شنكر يكشف رؤية واشنطن: ترسيم الحدود مع لبنان أولوية… والتطبيع ليس على الطاولة بعد

بعد أيام قليلة على تأكيد المبعوث الأميركي الخاص للشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، دعم الولايات المتحدة للرئيس اللبناني جوزيف عون وحكومة نواف سلام في سعيهما لبسط سيادة الدولة على كامل الأراضي اللبنانية، جاء إطلاق دفعة من الصواريخ، السبت، من جنوب لبنان باتجاه إسرائيل، في ما يبدو أنه “رسالة اعتراض” من جهات لا تتوافق مع هذا التوجه.

ورغم أن القذائف وُصفت بـ”مجهولة المصدر”، إلا أن توقيتها جاء في ظل تصعيد إقليمي يشمل غزة واليمن. في المقابل، سبقت هذا التصعيد تسريبات إعلامية تحدثت عن عدم رضا إدارة ترمب عن تعاطي المسؤولين اللبنانيين مع ملف “حزب الله”، وسط مؤشرات على أن واشنطن قد تدفع بيروت نحو مفاوضات سياسية مباشرة مع إسرائيل، بهدف إحداث خلط في الأوراق الداخلية وزيادة الضغوط على رئاسة عون وحكومة سلام.

في هذا السياق، يرى ديفيد شنكر، مساعد وزير الخارجية الأميركي السابق، أن التقارير الإعلامية التي تحدثت عن انزعاج واشنطن من أداء الحكومة اللبنانية في ملف “حزب الله” قد لا تعكس موقف الإدارة الأميركية بالكامل. وأوضح، في تصريح لصحيفة الشرق الأوسط، أن إدارة ترمب تعتبر الجيش اللبناني يبذل جهودًا جيدة في تطبيق القرار 1701 جنوبًا، لكنه شدد على أن عدد القوات المنتشرة لا يزال غير كافٍ، ويمكن اتخاذ خطوات إضافية لتنفيذ التزامات لبنان، بما في ذلك القرار 1559، الذي يدعو إلى نزع سلاح الميليشيات.

وأضاف شنكر أن الحكومة اللبنانية تبدو وكأنها تفضّل استمرار العمليات العسكرية الإسرائيلية ضد “حزب الله” بدلاً من أن تتحمل مسؤولية المواجهة بنفسها، في إشارة إلى ضعف الإرادة السياسية لدى بيروت في معالجة هذا الملف. كما انتقد فعالية قوات “اليونيفيل”، معتبرًا أنها لم تكن ذات تأثير كبير في أي وقت مضى. ومع ذلك، أشار إلى أن الإدارة الأميركية تشعر بارتياح نسبي إزاء الوضع الحالي.

فيما تثار تكهنات حول ضغوط أميركية على لبنان للدخول في مسار تطبيع مع إسرائيل، يؤكد شنكر أن إدارة ترمب تركز بشكل أساسي على استكمال مفاوضات ترسيم الحدود بين البلدين، وليس على مسألة التطبيع. وأوضح أن هناك نحو 12 نقطة متنازعًا عليها على طول الحدود البرية، لكنها تُعتبر ملفات صغيرة نسبيًا يمكن حلها بسهولة، خصوصًا في ظل تراجع نفوذ “حزب الله” على القرار السياسي في بيروت.

لكن شنكر اعتبر أن أبرز التحديات تكمن في ملف مزارع شبعا، الذي لطالما استُخدم كذريعة لاستمرار “المقاومة”. وقال إن هذه المنطقة معترف بها دوليًا على أنها سورية، إلا أن نظام بشار الأسد لم يحسم موقفه منها رسميًا بسبب الضغوط الإيرانية ورفض “حزب الله” لذلك. وأكد أنه في حال أعلنت دمشق بوضوح سيادتها على شبعا، فإن ذلك سيفقد “حزب الله” مبرره الأساسي للاحتفاظ بسلاحه وفرض هيمنته على لبنان.

وفي سياق متصل، رأى الباحث باراك بارفي، من مؤسسة نيو أميركا في واشنطن، أن التصعيد الأخير في جنوب لبنان جاء ضمن محاولات إيرانية للرد على الضغوط الأميركية المتزايدة، لكنه اعتبر أن هامش المناورة الإيرانية بات ضيقًا. وأوضح أن القدرات العسكرية لـ”حزب الله” تضررت بشكل كبير، خاصة بعد الضربات التي تعرض لها في سوريا، ما أدى إلى تراجع دوره في المعادلة الإقليمية لصالح الحوثيين في اليمن، الذين باتوا يشكلون الورقة الأهم بيد طهران، لكن تهديدهم يتركّز على الملاحة البحرية أكثر من المصالح الأميركية والإسرائيلية المباشرة.

المصدر الشرق الأوسط

شاهد أيضاً

جاء في اسرار الصحف اليوم 8 نيسان 2025

الجمهورية رفضت أكثر من 1000 بلدية الالتزام بآليات ومراسيم تنفيذ قانون، قد يُعرِّض مئات المسؤولين …