كلام عالي النبرة صدر عن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون حول طهران وتدخّلها في الملف اللبناني، فوصف الأداء الإيراني بـ”المزعزع للاستقرار”، ونقلت مصادر في قصر الإليزيه أجواء مفادها بأنّ إيران لن تتوقف عن زعزعة الاستقرار في بيروت.
تصريح لافت بالشكل والمضمون لماكرون، خصوصاً أنّه كان يُعتبر الرئيس الأكثر قابلية لإجراء تسوية مع إيران بشأن لبنان مقارنةً بباقي أعضاء الدول الخمس التي اجتمعت في الدوحة، فضلاً عن اعتباره الداعم الأول لحلفاء إيران في لبنان “حزب الله” وسليمان فرنجية.
تتحمّل إيران، من خلال حلفائها، وبشكل خاص “حزب الله”، مسؤوليةً في إفشال المبادرة الفرنسية التي يحملها الموفد الرئاسي جان إيف لودريان، بسبب التعنّت في رفض الحلول الوسطيّة، والإصرار على انتخاب رئيس للجمهورية موالٍ لها بشكل كامل، ممّا دفع ماكرون إلى إظهار سأمٍ واضحٍ لجهة مقاربة إيران للملف اللبناني.
عضو مجلس رفع الاحتلال الإيرانيّ عن لبنان، الناشط السياسي أمين بشير، يُشير إلى أن “فرنسا تنضوي أساساً ضمن الدول الخمس التي تبحث في الملف اللبناني، وتتبنّى المطالب لجهة ضمان السيادة وتطبيق القرارات الدولية وإجراء الاستحقاقات”.
وفي حديث لـ”النهار”، يلفت إلى أن “فرنسا أخذت على عاتقها متابعة الملف اللبناني بتفويض أميركي، لكنها اصطدمت بأداء إيران في لبنان، وبعدم إيفاء طهران وحلفائها بالوعود من خلال عدم تسيير شؤون الاستحقاق الرئاسي”.
ويُتابع: “قام ماكرون ببذل تضحيات كثيرة من أجل إيران و”حزب الله”، لكنهما لم يقوما بمقابلة المساعي الفرنسية لإنجاز الاستحقاق، وذلك انطلاقاً من اعتقادهما بأن فائض القوّة سيُمكنهما من تحقيق مكاسب أفضل، فوجدت فرنسا نفسها عاجزة عن التقدّم بالملف اللبناني بسبب إيران”.
وفي سياق متّصل، يعتبر البشير أن “إيران لن تُقدّم التنازلات لفرنسا أو للسعودية، بل للولايات المتحدة. ومن المعلوم أن الانتخابات الرئاسية الأميركية على بعد سنة من اليوم، وبالتالي فإن الأمور قد تطول، لأن طهران لن تُفاوض إدارة أميركية بقي من عمرها سنة واحدة، والاستحقاق الرئاسي قد يُرحّل إلى ذلك الحين”.
ويعود البشير إلى فرنسا مؤكّداً أن ماكرون لن يتوقّف عن مساعيه في لبنان طالما أنّ لباريس مصالح في المنطقة.
من جهته، يقرأ مصدر ديبلوماسيّ في كلام ماكرون فيعتبر أنه يحمل معنيين، فإمّا أن يكون هناك مسار جديد تعبّر عنه الإدارة الفرنسية، ممّا يجعلنا أمام تغييرات مرتقبة على مستوى الطروحات والأداء، خصوصاً في ما يتعلق بالملف اللبناني؛ فإن كان هذا الخيار صحيحاً فسنرى تطوّرات جديدة على مستوى الاستحقاق الرئاسي، وإلا فهو مجرّد كلام، ظاهره تحذيريّ وباطنه قد يكون مكاسب اقتصادية ومنافع. وبالتالي، فإن ترجمة كلام ماركون تحتاج وقتاً ليس ببعيد لتظهر الحقيقة.
ويضيف المصدر الديبلوماسي: “في كل الحالات، فإنّ ما قاله الرئيس الفرنسي يؤكد أن باريس على يقين بأن إيران هي المشكل في كل الحالات، وهي الحلّ أيضاً؛ وبالتالي، يؤكّد أن لا مجال إلّا بإبقاء المسارات مفتوحة مع الجمهورية الإسلامية، مستبقاً ربما أيّ خطوات آحادية من قبل الإدارة الأميركية لعزلها مستقبلاً، أو أيّ خطوات قد تصدر عن اللجنة الخماسيّة مجتمعة”.
النهار