فيما تستعد الأحزاب والقوى السياسية لمضاعفة انشغالاتها في متابعة التحضيرات للانتخابات النيابية، ثمّة سؤال يشغل المراقبين عن قدرة وزارة الداخلية والبلديات في تأمين الاعتمادات المالية والنفقات المطلوبة في هذا الاستحقاق المنتظر، الذي تحوّل على شكل “مونديال سياسيّ”، يحظى بمتابعة في الداخل وصولاً الى أكثر من جهة في الخارج تترقّب النتائج التي سيخرج بها الناخبون، وسط كلّ هذه الحماسة التي يظهرونها. وتمثّلت أولى معالمها في ارتفاع أعداد المسجّلين في الخارج من مختلف المشارب. وفي تقرير وصل الى مرجع متابع، أظهرت له ماكينته الانتخابيّة أنّ الأهواء السياسيّة للعدد الأكبر من المسجّلين المسيحيين تميل الى”القوات اللبنانية”، التي لم يقتصر نشاطها هنا على بلدان أوروبية وخليجية وصولاً الى كندا وأميركا، بل تمكّنت من حجز نسبة لا بأس بها من المسجّلين في دول أفريقية التي توجد فيها أكثرية من المغتربين الشيعة. وعلى الرغم من المناخ السياسي الملبّد بجملة من المشكلات القضائية والمالية التي تعانيها حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، يتعاطى وزير الداخلية بسام مولوي مع الانتخابات بدرجة عالية من الاهتمام والمتابعة اليومية. ويرفض كلّ ما يتردّد من انّ ثمّة جهات لا تريد هذا الاستحقاق او تعمل على تأجيله والتمديد للبرلمان.
ويقول مولوي لـ”النهار” بأنّه لم يلمس عند رئيسي الجمهورية ميشال عون وميقاتي أيّ توجّه لعدم اجراء الانتخابات في موعدها. وسمع الكلام والموقف نفسه من الرئيس نبيه بري. ويوجّه رسالة للناخبين المقيمين والمغتربين في بلدان الاغتراب أن لا صحّة للهروب من الانتخابات “واستعدوا لها جيّداً. ولا مشكلة في النتائج واحترام ما سيقرّره اللبنانيون”. ويدعو الجميع الى ممارسة اللعبة الديموقراطية بكلّ أبعادها، وعلى الجميع تحمّل مسؤولياتهم هنا في اختيار من يريدون إيصاله الى الندوة البرلمانية، وانّ الوزارة ستكون على مسافة واحدة من جميع المرشحين سواء أكانوا في السلطة أم خارجها.
ماذا عن الاعتمادات المالية؟
يردّ مولوي هنا بأن لا مشكل لدى الحكومة في تمويل الانتخابات “ولن تتجاوز كلّ نفقاتها أرقام ما ينفق على الكهرباء في أسبوع واحد”. ويضع في برنامج إدارته لهذه الانتخابات مسألة الاعتمادات وتأمينها في مطلع العام المقبل، “ولا داعي للقلق حيال هذه المسألة”. وكانت وزارة الداخلية منذ أيام الوزير السابق محمد فهمي قد تلقّت وعوداً من أكثر من جهة دولية بمدّ الحكومة بمساعدات مالية لإتمام الانتخابات من برنامج الأمم المتحدة الأنمائيّ وبلدان أوروبية. يؤكّد مولوي هذا الأمر على أساس أنّه سيتمّ الحصول على هذه المساعدات من دون أن تمسّ في سيادة البلد أو تتدخّل في العملية الانتخابية “وهذا أمر محسوم من جانبنا”. وانّ رصد الارقام المالية لهيئة الاشراف على الانتخابات”ستتوفر ايضاً”. وعلى سيرة الهيئة التي تُلقى على عاتقها مهمّات كبيرة في هذا الاستحقاق لا يعمل من الاعضاء المعيّنين منها سوى ثلاثة من اصل 11، وسافر بعضهم الى الخارج. وكان أكثرهم ” ضيوف شرف” في صفوفها ويحصلون على مخصّصات مالية من دون وجه حقّ. ومن واجب الحكومة ان تتنبّه جيّداً إلى هذا الأمر هذه المرّة في مواكبة الانتخابات المقبلة.
ويكشف مولوي انّ الجهات المعنية في الوزارة تحضّر الامور اللوجستية كما يجب، ولا توجد أيّ مشكلة في هذا الخصوص. وكانت قد تلقّت في الايام الاخيرة لوائح الذين تسجلوا في الخارج وهي على تعاون مع وزارة الخارجية والمغتربين، ولا مشكلة في هذا الخصوص. وتحضّر وزارة الداخلية للانتخابات بطريقة سلسة ومدروسة من مختلف النواحي المطلوبة، وضمن المهل التي لن يتمّ تجاوزها. ولا يعلّق مولوي على القرار المنتظر من المجلس الدستوري في شأن الطعن الذي قدّمه تكتل “لبنان القوي” على التعديلات التي أدخلت على القانون. ومهما كان جواب “الدستوري” سواء للسير بالتعديلات او الطعن بها فانّ الداخلية على استعداد تامّ لإجراء الانتخابات. وسيقترع المغتربون في هذا الاستحقاق سواء في الدوائر الـ15 اذا بقي هذا التعديل على حاله، او إذا جرت العودة الى حصر انتخاباتهم في الدائرة الـ16.
ويشدّد مولوي على انّ وزارته أعدّت الإجراءات اللوجستية المطلوبة على الصعد الادارية والعملانية المطلوبة. ووصلت من اليوم الى التحضير لتأمين الكهرباء في مراكز الاقتراع وعدم انقطاعها في اليوم الانتخابي الطويل، من لحظة بدء عملية الانتخاب الى فرز النتائج. وتمّ التواصل مع شركة كهرباء لبنان في هذا الخصوص، فضلاً عن تأمين مولّدات كهربائية من باب الاحتياط. ويتولّى المحافظون والقائمقامون التحضير لهذا الأمر الحيويّ في أقلام الاقتراع. ويدعو مولوي اللبنانيين الى الاطمئنان حيال اتخاذ التحضيرات الجارية للانتخابات، وانّه في إمكانهم التعبير عن خياراتهم في صناديق الاقتراع بطريقة سلمية. ويشيد في الوقت نفسه بالأجواء الأمنية المقبولة في البلد على الرغم من الضائقة التي يعانيها اللبنانيون. وانّ هذا المناخ سينسحب الى يوم الاقتراع. ويتابع على مدار الساعة التقارير الأمنية التي تصله من الضباط المعنيين في وزارة الداخلية، و”هي مقبولة”، رغم كلّ الأوضاع الصعبة في البلد. وانّ من أولى أولويات الحكومة إجراء هذا الاستحقاق واحترام موعده سواء في 27 اذار المقبل أو في 8 آيار المقبل أو في 15 منه، لأنّ توقيع مرسوم الدعوة لتحديد هذا اليوم يحتاج الى توقيع وزير الداخلية فضلاً عن رئيسي الحكومة والجمهورية.
المصدر: النهار