جاء في “المركزية”:
لم تكن 2021 سنة عمل وإنجازات للقطاع المصرفي اللبناني، لأسباب باتت معروفة للقاصي والداني، بل سجّلت خسائر بدأت تظهر في العام 2020 حيث تكبّدت المصارف خسائر صافية بواقع 2,9 مليار دولار. ومن المتوقّع أن تتقلّص هذه الخسائر نسبياً في العام 2021 بانتظار صدور الأرقام النهائية في الأشهر المقبلة.
ملفات متراكمة ستَحمل وَزرها المصارف اللبنانية في سنة 2022، منها أمور بديهية طالما نجحت في إتمامها وأبرزها مكافحة تمويل الإرهاب وتبييض الأموال، وأخرى مستجدة بفعل تداعيات إعلان حكومة الرئيس حسان دياب تعثّرها عن سداد الديون الدولة اللبنانية، هذا الإعلان الذي قلب المقاييس كلها رأساً على عقب، وأدخل البلاد والمصارف والمودِعين في ما لا يُحمَد عقباه.
هذا الواقع أثار العديد من الشكوك والتساؤلات، تعرّضت جراءها المصارف لحملات مُبَرمجة استمرّت حتى الأمس القريب. وتفاقمت تداعياتها “كالنار في الهشيم” ترافق مع هجوم شرس على إدارات المصارف وموظفيها… في ظل كل تلك التطورات المتسارعة، طُرح على طاولة “البحث الساخن” ملف “إعادة تأهيل القطاع المصرفي” بعدما أفقدت التطورات في البلاد أي ثقة بالمصارف اللبنانية…
استعادة الثقة..
مصدر مصرفي يُشير لـ”المركزية” إلى أن “استعادة الثقة بالوطن وبالقطاع المصرفي مرتبطة بإجراء الإصلاحات الموعودة وبمعالجة الاختلالات الماكرو- اقتصادية وتوحيد أسعار الصرف وتنشيط العجلة الاقتصادية من ضمن خطة تعافٍ اقتصادية ومالية ومصرفية واجتماعية متكاملة يُصادق عليها صندوق النقد الدولي، وتكون دافعاً لتدفّق الرساميل مجدّداً إلى الداخل”.
ويتابع: إن انطلاق العجلة الاقتصادية وتنشيط الاقتصاد، يحتاجان طبعاً إلى تمويل مصرفي واجتذاب للودائع تقوم به المصارف مع إعادة الرسملة والهيكلة ضمن قواعد عمل ومعايير الصناعة المصرفية العالمية. أما المصارف غير القادرة على إعادة تكوين الرساميل المطلوبة نظامياً فستخرج من السوق أو تندمج مع أخرى.
وسبق كل ذلك، تعاميم متتالية صدرت عن حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، دفعت ببعض المودِعين إلى اتهام المصارف بالتعامل كلٍّ على حدة وباستنسابية مع تعاميم البنك المركزي، فيشدّد المصدر في سياق التوضيح على أن “تعاميم مصرف لبنان ملزِمة لجميع المصارف التي عليها أن تتعامل معها إفرادياً بكلّ جدّية لأن أي مخالفة تُعرِّضها لإجراءات مسلكيّة وعقابيّة. وتقوم لجنة الرقابة على المصارف بدور التأكّد من التزام المصارف بالتعاميم الصادرة عن مصرف لبنان كما عن اللجنة المذكورة”.
الأصول المتعثرة..
ليس ملف الأصول المتعثرة إلا واحداً من تلك المواضيع المُستجدّة أيضاً… هنا يشير المصدر إلى أن “المصارف تتعامل مع الأصول المتعثّرة المرتبطة بمحفظة قروضها وتسليفاتها للقطاعَيْن العام والخاص من خلال مؤوناتها ورساميلها، ما يعني تراجع الرساميل وارتفاع الخسائر عدا عن تلك المرتبطة بتقلّبات سعر الصرف والتسديد على أسعار صرف مختلفة وأدنى من أسعار السوق”.
مكافحة تمويل الإرهاب والتبييض
أما عن كيفية مقاربة القطاع لضغط الولايات المتحدة الأميركية لا سيما مع عهد الرئيس جو بايدن، حيال موضوع مكافحة تمويل الإرهاب وتبييض الأموال، يقول المصدر: تقف المصارف في لبنان دائماً بحزم في وجه عمليات تبييض الأموال وتمويل الإرهاب من خلال الامتثال للمعايير العالمية والمتطلّبات الدولية والمحلية، وتبلّغ بصورة دورية عن جميع العمليات المشبوهة للجنة التحقيق الخاصة في مصرف لبنان، وهي تفتح أبوابها أمام المجتمع الدولي في محاربة كافة أنواع التمويل غير المشروع. كما تؤكّد أن النظام المصرفي اللبناني حريص على الحفاظ على سمعته وثقة شركائه الدوليين.
في الأرقام…
وليس بعيداً، تنشر “المركزية” أبرز الأرقام المصرفيّة المُسَجّلة في العام 2021، من حيث الودائع ومحفظة التسليفات، وجاءت على النحو الآتي:
– بلغت ودائع القطاع الخاص المقيم وغير المقيم بالليرة وبالعملات الأجنبية ما يوازي 131,6 مليار دولار (على أساس سعر الصرف الرسمي) في نهاية تشرين الأول 2021 بالمقارنة مع 139,1 مليار دولار في نهاية العام 2020، أي بتراجع نسبتُه 5,4%. فيما تراجعت هذه الودائع بحوالي 12,4% لكامل العام 2020 و8,8% لكامل العام 2019.
– تراجعت ودائع القطاع الخاص المقيم وغير المقيم بالعملات الأجنبية إلى حوالي 105,4 مليارات دولار في نهاية تشرين الأول 2021 بالمقارنة مع 111,8 مليار دولار في نهاية العام 2020، أي بحوالي 5,7%. كما تراجعت هذه الودائع بنسبة 7,4% لكامل العام 2020 و1,9% لكامل العام 2019، متأثّرة بعمليات التحويل من الليرة إلى العملات الأجنبية إضافة إلى السحوبات والتسديدات.
– بلغت محفظة التسليفات للقطاع الخاص المقيم وغير المقيم 29,2 مليار دولار (على أساس سعر الصرف الرسمي) في نهاية تشرين الأول 2021 بالمقارنة مع 36,2 مليار دولار في نهاية العام 2020، أي بانخفاض يقارب 19,3%. فيما تراجعت هذه التسليفات بحوالي 27,3% لكامل العام 2020 و16,2% لكامل العام 2019.
يُشار إلى أن تراجع الودائع من 158,9 مليار دولار في نهاية العام 2019 إلى 131,6 مليار دولار في نهاية تشرين الأول 2021، أي بحوالي 27,3 مليار دولار قابله تراجع التسليفات من 49,8 مليار دولار إلى 29,2 ملياراً، أي بحوالي 20,6 مليار دولار للفترات المُشار إليها أعلاه مع تسديد المستفيدين، من الأُسَر والمؤسسات، للقروض بشكل أساسي بواسطة الودائع وعن طريق أموال جديدة أو مدّخرة في المنازل والمؤسسات.