السواقي والأقنية ملجأ عمال الدهان

كتب مايز عبيد في “نداء الوطن”:

يحاول أصحاب المهن في عكار الإستمرار رغم واقعهم الصعب والمرير، وذلك على قاعدة مكرهٌ أخاك لا بطل. إذ ليس أمامهم أي خيارات أخرى إذا ما قرروا التوقّف عن متابعة أعمالهم؛ سوى البقاء من دون أعمال ومصاريف وأموال.

نتحدث هنا عن العمال اليوميين أو أصحاب المهن اليومية مثل: حدادة، بويا ودهان.. وغيرها من المهن التي يعمل أصحابها بمبدأ “كل يوم بيومه”، ومن ضمن ما يحتاج إتمام العمل فيها، المياه بشكل دائم، وعنها في هذه الأيام حدِّث ولا حرج. ففي ظل الانقطاع الدائم للتيار الكهربائي وكذلك كهرباء المولدات الخاصة وارتفاع أسعار المازوت بشكل جنوني، ارتفعت أسعار صهاريج المياه بشكل كبير حتى تعدّى سعر الصهريج الواحد المئة ألف ليرة وفي بعض الأماكن وصل إلى مئتي ألف ليرة لبنانية. ولما كان عمال حدادة ودهان السيارات بحاجة دائمة إلى وجود المياه، كانوا يلجأون في السابق إلى شراء الصهاريج وتعبئة خزاناتهم لاستعمالها في أعمالهم، وكان سعر الصهريج الواحد في السابق 15 ألف ليرة لبنانية. أما الآن، ومع ارتفاع أسعار المياه على هذا النحو، فلم تعد هناك قدرة على شراء الصهاريج، سيما وأن دهانين يكونون مثلًا أمام تصليحة صغيرة في سيارة (حادث صغير، كسر معين، تغيير شيء ما..) وقد لا تتجاوز أجرة معلم التصليح على هذا العمل أكثر من مئة أو مئتي ألف ليرة، فكيف سيشتري صهريج مياه للغسيل والإستعمال؟ وهل يدفع كل ما سيأتيه مقابل هذه التصليحة لأجل تأمين المياه؟

يقول عبد الرزاق عباس من عكار وهو يعمل في مهنة حدادة ودهان السيارات: “بتنا نلجأ هذه الأيام إلى مياه السواقي والأقنية حتى نغسل السيارات أثناء القيام بتصليحها، لأن أسعار المياه مرتفعة جداً والكهرباء دائماً مقطوعة. فمن المعلوم أن عامل دهان السيارات بحاجة إلى المياه ليغسل بها مكان التصليح أو المعجونة وذلك من أجل نعومة السيارة ونجاح المعجونة وتثبيتها في مكانها وضمان جودة العمل. للأسف في هذا البلد العجيب عليك أن تؤمن كل شيء بنفسك وكأنّ لا دولة تهتم بأمور الناس، وعليك في هذه الأيام وفي ظل انقطاع كل شيء تقريباً، أن تدبّر أمرك بنفسك وتخترع لكل مشكلة حلاً تحاول فيه التخفيف قدر الإمكان من المصاريف، وإلا اجلس في بيتك واترك العمل وإذا ما تركنا العمل من أين سنأكل ومن أين سيأكل أولادنا؟.. يبقى أن تحصل في النهار على مدخول 100 ألف أو 50 ألف ليرة أفضل من لا شيء في بلد صار كل شيء فيه غالياً إلا كرامة الإنسان”.

وتجدر الاشارة الى أن عكار تعاني منذ مدة من أزمة تأمين المياه بأنواعها، وسط ارتفاع أسعار الصهاريج بسبب تداعيات انقطاع الكهرباء المتواصل وارتفاع أسعار المازوت، ناهيك عن انقطاع العديد من الخدمات والإحتياجات بشكل كامل أو تردّي أوضاعها نحو الأسوأ.

شاهد أيضاً

الصليب الأحمر: لتوخي الدقة في نشر المعلومات

نفى الصليب الأحمر اللبناني، اليوم الثلاثاء، في بيان “ما يتم تداوله عبر وسائل الإعلام عن …