أشار رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، في عشاء هيئة قضاء كسروان الفتوح، بحضور الرئيس السابق العماد ميشال عون، الى أن “معركة استعادة التوازن والشراكة بدأت في العام ٢٠٠٥ مع العماد عون من كسروان الفتوح، حيث برهن أنّ هذا القضاء لا يُدار فقط من خلال الخدمات، ولا يعتبر غريبًا عنه من كان قريبًا من فكره السياسي ووجدانه الوطني”.
وقال باسيل: “من كسروان الجبال والبطاركة والأديرة، انطلقت معركة الحريّة وتحرير الصوت المسيحي من 15 سنة ومسيرة العودة للمؤسسات وللدولة، ومن هذا القضاء أيضًا أوقف العماد عون مرحلة التسلّط على القرار المسيحي، ووضع حدّا لأوهام البعض بالعيش المنفصل”.
وشدّد على أنّ “لبنان الكبير هو وطن نهائي لجميع أبنائه، وأنّ خيارات التيار محصورة بالنظام وليس بالوطن وكبره ونهائيّته”. كما أكّد أنّ “التيار الوطني الحرّ مثلما لم يقبل في الـ2016، لن يقبل اليوم أن يفرض أحدٌ عليه وعلى المسيحيين رئيسًا مارونيًّا خارجًا عن تمثيله ووجدانه وقناعاته، فإما أن يأتي رئيس من عمق وجداننا وقناعتنا، أو أن تسنّ قوانينَ واصلاحات أهم منه”.
وقال: “إنّ العمل جارٍ على سنّ قانون لامركزية موسّعة يصحّح الانماء المناطقي، وقانون صندوق ائتماني يصحّح الانماء الوطني، ومع مشروع بناء الدولة يصبح للبنانيين منظومة قوانين ونظام يسمح لهم بالعيش برفاهية وبكرامةوهكذا ينتهي زمن الخدمات السيئة للمواطنين وزمن اللاعدالة فبالجباية واللامساواة وفي الضريبة، وكل من يدفع للدولة حقوقها وخدماتها يحصل منها على الخدمة الجيّدة السوية والعادلة”.
وسأل “الذين يقولون أنّ تلك الحقوق ليست منّة من أحد، لماذا صمتوا طيلة 33 سنة ولم يُسمع صوتهم عندما أقرّت، واليوم وعندما بدت الفرصة سانحة للتيار لتحصيلها أصبحت حقوق مستحقّة وبلا قيمة، فليذهبوا لتحصيلها إذًا”.
ولفت إلى أنّ “التيار منع الفتنة في البلد منذ سنة ٢٠٠٦ في حرب تموز، وسيستمر بمنعها، كما في الكحالة”.
وتوجّه إلى التياريّين بالقول: “إن الأمر عينه ينطبق على الفساد، فالتيار بمكان والمنظومة بمكان آخر. وهنا أيضًا افتروا على التيار وحمّلوه فسادهم، ولكن الحقائق بدأت تظهر أولاً في القضاء الأوروبي، وقريباً في القضاء الاميركي، وبعدها في التدقيق الجنائي”.
وعن تقرير ألفاريز آند مرسال، أوضح باسيل أنه “على الرغم من اختفاء اجزاء منه وبنيانه على معلومات ناقصة، بدأت تنكشف أرقام وأسماء وشكّل إدانة علنية للمجرم المالي رياض سلامة ومنظومته المالية والسياسية. أما التيار فلم ولن ينكشف أي فساد عليه”.
وقال: “هذا التقرير هو رأس جبل الجليد وهو البداية والتيار سيكمل وله الفخر أن العماد عون هو أوّل من طالب بالتدقيق الجنائي من فرنسا، وبدأ نضاله السياسي من أجله سنة ٢٠٠٥ حتى تم توقيعه عام ٢٠٢١، ويفتخر التيار أيضًا أن الوزير منصور بطيش، ابن كسروان الفتوح، هو أوّل من فضح الفجوة المالية في مصرف لبنان وجريمة الهندسات المالية في 4 نيسان 2019. وللتيار الشرف أن يعلن إرادته باستكمال التدقيق الجنائي في مصرف لبنان وباقي المؤسسات والادارات واوّلها وزارة الطاقة، ليعرف الناس إذا ما كان الصرف في أيام تولي التيار الحقيبة حصل على أمور غير شراء فيول، أي دعم لقطاع الكهرباء الذي كان التيار دائمًا ضدّه. نطالب باستكمال المحاكمة في شراء الفيول لأنّ هناك من إدعى وهو “نحن” وهناك أشخاص هربوا”.
باسيل شدّد على أن “التيار سيكمل لأنهم يكملون التمادي بجريمتهم. فقد سرقوا أموال الناس والآن يريدون سرقة أصول الدولة”، وقال: “لذلك نريد وضعها في صندوق ائتماني”.
وأضاف: “رياض سلامة سرق شعبا ولم يرفّ له جفن، والمستفيدون من أقلامهم الصفراء متل وجوههم، وكلماتهم السوداء متل نواياهم، لم تتوقفت عن تشويه الحقيقة وتضليل الناس وتتهم التيار بالانهيار. سنستمر بملاحقهم، امام القضاء اللبناني والدولي وامام الجمعيات والمنظمات الخارجية، وفي البرلمان اللبناني، لنعرف من وكم استفادوا من الهندسات، ومن وكم حوّلوا الى الخارج في الوقت الذي لم يقدر شعب بكامله أن يسحب شيئًا من أمواله”.
وإذ أكد أنه “صدر تقرير أوّلي كشف حجم ارتكابات كبيرة في المصرف المركزي، والمسؤولون عنها اليوم، أي الحاكم بالانابة ونواب الحاكم من واجبهم كشف الحقائق كاملة من دون أن يطلب منهم القضاء أو أي مرجعية ثانية”، قال: “طالما ثبت وقوع الجريمة على الحاكمية واجب التحرّك التلقائي والفوري واي تقاعس هو بمثابة تغطية للجريمة توازي الاشتراك بارتكابها. كذلك، على المراجع القضائية التي بحوزتها التقرير أن تباشر فوراً بالاجراءات اللازمة تحت طائلة المساءلة المسلكية او القضائية لسبب التمنع عن إحقاق الحق وفي حال اي تقصير وتلكّؤ، نحن سنلجأ للقضاء الخارجي او لمؤسسات في الخارج لملاحقة ومعاقبة القضاة المخلّين. وزارة العدل، المجلس الأعلى للقضاء، النيابة العامة التميزية، التفتيش القضائي، كل القضاة المعنيّين، كلّهم عليهم مسؤولية كسر الصمت والتفرّج أمام أكبر جريمة بحق الشعب اللبناني…ماذا ينتظرون؟”.
وأشار إلى أنه “منذ بضع ساعات أحال مدَّعي عام التمييز الملف إلى المدَّعي العام المالي والنيابة العامة الاستئنافيّة في بيروت وإلى هيئة التحقيق الخاصّة”، محذّرا من “تمييع الملفّ”، قائلاً: “الامور ما بقى بتتخبّى! اكشفوا وإلّا ستُدانوا”.
ولفت باسيل إلى أن “التيار هو تيار مبادئ وليس مصالح – ومبادئه مرتكزة على القيم الانسانية المنبثقة من تعاليم الديانات السماوية ومن الايمان بوجود الله خالق الكل وهو اله الخير والسلام والمحبّة عند كل الاديان. وقيمه كونية في طليعتها الحريّة والكرامة الانسانية والمحبّة”. وقال: “إنّ العلمنة التي نطالب فيها لا تلغي الايمان بالله ولكنّها تفصله عن قوانين الدولة المبنية أيضًا على القيم الانسانية بالتالي، ومع تقديسنا للحرية الفردية وعدم التعدّي عليها. و لا نعتبر أنه يحق للفرد التعدّي على حرية الآخرين، وهذه الحرية الفردية لا تسمح لصاحبها أن يعتبر نفسه أهم من الخالق، ويحاول تغيير الطبيعة البشرية التي خلقنا عليها الله. لا نجرّم الانسان على ما يريد ان يصنعه بنفسه طالما لا يعتدي على الآخر، ولكن لا نسوّق ونشجّع الانسان على تغيير الطبيعة البشرية. ونعتبر ان كل الحركات المموّلة بهذا الاتجاه تهدف لتشجيع المجتمع الاستهلاكي، وقتل المجتمع القيمي القائم على القيمة الأولى والأهم فيه وهي العائلة، والتي هي الوحدة الاساسية للوطن، وخصوصا في مجتمعنا ولا يمكننا التفريط بها”.
أما في الشأن الداخلي للتيار، فتكلّم باسيل عن “الاستحقاق الديمقراطي الذي يستعد له التيار وهو انتخابات الرئيس”. وجدد دعوته للملتزمين للترشّح، وقال: “إنّ الآمال على التيار كبيرة وهو سيبقى المكان الصالح للمناضلين، وللأوفياء، ولأصحاب التضحية، والأمينين عليه وعلى المهمّات الموكلة اليهم. ونطلب من الملتزمين الحفاظ على الأمانة بمواجهة التحديات المقبلة علينا”.
وأضاف: “البلد كما التيار، امانة بأعناقنا. ونحن نضحي وضحيّنا بأنفسنا للحفاظ عليه وعلى هويته وسيادته واستقلاله. كل مورد وثروة في البلد هو أمانة وكذلك النفط والغاز. فقد حافظنا عليها لليوم، ولن نتركها بأيادي الذين منعوها عقودا من الزمن وعرقلوها سنين من حياتنا واوقفوا مراسيمها اربع سنوات من ايّامنا واليوم يركضون ليتصوّروا في المروحية”.
وختم: “سنبقى نقاتلكم قتال المناضلين حتى نسقط كل منظومتكم. وكما كان سقوط أمين صندوقكم المالي عظيماً، سيكون سقوطكم، يا أبناء المنظومة، حتمياً. وسيكون انتصاركم، يا أبناء التيار، حتميا”.
أما الرئيس السابق ميشال عون فتطرّق في كلمته الى ملف النفط، مؤكدا أن “الوزير جبران باسيل هو من قام بالبحث عن النفط وحدد الخريطة مع الدولة النروجية وهي أول دولة وجدت أن هناك نفطاً في البحر وقام بعدها بطرح موضوع استدراج المتعهدين”، مشيرا الى أنه “كان ينقص إقرار مرسومين وقدمت حوالى 56 شركة نفط في العالم، ولكن لم ينتهوا من إقرار المرسومين في مجلس الوزراء لمنع باسيل من تلزيمها”.
وأوضح أنه بعد وصوله الى رئاسة الجمهورية وضع المرسومين على جدول أعمال أول جلسة لمجلس الوزراء “كأول بند وهكذا أقرا وبعدها كلف وزير الطاقة بالتلزيم”، وقال: “وقع حادث دفعنا الى ايقاف عملية البحث عن النفط في المنطقة الشمالية وهذه لها قصة أخرى أوصلت للترسيم”.
وتحدّث عون عن دور القضاء، مشيرا الى أنه “عندما استلم سدة الرئاسة اجتمع بمجلس القضاء الاعلى الذي حضر لتقديم التهنئة”، وقال: “ابلغتهم أنني “سقف فولاذي” وفي حال تعرضتم لضغط احضروا الي وأنا اتحمل المشكلة عنكم وفي نهاية ولايتي عدت والتقيت بهم وسألتهم: ” قلت لكم مرة أن تأتوا الي في حال تعرضتم لمشكلة، مرت ست سنوات ولم أر أحدا هل أعتبر أن القضاء “ماشي مثل الساعة؟”.
وقدّم التهنئة للقاضي جان طنوس “الذي بدأ بالتحقيق العدلي اللبناني بالجرائم المالية المرتكبة وللمدعي العام غادة عون التي مسيرتها مسيرة الابطال ورغم التهديدات بقيت على قناعاتها ورئيسة هيئة القضايا هيلانة اسكندر التي تدافع عن مصالح لبنان وتعمل بكل أمانة”، متطرّقاً الى “موضوع التدقيق الجنائي الذي أتت نتائجه مطابقة لضميرنا ولكن هناك مخالفات ارتكبت من قبل من يحمون حاكم مصرف لبنان، ولكن لبنان الذي عمره 103 سنوات لم يشهد محاسبة رئيس جمهورية للمسؤولين عن الفساد”. وقال: “للأسف صارت المعركة على حسابي. النقابات لم تدعم محاربة الفساد والإعلام انتقدني كذلك حلفاء سياسيون التزموا الصمت وهنا بقينا في المعركة وحدنا”.
وختم: “نحن نحارب لبناء الوطن وهناك ناس يقاتلون للسلطة وهذان الهدفان لا يمكن أن يلتقيا”.