كتب احمد الايوبي في” نداء الوطن”:
أثار ظهور ثلاثة عناصر مسلحة وإطلاق النار في تشييع القيادي في «قوات الفجر» محمد رياض محيي الدين حفيظة نواب بيروت وضاح الصادق، إبراهيم منيمنة وفؤاد مخزومي، الذين انتقدوا المظاهر المسلحة في العاصمة ودعَوا إلى أن تكون خالية من السلاح بجميع أنواعه وانتقدوا بمستويات متفاوتة ما جرى، الأمر الذي وضع قيادة «الجماعة» أمام اختبارٍ حسّاس يكشف دقّة ما تواجهه في محاولاتها الجمع بين العمل العسكري في الجنوب وبين الضبط الداخلي وعدم الانجرار نحو الشعبوية وبين الحفاظ على ثوابتها حول الدولة والشرعية وقرارها الانفتاح على القوى اللبنانية وتفعيل عملها السياسي مواكبةً للتحوّلات الجارية في الداخل والإقليم.
تشير معلومات خاصة بـ»نداء الوطن» إلى أنّ نقاشاً داخلياً استتبع التشييع وخلص إلى ضرورة منع تكراره والاكتفاء بمواقف «الجماعة» المتعلقة بفصل سلاحها المقاوِم عن الساحة الداخلية، بينما يكشف مصدر قياديّ في «الجماعة» أنّ البنادق الثلاث التي ظهرت في التشييع حُمِلَت لرمزيتها كونها عائدة لقادتها الثلاثة الذين قضوا في الجنوب وأنّ إطلاق النار المرفوض نتج عن حماسة الشباب المتأثرين بفقد رفاقهم ولا يعبِّر عن قرار باعتماد المظاهر المسلّحة.
النائب عماد الحوت قال «لا بدّ من التوضيح مجدداً بأنّ الجماعة لم يكن من منهجها أو سلوكها يوماً أن تستقوي على أحد بقوة السلاح لأنها تؤمن بأنّ مكان السلاح هو في مواجهة العدو على الحدود، وأن في داخل المجتمع اللبناني ليس هناك عدو وإنما منافس أو صديق. وما حصل أثناء تشييع الشهداء إنما هي ردة فعل آنية من رفاق الشهداء لإظهار ترابطهم معهم ومع القضية التي استشهدوا من أجلها، قد لا يتفهّمها البعض، ولكنها من أعراف مجتمعنا الممارسة في مثل هذه اللحظات الوجدانية»، داعياً إلى وقف السجال حول هذا الموضوع، رافضاً «أن يلجأ الزملاء الى محاولة تشويه صورة الجماعة واتّهامها باتهامات باطلة، وأدعوهم الى تأجيل التنافس على الجماهيرية الى ما بعد زوال خطر العدو، وإذا أصرّوا على ذلك فأدعوهم الى استخدام الأساليب الشريفة بعيداً عن الاتهامات الباطلة».
المصدر القياديّ في «الجماعة» أبدى تفهّمه للانتقادات الصادرة لكنّه دعا إلى وضع الحدث في حجمه الحقيقي وعدم الجنوح في الإساءة بما لا يحتمله الواقع، غير أنّ متابعين للملف الإسلامي يشيرون إلى أنّه منذ تفعيل الجماعة لقوات «الفجر» وخوضها المواجهات ضدّ العدو الإسرائيلي… بدأت تظهر نزعة عند شرائح من شباب الجماعة تجنح إلى اعتبار العمل العسكري أولوية على الشأن السياسي، وأنّ بعض المسؤولين انجرفوا في التعبير عن هذه النزعة كما فعل نائب الأمين العام الشيخ عمر حيمور في ردّه على منتقدي «الجماعة».