، إلا أن الأزمة الكبرى تطال أصحاب أفران المناقيش، الذين يحاربون لأجل لقمتهم «بالسراج والفتيلة» غير أن سياسة تقنين التوزيع ستؤدي إلى إقفال جزء كبير منها، هذا عدا عن رحلة الانتظار الطويلة التي يتكبدونها تحت أشعة الشمس وتصل إلى حدود الـ6 ساعات للحصول على شوالي طحين، لا يكفيان عمل يومين فقط وماذا عن باقي الأسبوع؟
وأبو جميل يعتمد على مشاطيح شهر رمضان، غير أن فقدان الطحين وصعوبة توفره يجعل رزقه مهدداً، «إذا ما اشتغلت ما مناكل» يقول والعرق يتصبب منه وهو ينتظر الطحين إذ سيحصل على شوالين فقط لا يكفيان ثلاثة أيام، فيما الطحين يتوفر مرة واحدة في الأسبوع، وربما أكثر من ذلك، «فكيف نعيش وسط كومة الأزمات؟».
أكثر المتضررين من الأزمة الحالية أفران خبز المرقوق، وتعمل فيها سيدات، وهن يكافحن للصمود، ولكن إلى متى؟ بالكاد تحصل على كمية قليلة من الطحين لتعمل، فمعظم مصادرها للحصول عليه توقفت منذ بداية الحرب الأوكرانية، وما تخشاه أن يتوقف مصدرها الوحيد عن التسليم رغم أنها تشتريه بسعر السوق السوداء إذ يصل الشوال إلى 350 ألف ليرة، علماً أن هناك من يشتريه بـ500 ألف ليرة، ما قد يدفعها إلى رفع سعر الرغيف إلى 4500 ليرة بعدما كانت ربطة الخبز قبل عام بـ2500 ليرة، أي كما تقول قد نصل لبيع الخبز بالرغيف».
ويسأل يوسف صاحب متجر لبيع المناقيش والمشاطيح الرمضانية «في صيدا الطحين متوفر وكذلك في حاصبيا، لماذا في النبطية بالقطارة، هناك تواطؤ بين المطاحن والتجار، إذ يسلمونهم الطحين بـ170 ألف ليرة للشوال الواحد، ويباع في السوق لاحقاً بـ300 ألف ليرة، أي على سعر السوق السوداء، في حين إذا ذهبنا إلى المطحنة مباشرة يسلموننا الطحين بسعر السوق السوداء، لماذا، من يراقب هذه المطاحن وآلية عملها وطريقة تسليمها؟