بتاريخ 21 حزيران 2023، وبمرسوم صادر عن مجلس النواب، ومُدرج في الجريدة الرسميّة، صدر القانون رقم 312 الرامي إلى فتح اعتماد في موازنة العام 2023 قبل تصديقها، والذي قضى بفتح اعتماد بقيمة 265 مليار ليرة لبنانية، مُخصصة حصرًا لتغطية نفقات إعطاء حوافز ماليّة وبدل نقل لأساتذة الجامعة اللبنانية لتمكينها من استكمال العام الجامعي 2022 – 2023 وذكر أنه لا يجوز استعمال هذا الاعتماد لغير الغاية التّي خصص من أجلّها. وواحدة من أسبابه الموجبة كانت انخفاض القدرة الشرائية للقطاع العام ومن جملتهم الأساتذة، فضلاً عن مُساعدة الجامعة في استكمال العام الدراسي الحالي، لما هو في صالح الأساتذة والطلاب. وبالفعل عوّل الأستاذة على هذا القرار الذي من شأنه المُساهمة في تحسين جزئي ومؤقت لمعيشتهم، ويشكل دافعاً لاستكمال العام الدراسي بمرحلته النهائية.
اللافت، كان وبعد أقلّ من شهر على صدور القانون أي بتاريخ 12 تموز 2023، صدور القرار 1003 عن رئاسة الجامعة اللبنانيّة بتوقيع رئيسها بسام بدران ووزير التربية والتعليم العالي في حكومة تصريف الأعمال عباس الحلبي ووزير الماليّة يوسف الخليل، الذي قضى بفتح اعتماد إضافي في مشروع موازنة الجامعة اللبنانية للعام 2023 لتمكين الجامعة اللبنانية من دفع بدل انتاجية لأفراد الهيئة التعليمية والعاملين بكافة مسمياتهم الوظيفيّة، وتعويض حضور للأساتذة المتعاقدين لإنجاز العام الجامعي 2022- 2023. واندرج تحت القرار سبعة مواد، يُعمل بها من تاريخ صدور القرار. أولها فتح اعتماد إضافي بقيمة مئتين وخمسة وستين مليار ليرة في مشروع موازنة الجامعة اللبنانية الادارة المركزية للعام الحالي، لتأمين الاعتمادات اللازمة لإعطاء سائر أفراد الهيئة التعليمية والعاملين بكافة مسمياتهم الوظيفية بدلاً ماليًا، بالإضافة الى تأمين تعويض حضور للأساتذة المتعاقدين، تُقسم كالتّالي: مبلغ 255 مليار ليرة لبنانيّة كتعويض إنتاجيّة، مبلغ 10 مليار ليرة لبنانيّة كتعويض حضور.
فيما يستفيد من بدل الانتاجيّة اليوميّ عن حضورهم إلى العمل منذ بداية أيار 2023:
– 10 دولارات أميركية، لكل من أفراد الهيئة التّعليميّة (ملاك، متعاقدون بالتفرغ) وأفراد الهيئة التّعليمية المتعاقدين بالسّاعة الذين لديهم نصاب تدريسي، 200 ساعة سنويًا وما فوق.
– 7،5 دولار أميركي، لموظفي الملاك والمتعاقدين والأجراء، والمدربين بدوامٍ كامل.
ويترتب على رفض رفع أجر الساعة تأثير مدّمر لجهة منع المتعاقد من الحضور إلى الكلية، خاصة في كليات البقاع والشمال حيث المتعاقد في مسكن بعيد عن الجامعة. هذا ويعتبر رفع أجر الساعة مع المشاهرة مجرد مسكّن، في غياب مشروع يساوي الدكاترة في الحقوق كما ساواهم في الواجبات. وهذا المسكّن ممكن أن تستمر الجامعة من خلاله بشكل مؤقت، لأنّ حالها المرضية لا تحتاج إلى مسكّنات بل إلى علاج، من أجل الطلاب ومن أجل قدوتهم في رأس الهرم العلمي…
هذا ويعمد الأساتذة المتضررين بتسجيل اعتراضات شكلية تنفيسية على الواتساب، في ظل العجز التام للمتعاقد وغياب المرجعية الشراعية لحقوقة، فالمتعاقد يهدر حقه في جامعته، ولهذا تأثير نفسي واجتماعي ينعكس على الأداء الأكاديمي والروح المعنوية للأستاذ المتعاقد. ولا نخفي سراً إن شهدنا حالات انتحار لأساتذة في الجامعة.
حتى هذه اللحظة لا يوجد أية توضيحات من السلطة في الجامعة، الممثلة بوزير التربية ورئيس الجامعة، بحيث قد خالفت مرسوم بدل الإنتاجية، بقرار وقف الإنتاجية، وهذه سابقة قانونية، والمؤلم انه لا جواب من المعنيين بهذا الشأن.
حتماً إن لمثل هذه القرارات تداعيات كثيرة، ستؤدي إلى تدهور جودة التعليم العالي في لبنان. ففي الجامعة اللبنانية يستمر التعاطي غير المسؤول، وغير المحق مع الأستاذ المتعاقد بصورة ترسم أفقاً مظلماً للجامعة اللبنانية، وتنعكس سلباً على جودة التعليم العالي. إن بقي لهذا التعليم جودة مع وضع ٣٣٥٠ استاذ بوضع مزرٍ، وهم يشكاون ٧٠% من كادر الجامعة الأكاديمي.
لا يمكن استمرار العملية التعليمية من دون كوادر إنسانية فاعلة. والقرارات الحالية تؤثّر بشكل سلبي على جميع الأساتذة المتعاقدين، وتؤثر على المدى الطويل على جميع الأساتذة في الملاك خاصة بعد التقاعد. الرابطة لا تقوم بدورها، فلا المتعاقد بخير ولا المتقاعد بخير وتهميش من هو غير متفرغ من متعاقد ومتقاعد نزعة فئوية أثرت على النسيج الأكاديمي وتركت تصدعات في الجسم الأكاديمي يصعب ترميمها وإصلاحها.
المتعاقد قد فقد الثقة برابطة الأساتذة المتفرغين، ومن الصعب أن تعود الثقة خاصة أن المتعاقدين كانوا وقود الرابطة للوصول إلى حقوقهم.