جاء في “المركزية”:
اكد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون امس “أهمية المفاوضات التي يجريها لبنان مع صندوق النقد الدولي تمهيدا للخروج من ازمته الراهنة”، لافتا الى “وجود الإرادة الطيبة بنجاحها لدى الفريقين”.
هذا الموقف، جاء غداة اعلان المتحدثة باسم صندوق النقد أنّ “فريقاً من صندوق النقد الدولي سيبدأ بعثة افتراضية في آخر أسبوع من كانون الثاني”، مضيفة “ظلت المناقشات مستمرة مع السلطات اللبنانية حول العديد من التحديات الكثيرة التي تواجهها، بما في ذلك موقف الاقتصاد الكلي والمالية العامة والقطاع المالي”. وأضافت “ننوي مواصلة الانخراط الوثيق مع السلطات في الأسابيع القادمة لمساعدتها على صياغة استراتيجية إصلاحية شاملة تعالج التحديات الاقتصادية العميقة التي يشهدها لبنان. ومن المهم أن يتوفر التأييد السياسي على نطاق واسع لتنفيذ هذه الاستراتيجية، بما في ذلك تأييد أي حكومة تتولى زمام السلطة في المستقبل”، لافتة إلى أنّه “يجب أن تؤدي الإصلاحات اللازمة إلى استعادة الاستقرار الاقتصادي الكلي، والعودة بالديون إلى مستويات مستدامة، واسترداد ملاءة القطاع المالي، والعودة إلى تحقيق نمو مرتفع وأكثر احتواءً لكل شرائح المجتمع على المدى المتوسط.”
فأين الجهود الطيبة “اللبنانية” التي تحدث عنها رئيس الجمهورية اليوم، في ظل الشرخ العمودي بين اهل الحكم، ذات اللون السياسي الواحد، والذي يتسبب منذ تشرين الاول الماضي، بشلل بنيوي في جسد حكومة الانقاذ المفترضة؟! هذا السؤال تطرحه عبر “المركزية” مصادر سياسية معارضة، معربة عن خشيتها من ان يكون الجزء الظاهر من “جبل” الكباش الحكومي اليوم، عنوانُه: تطويق صلاحيات المحقق العدلي في جريمة انفجار المرفأ القاضي طارق البيطار، فيما الجزء الخفي هو صراعٌ على “الاتفاق” مع الصندوق وصيغته وتقاسم الخسائر بين المصارف والدولة والمركزي والمودعين، وعلى القوانين التي يجب أن تُقر والاجراءات “القاسية” التي يجب ان تتخذ، قبل بلوغه، بدليل ان لا الكابيتال كونترول ولا اي خطوة اصلاحية لم يتم التفاهم حولها حتى الساعة. كما ان حزب الله قد يقرر التصعيد في مسألة ضبط الحدود او التشدد الجمركي مثلا، معتبرا انها شروط اميركية لاخضاع لبنان وضرب المقاومة!
امس، قال رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي “أجدد تأكيد السعي الى عودة الحكومة سريعا الى الاجتماع حتى تنتظم أمور البلد والناس، ونتابع مسيرة الإنقاذ قبل ان يغدرنا الوقت ونصبح ضحايا أنفسنا . لبنان يستحق كل تضحية ، واللبنانيون يتطلعون الى عودة الحياة الى لبنان، وإنقاذه من مخاطر الإفلاس والتدهور. ونحن فخورون بصداقات لبنان الدولية ونشكر كل إهتمام وحرص على مساعدة لبنان للنهوض وإستعادة دوره على الساحتين الاقليمية والعالمية، لكن الجهد الاول مطلوب منا نحن اللبنانيين. من هنا واجبنا وقف التعطيل والعودة الى طاولة مجلس الوزراء لانجاز ما هو مطلوب”.
الرجل يدرك ان الاتفاق سيكون صعبا في “عهد” حكومته، غير انه يحاول إعداد الارضية له بالحد الادنى، لكن جهوده هذه لا تزال تراوح، في ظل التعطيل الحكومي. ووفق المصادر، اذا لم تفرز الانتخابات النيابية اغلبية جديدة تُركت تحكم كما في كل ديمقراطيات العالم “الطبيعية”، فإن عمل الصندوق مع الحكومة الجديدة – الامر الذي تحدثت عنه منذ الآن الناطقة باسمه – سيبقى متعثرا يدور في الحلقة المفرغة ذاتها، لأن الاكثرية نفسها ستقدّم بطبيعة الحال، الاداءَ نفسَه… فهل يُحسن اللبنانيون الخيار، رأفةً بأنفسهم واموالهم ووطنهم؟!