تمنى البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي لو “المسؤولين عندنا والنافذين يعودون إلى إنسانيّتهم، لكي يخلّصوا لبنان وشعبه متّبعين سلوكًا سياسيًّا ووطنيًّا إيجابيًّا يَلتقي مع المساعي الدُوَليّةِ ويُنفِّذُ قراراتِ الشرعيّة الدوليّةَ،ومتوقّفين عن نهجِ الثأرِ السياسيِّ والحقدِ الشخصيِّ والاستهتارِ المطلَقِ بالمواطنين كأنّهم أدواتُ اقتتالٍ. مطلوب منهم جميعًا، في الأساس، الإقرار بخطأهم، والقيام بفعل توبة. أمّا اعتبارهم أن الخطأ عند غيرهم، فهذا ضرب من الكبرياء الذي يقتل.”
وسأل الراعي في عظة الأحد: “أليس من المعيبِ إنَّ يصبحَ انعقادُ مجلسِ الوزراء مطلبًا عربيًّا ودُوليًّا بينما هو واجبٌ لبنانيٌّ دستوريٌّ يُلزِم الحكومة؟ فكيف تمعن فئة ٌ نافذة في تعطيله باسم الميثاقيّة التي تُشوّه بينما هي ارتقاءٌ بالتجربة التاريخيّة للعيش الواحد بين المكوّنات اللبنانيّة، وقاعدةٌلتأسيس دولة تحقّق أماني اللبنانيّين جميعًا وتُبعدهم عن المحاور والصراعات؛ وهي أساسٌ لبناء علاقات الدولة مع الخارج، المدعوّ إلى الإعتراف بخصوصيّة لبنان”.
وأضاف “بعدم إنعقاد مجلس الوزراء، تتعطّل السلطة الإجرائيّة، ومعها تتعطل الحركة الإقتصاديّة بكلّ قطاعاتها، والحركة الماليّة، والحياة المصرفيّة. وبنتيجتها يفتقر الشعب أكثر فأكثر. أهذا ما يقصده معطّلو انعقاد مجلس الوزراء؟”.
وتابع “إنّنا ما زلنا، مع كل اللبنانيين ومع كل ذوي الارادة الصالحة في لبنان والخارج، ننتظر جلاءَ الحقيقةِ في تفجيرِ مرفأِ بيروت،وندعو إلى وقفِ التشكيكِ المتصاعِد بعملِ القضاء. لا يجوزُ أن نَخلِطَ بين القضاة. فإذا كان اتهامُ القاضي الفاسدِ بالفساد طبيعيًا، فلمَ اتهامُ القاضي النزيهِ بالانحراف، والمستقيمِ بالتسيُّس، والشجاعِ بالتهوّر، والمصمِّم بالمنتقِم، والصامتِ بالغموض، والعادلِ بالاستنسابيّ؟ كأن الهدفَ ضربُ عملِ القضاء ككلٍّ وتحويلُ المجتمعِ إلى غابةِ إجرامٍ مُتنقِّلٍ دونما حسيبٍ أو رقيب.
إننا ندعو إلى استمرارِ التحقيقِ القضائيِّ، وأن تَسقُطَ الحَصاناتُ عن الجميع، ولو بشكلٍ محصورٍ وخاصٍّ بجريمةِ المرفأ، ليَتمكّنَ القضاءُ العدليُّ الذي تَقدّمَ كفايةً من أن يَستمعَ إلى الجميعِ من دونِ استثناءٍ، أي إلى كلِّ من يَعتبره المحقِّقُ معنيًّا وشاهدًا ومتّهمًا مهما كان موقِعُه، ومهما علا إذا كان كلُّ مواطنٍ تحت سلطةِ القانونِ، فكم بالحريّ بالمسؤولين الّذين تَولّوا ويتولّون مناصبَ ومواقعَ وحقائبَ وإداراتٍ وأجهزةً في هذه المراحلِ الملتَبِسة؟”.
وختم قائلا: “نصلّي إلى الله لكي يستلهم القيّمون على خدمة عدالة الأرض، أنوار عدالة السماء والإنصاف. ولترتفع من أرضنا كل حين أناشيد المجد والتسبيح للآب والإبن والروح القدس، الآن وإلى الأبد، آمين”.