كتبت كارولين عاكوم في “الشرق الأوسط”:
تستمر تداعيات تأجيل تسريح قائد الجيش العماد جوزيف عون والتعيينات العسكرية التي يعارضها فريق «التيار الوطني الحر» ووزراؤه في الحكومة. وينعكس ذلك سلباً على علاقة رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي ووزير الدفاع موريس سليم (المحسوب على التيار) ووصل إلى حد قول ميقاتي في جلسة الحكومة الأخيرة «سليم انتهى بالنسبة لي»، ما استدعى رد فعل من سليم وتدخل نائب رئيس البرلمان إلياس بوصعب بالتأكيد على أنه «من مسؤولية رئيس الحكومة التعاطي مع الوزراء كافة».
وتحدث بوصعب بعد لقائه رئيس البرلمان نبيه بري الأربعاء عن هذا الموضوع، مشيرا إلى أنه تم البحث في ثلاثة مواضيع أساسية بعد الجلسة التشريعية، ومنها التمني والطلب تأكيدا على الكلام الذي قاله الرئيس بري لي بعد نهاية الجلسة، بأن «شغله الشاغل» بعد الأعياد انتخاب رئيس للجمهورية. وأضاف «أما الموضوع الآخر، هو ما يحصل في مجلس الوزراء والكلام الذي سمعناه بالأمس ونسب إلى رئيس الحكومة»، مضيفا «إذا كان هذا صحيحا كما يقول رئيس الحكومة بأنه يعد وزير الدفاع قد انتهى بالنسبة إليه ولا يستطيع التعاون معه، أريد أن أقول للرئيس ميقاتي: من مسؤولية رئيس الحكومة التعاطي مع الوزراء كافة، وبالتأكيد إنه لا يقصد هذا الكلام بهذا الشكل»، متمنيا عليه توضيح الموضوع ومعالجة الأمر.
وأضاف «وزير الدفاع موجود في وزارته وهو عضو في الحكومة مثله مثل رئيس الحكومة، يعني إذا انتهى وزير الدفاع بمهامه في وزارته، فهذا معناه أن الحكومة انتهت وانتهى رئيس الحكومة بالطريقة نفسها…»، مؤكداً «الكلام في حق وزير الدفاع في هذا الشكل لا يعطي نتيجة، نحن نريد إيجاد طرق لحل المواضيع وليس تعقيدها».
وكان قد نقل عن ميقاتي قوله خلال جلسة مجلس الوزراء التي عقدت يوم الثلاثاء: «رئاسة الحكومة ليست مكسر عصا… في اللحظة التي حضر فيها سليم إلى السراي وعلا صراخه، أعد أنه انتهى بالنسبة إليّ، والتعاطي معه سيكون رسميّاً من خلال الكتب»، وذلك بعدما أطلع ميقاتي الوزراء على الكتاب الذي أرسله إلى وزير الدفاع، طالبا منه تقديم اقتراحات تتعلق بملء الشغور في رئاسة الأركان وأعضاء المجلس العسكري، وطرح أحد الوزراء أن يتم إجراء اتصال بين ميقاتي والوزير سليم الذي يرفض التعيينات.
ويدفع مختلف القوى السياسية باتجاه تعيين رئيس للأركان والمجلس العسكري، إضافة إلى إصرار قائد الجيش العماد جوزيف عون على موقفه.
وفي حين لم ينف وزير الإعلام زياد مكاري، بعد انتهاء الجلسة، أن رئيس الحكومة قال بأن التواصل بينه وبين وزير الدفاع سيكون فقط رسميا، لفت إلى أن جواب وزير الدفاع كان واضحا بأننا «سننتظر صدور القرار عن مجلس الوزراء لإقرار القوانين التي صدرت عن مجلس النواب والمتعلقة بالتمديد لرتبتي عماد ولواء، ومن ثم يبنى على الشيء مقتضاه».
وتتجه الأنظار في الأيام المقبلة إلى ما سيقوم به وزير الدفاع. وفي حين رفضت مصادر رئاسة الحكومة التعليق على السجال الحاصل أكدت لـ«الشرق الأوسط» أن الاتصالات جارية وميقاتي سيعطي فرصة للتوافق ومعالجة المشكلة، مستبعدة أن تتم الدعوة لجلسة الحكومة قبل نهاية العام، وأوضحت «هناك زيارة لرئيسة وزراء إيطاليا يوم السبت المقبل إلى بيروت، وبعد ذلك يبدأ أسبوع الأعياد، حيث سيكون تأمين النصاب صعبا بسبب مغادرة عدد من الوزراء إلى خارج لبنان».
وكان الوزير سليم أصدر بيانا اتهم فيه ميقاتي بالوقوع بالتناقضات، وتحدث عن ثوابت بالنسبة إليه. وقال: «إدارة شؤون البلاد تستوجب بالمسؤول – أي مسؤول – ألا يقع في التناقضات، وهذا مع الأسف حال رئيس الحكومة الذي يكرر دائما القول بأن لا تعيينات فئة أولى في غياب رئيس الجمهورية، ثم يطلب من وزير الدفاع أن يقترح أسماء لتعيينات في وزارة الدفاع هي من الفئة الأولى»، سائلا «كيف يستقيم ذلك؟»، مع العلم أن سليم وفريقه السياسي كانا يدفعان باتجاه تعيين قائد جديد للجيش بدل التمديد للعماد جوزيف عون، بعدما كانوا يرفضون إجراء التعيينات في ظل الفراغ الرئاسي.
ولفت سليم إلى أن «موقف غالبية الأطراف السياسيين ومرجعيات روحية تلتقي على عدم القبول بتعيينات في غياب رئيس الجمهورية، وتكثر المزايدات في هذا الاتجاه، لذلك يكرر وزير الدفاع ما سبق أن أعلنه مرارا عن جهوزيته لتقديم اقتراحات بتعيينات شاملة في مؤسسات وزارة الدفاع شرط توافر التوافق الوطني على إجرائها».
وفيما جدد التأكيد على «استعداده لاقتراح أسماء تملأ الشواغر في مؤسسات وزارة الدفاع الوطني»، قال إنه «لن يُقدم على أي خطوة من هذا القبيل ما لم تكن توافقية، لأنه لن يكون شريكاً في تكريس أي انقسام في البلاد حول مؤسسات وزارة الدفاع الوطني كما حصل، ويا للأسف، قبل أيام»، في إشارة إلى قرار البرلمان بتأجيل تسريح قائد الجيش.