كتبت كلير شكر في “نداء الوطن”:
قطاع الخلوي في أسوأ حالاته. بعدما كان منجماً من الذهب، يؤمّن ثروة مالية للخزينة العامة، صار أشبه بمؤسسة كهرباء لبنان. أسابيع قليلة، وقد يعلن القطاع افلاسه لكون مدخوله الذي لا يزال وفق السعر الرسمي للدولار، أي 1515، يكاد يغطي مصروفه الذي يذهب بمعظمه على تكاليف المازوت لتشغيل محطات الارسال، والذي تتجاوز فاتورته الـ 65% من مدخول الشركتين.
يقول وزير الاتصالات جوني قرم إنّ القطاع قد يصل للإفلاس قبل شهر شباط المقبل، أي أنّ هناك أقل من شهر فاصل قبل أن تقع الشبكة فوق رؤوس اللبنانيين فتحرمهم من الاتصالات ومن استخدام الانترنت، لكون شركتي “ألفا” و”تاتش” تعانيان من ديون متراكمة ومستحقات لعدد من الموردين الذين يطالبون بدفعها بالدولارات الطازجة، بشكل يفوق قدرة الشركتين. وهذا ما يزيد من العبء ويشلّ قدرات “ألفا” و”تاتش”.
حتى الآن، يطلق وزير الاتصالات صرخته التحذيرية من بلوغ القطاع القعر اذا لم يتم تحصين الشركتين بما يكفي من واردات لتغطية المصاريف، مؤكداً أن تكلفة رواتب الموظفين ليست العائق ولا يمكنها أن تعالج الخلل اذا ما جرى تخفيضها، كونها لا تشكل أكثر من 7% من هذه المصاريف. وبالتالي لا بدّ من رفع الدعم عن الاتصالات. ورفع الدعم هنا يعني رفع كلفة التخابر كونها لا تزال تحسب على أساس 1515. ولكن كيف يمكن اتخاذ هكذا قرار في غياب السلطة التنفيذية التي تمثلها الحكومة التي تعاني من عدم قدرتها على عقد جلسة لمجلس الوزراء؟
وفق المعلومات، فإن وزير الاتصالات بصدد دراسة كل الخيارات المتاحة وهو لذلك قصد هيئة الاستشارات في وزارة العدل لسؤالها عن الآليات الممكنة في حالات من هذا النوع، خصوصاً وأنه تبيّن أن الوزير السابق بطرس حرب رفع سعر تعرفة الداتا (أي الانترنت) حين كان وزيراً للاتصالات، بقرار وزاري من دون العودة إلى مجلس الوزراء. ولذا يجري البحث في الآليات البديلة في ما لو بقي الخلاف السياسي عائقاً أمام اجتماع الحكومة.
ولا تتوقف أزمة وزير الاتصالات عند الموانع القانونية التي تحول دون تحسّن مدخول الخلوي، وإنما في آليات الصرف أيضاً. فبعدما خاض نقاشاً طويلاً في لجنة الاعلام والاتصالات لتعديل المادة 36 من قانون موازنة العام 2020 والتي تنصّ على أنّه “خلافاً لأي نصّ قانوني أو تعاقديّ آخر، وباستثناء الرواتب، تلزم الشركات المشغّلة لقطاع الخلوي بتحويل الإيرادات الناتجة عن خدمات الاتصالات الخلوية المحصّلة إلى حساب الخزينة لدى مصرف لبنان يوميّ الاثنين والخميس من كلّ أسبوع، على أن تحدد آلية دفع المبالغ التي تتوجّب على الخزينة لصالح تلك الشركات من بدل إدارة ونفقات وأعباء ومشتريات وخلافه، تتحمّلها الشركات في مجال عملها، بموجب قرار يصدر عن مجلس الوزراء بناء على اقتراح وزيريّ المالية والاتصالات”، واقرار التعديل في الهيئة العامة بشكل يسمح للوزير بالتحكم بالمصاريف التشغيلية OPEX، لا تزال هذه المسألة عالقة في قصر بعبدا حيث يبدو أنّ رئيس الجمهورية ميشال عون غير متحمس لتوقيع القانون لنشره في الجريدة الرسمية، لا بل يميل وفق المعلومات لإعادته إلى مجلس النواب قبيل انقضاء مهلة الخمسة عشر يوماً… في الوقت الذي يحذر فيه وزير الاتصالات من مغبة عدم دفع جزء من مستحقات الموردين، الأمر الذي يعجز حتى اللحظة عن القيام به.
في المقابل، يرى وزير الاتصالات أنّ تطبيق قانون الإتصالات الرقم 431/2002 وتعيين هيئة ناظمة للإتصالات و”ليبان تيليكوم”، يشكّل أهم خطة مستقبلية يفترض وضعها لقطاع الاتصالات كون هذه الهيئة هي التي ستتمتع بالديمومة والاستمرارية وقادرة على مواكبة أي وزير وأي خطة قد توضع للقطاع. ولذا يجب المسارعة لتنفيذ القانون وانشاء الهيئة الناظمة و”ليبان تيليكوم” ولو أنّ بعض القوى السياسية لا تبدي الكثير من الحماسة لهذه الخطوة، لكونها ستسحب جزءاً من صلاحيات وزير الاتصالات لمصلحة الهيئة الناظمة، فيما يحاول الوزير قرم العمل مع هذه القوى لاقناعها بأهمية هذا القرار الذي يحتاج إلى توافق سياسي.