إعتبر البطريرك الكردينال مار بشارة بطرس الرَّاعي، أنّ “لبنان مريض بفقدان هويّته، ومن الواجب أن تعاد الى لبنان عافيته التي خسرها”.
وأضاف الراعي في عظة قداس رأس السنة، “لأنّ اسم يسوع يعني “الله الذي يخلّصنا من خطايانا”، فهو مصدر السلام الحقيقيّ في قلب الإنسان، بل “هو سلامنا”(أفسس 2: 14). ولهذا السبب إختار القدّيس البابا بولس السادس اليوم الأوّل من كلّ سنة جديدة ليكون “يوم السلام العالميّ”وجرى الإحتفال سنويًّا منذ 1967
واعتاد البابوات توجيه رسالة خاصّة بهذا اليوم
فوجّه قداسة البابا فرنسيس رسالته لسنة 2022 بعنوان :
“حوار الأجيال، تربية وعمل آليات لبناء السلام”.
وقد اعتدنا في لبنان أن نحتفل “بيوم السلام العالميّ” في الأحد الأوّل من كانون الثاني. وعليه سنقيم غدًا هذا الإحتفال، ونقدّم مضمون رسالة قداسة البابا فرنسيس لهذا اليوم”.
وتابع، “يسعدني في عيد رأس السنة 2022، أن نحتفل معًا بهذه الليتورجيا الإلهيّة ومعنا معالي هيكتور حجّار وزير الشؤون الإجتماعيّة،ونقيب الصيادلة الجديد جو سلوم، واننا في هذه المناسبة نشدد على السعي الذي تقوم به الوزارة لخدمة شعبنا في هذه الظروف التي تزداد حدّة. كما واننا نشدد مع النقابة في سعيها وبخاصة ضرورة تأمين التمويل للبطاقة الدوائية التي تتيح للمواطن شراء الدواء من الصيدليات”.
وأردف، “بهذه الليتورجيا الالهية نفتتح السنة الجديدة شاكرين الله على السنة المنصرمة وعلى ما أفاض علينا فيها من خير ونعم بالرغم من خيباتها وأحزانها؛ وعلى حفظه لنا ولوطننا لبنان بيده الخفيّة وغير المنظورة. ويطيب لي أن أهنّئكم جميعًا، وأعرب لكم ولعائلاتكم عن أطيب التمنيات، راجين أن يجعلها ربّنا يسوع سنة سلام وخير وخلاص من المعاناة التي نعيشها في لبنان وبلدان الشرق الأوسط وسواها من البلدان. وأوجّه هذه التهاني والتمنيات إلى شعبنا اللبناني في الوطن وبلدان الإنتشار، وكذلك إلى أبناء كنيستنا ورعاتهم في لبنان والنطاق البطريركيّ والقارات الخمس”.
وإستكمل قائلاً: “لا بدّ في بداية السنة الجديدة من أن يقف اللبنانيّون عمومًا والسياسيّون والنافذون والحزبيّون خصوصًا أمام واقع لبنان المنهار بيقظة ضمير، ويعترفوا بأخطائهم. ألم يأتوا هم بحروب الآخرين على أرضنا فكانت بدايات الإنحدار؟ ثمّ ألم يذهبوا إلى حروب هؤلاء الآخرين على أراضيهم فكان الإنهيار والإنعزال عن الأسرتين العربيّة والدوليّة والفقر والهجرة؟ إلى متى يهملون عن قصد أو غير قصد معالجةَ أسباب أزماتنا الوطنيّة الكبيرة، وتغييرَ مسار الإنهيار، وإيجادَ الحلول وتنفيذها”؟
وأضاف، “لبنان مريض بفقدان هويّته، وكأي مريض يشكو من فقدان صحّته، من الواجب إعادتها إليه. من الواجب ان تعاد الى لبنان عافيته التي خسرها. فهو بحكم موقعه الجغرافيّ، وتنوّعه الدينيّ والثقافيّ، وانفتاحه على جميع الدول، ودوره التاريخيّ كجسر ثقافيّ واقتصاديّ وتجاريّ، ومكانٍ للتلاقي والحوار، وعنصر للإستقرار في المنطقة، هو دولة هويّتها الحياد الإيجابيّ الناشط. وبهذه الصفة لبنان “دولة مساندة لا مواجهة” كما جاء في أعمال وضع ميثاق جامعة الدول العربيّة (1945)، بناءً على إعلان حكومة الإستقلال “التزام لبنان الحياد بين الشرق والغرب”.في الحياد خير لبنان وازدهاره وخير جميع اللبنانيّن”.
وتابع، إنّنا “نقدّر الخطوة الأوّليّةِ الواعدةِ التي اتّخذها رئيسُ الجمهوريّةِميشال عون ورئيسُ الحكومة نجيب ميقاتي ووزيرُ الداخليّة بسام مولوي بتحديدِ موعدِ الانتخابات النيابيّة والتوقيع على مرسومِ إجْرائها. ونعوِّلُ على أن تُركّزَ السلطةُ اهتمامَها في الأشهرِ المقبلةِ على التحضيرِ الجِدّيِ لها وخلقِ الأجواءِ السياسيّةِ والأمنيّةِ لحصولِها مع الانتخاباتِ الرئاسيّة في تشرين المقبل. ونُشدِّدُ هنا على ضرورةِ حصولِ هذه الانتخابات بإشرافِ مراقِبين دوليّين، خصوصًا أنه توجدُ رغبةٌ بذلك لدى الرأيِّ العامِّ اللبناني ولدى الأممِ المتّحدة”.
ورأى الراعي، “إذا سلُمت النوايا وتغلّب الإخلاص للبنان وشعبه، تكون الفترة الباقية كافية لإحياِء العملِ الحكوميِّ، ولإنهاءِ المفاوضاتِ مع المؤسّساتِ الماليّةِ الدولية، ولضبطِ الحدود، ولترميمِ العَلاقاتِ مع دولِ الخليجِ وفي طليعتها المملكة العربيّة السعوديّة، ولتصويبِ موقعِ لبنان. فينتقلُ من الانحيازِ إلى الحِياد، ومن سياسةِ المحاورِ إلى سياسةِ التوازنِ. وهكذا يوفِّرُ لبنان المناخَ الملائم مستقبَلًا لإطلاقِ حوارٍ وطنيٍّ برعايةِ الأممِ المتّحدةِ في إطار مؤتمرٍ دُوليٍّ يُعطي للحوارِ ضمانة أمميّةً وآليّةً تنفيذيّة”.
وأردف: “فالحواراتُ الداخليّةُ، التي طالما رحبّنا بها وأيدّنا توصياتِها وقراراتِها، ظلّت من دون تنفيذ، بل تنصلّ منها بعضُ الأطراف المشاركين فيها. وما يُحتِّمُ مؤتمرًا دوليًّا أيضًا هو أنَّ بعضَ جوانبِ الأزْمةِ اللبنانيّةِ يَتعلّقُ بقضايا إقليميّةٍ ودُوليّة كمصيرِ اللاجئين الفِلسطينيّين، وعودةِ النازحين السوريّين، وحسمِ المشاكلِ الحدوديّةِ والأمنيّةِ مع إسرائيل”.
وأكّد الراعي إنّ “الكنيسة، ببطريركيّتها وأبرشيّاتها ورهبانيّاتها ومؤسّساتها، تبقى جادّة في مساندة شعبنا روحيًّا ومعنويًّاوماديًّا. وعلى هذا الأساس، وفيما إنهيار الدولة يتواصل، الكنيسة مدعوّة لتجدّد ذاتها وقواها بقوّة الروح القدس، لأنّها قُبلة أنظار الشعب ومحطّ آماله”.