كتب رامح حمية في جريدة الأخبار :
873 غارة هي «حصّة» البقاع من الاعتداءات الإسرائيلية منذ عشرين يوماً وحتى ليل أمس، بمعدل 40 غارة يومياً، كان النصيب الأكبر منها لمدينة بعلبك التي انفجر «قلبها» أمس مع الغارات العنيفة التي شنّها العدو للمرّة الثانية على السوق التجاري مدمّراً معظم معالمه.
ليل الإثنين – الثلاثاء، طاولت الغارات معظم المناطق من قلب مدينة بعلبك إلى قرى الجوار وصولاً إلى النبي شيت ويونين ودورس ورياق وعلي النهري والعين وشعت والكرك وأبلح وسهل الفرزل وغيرها من المناطق، حيث «كان معظم ما دُمّر أبنية سكنية ومحال تجارية ومحيط مراكز طبية»، يقول عضو لجنة الطوارئ في بلدية بعلبك، صبحي بلّوق. ولم يستثن القصف المستشفيات، إذ أغار طيران العدو على محيط مستشفى المرتضى، ما أدى إلى تضرر بعض أقسامه التي خرجت لاحقاً من الخدمة. القصف قضى على «معالم» اعتاد عليها الناس طويلاً، منها قبّة منطقة دورس الأثرية.
خالد، أحد أبناء مدينة بعلبك، آثر وعائلته الصمود في المنزل الذي «لا يزال واقفاً حتى اللحظة». لم يترك بيته، برغم لحظات الرعب التي يعيشها في كل يوم مع انتصاف الليل، حين تشتدّ الغارات. وهي ليست حاله وحده، وإنما أحوال معظم أبناء البقاع الذين صمدوا في بيوتهم، حيث يعيشون على وقع عبارتين «حيطة وحذر» و»حربي بالأجواء» التي تتناقلها مجموعات لجان الطوارئ التي أنشأها الصامدون في قراهم. ولأن لا توقيت محدّداً للغارات، وبالتالي لا هدنة مع العدو، يلزم الناس بيوتهم حيث لا خروج إلا لتأدية أمور ملحّة، فيما بقي «الميدان» لفرق الإنقاذ التي تتوزّع بين أماكن الاستهداف لانتشال الضحايا وإنقاذ من هم على قيد الحياة أو جرف الأنقاض وفتح الطرقات.
ومنذ منتصف الليل وحتى صباح أمس، شنّ الطيران الحربي 12 غارة على مناطق البقاع، نصفها كان من نصيب مدينة بعلبك وأحيائها. وكان أول الاستهدافات تدمير منزل عند أطراف مدينة بعلبك، لتبدأ بعده جولة القصف الليلية. ولعلّ ما خبره الناس هذه المرّة هو انتشار الروائح الكريهة في معظم أحياء مدينة بعلبك، ما دفع السكان المتبقّين هناك إلى ارتداء الكمامات وإقفال النوافذ طيلة الليل وحتى الصباح.
واستهدفت الغارات أيضاً سهل بلدة الفرزل في البقاع الأوسط ورياق، وبلدتي دورس وشعت، دون وقوع إصابات. كما بدا لافتاً، وعلى مدى اليومين الماضيين، تركيز العدو الإسرائيلي على قطع سائر المعابر الحدودية الشرعية منها وغير الشرعية، حيث دمّرت أمس عبّارات صغيرة عند معبر مطربا وحوش السيد علي ومحلة الزكبة في جرود الهرمل على طريق بلدة جرماش على الحدود اللبنانية السورية. كذلك أغار على حي الكرك للمرة الثالثة، مستهدفاً مبنى سكنياً وكذلك الأمر في رياق حيث تسبب بمجزرة جديدة راح ضحيتها حتى عصر أمس 10 شهداء، إضافة إلى قصف بلدة قصرنبا. يشار إلى أن حصّة البقاع من الشهداء بحسب الإحصائيات بلغت 379 شهيداً حتى صباح أمس ونحو 880 جريحاً توزّعوا على مستشفيات المنطقة.