كتبت عزة الحاج حسن في “المدن”:
تقلّصت الدولارات المُباعة عبر منصة صيرفة بشكل تدريجي، خلال شهر تموز الجاري. وتراجع مستوى تدخل مصرف لبنان في سوق الدولار إلى حدود دنيا، يُتخوّف أن تنعدم في الأيام القليلة المقبلة، فيما لو استمرت بالوتيرة الانحدارية نفسها.
في النصف الأول من شهر تموز الجاري، ضخّ مصرف لبنان مبالغ كبيرة تتراوح بين 150 و200 مليون دولار يومياً، تراجعت في الأسبوع الثالث لتتراوح بين 100 و120 مليوناً. أما يوم أمس فتراجعت المبالغ إلى 70 مليوناً.
تراجع دولارات صيرفة
تراجعت المبالغ الدولارية التي يبيعها مصرف لبنان في السوق بشكل بارز. ومن المتوقع، حسب مصدر مصرفي، أن تشهد مزيداً من التراجع في الأيام القليلة المقبلة. ويعزو المصدر سبب تراجع المبالغ الدولارية المًباعة من مصرف لبنان، إلى تراجع إقبال المواطنين على التقدّم بطلبات صيرفة إلى المصارف، خوفاً من تأخر عمليات التحويل من مصرف لبنان، أو ربما توقف عمليات التحويل وبيع الدولارات كلّياً، تماشياً مع تلويح نواب حاكم مصرف لبنان بتعليق العمل بمنصة صيرفة كلّياً، على ما يقول المصرفي.
وكان نواب حاكم مصرف لبنان قد أعلنوا في وقت سابق اعتراضهم على آلية عمل منصة صيرفة، التي انطلق العمل بها في أيار عام 2021 بموجب تعميم مصرف لبنان رقم 157، وذلك لافتقارها إلى الشفافية وتطبيقها وفق آلية مشبوهة غير واضحة، لجهة عدم معرفة المستفيدين من دولارات المنصة ومسارات الدولارات التي يتم بيعها من قبل مصرف لبنان.
مصدر آخر يعزو أسباب تراجع ضخ مصرف لبنان للدولارات عبر منصة صيرفة، إلى تعمّد مصرف لبنان إحكام الخناق على السوق قبل انتهاء ولاية حاكم المركزي رياض سلامة، في محاولة للدفع باتجاه تفلّت سعر الصرف في السوق السوداء، والضغط بالتالي في اتجاه التمديد لحاكم مصرف لبنان، الذي يتعمّد -حسب المصدر- الإيحاء بأن استقرار السوق مرهون بوجوده على رأس مصرف لبنان والناظم لمنصة صيرفة.
نواب الحاكم وصيرفة
يسعى نواب حاكم مصرف لبنان لاسيما منهم النائب الثالث، سليم شاهين، وهو أكثرهم اطلاعاً على الشؤون النقدية، إلى وضع خطة بديلة لمنصة إلكترونية للتداول النقدي، متقدمة عن منصة صيرفة القائمة حالياً، وفق ما يوضح المصدر. فمنصة صيرفة التي أطلقها مصرف لبنان منذ أكثر من عامين على أساس ان تؤمن شراء الدولارات من المصارف بسعر أدنى من السوق السوداء، بهدف ضبط السوق من جهة وتأمين دعم مالي للتجار والمستوردين من جهة أخرى، باتت اليوم أداة لاستنزاف دولارات مصرف لبنان، على حساب تحقيق ارباح هائلة غير مشروعة. كما أنها باتت مهيأة لتمرير عمليات تبييض الأموال.
ويكشف المصدر أن شاهين يضع بمساعدة لجنة من الخبراء، آليات عمل جديدة للمنصة بشكل يضمن فيه مراعاتها معايير الشفافية والحوكمة، مع تلبيتها الهدف الأساس من إنشائها، وهو كيفية التعامل مع السوق السوداء للدولار، وتحويلها إلى ناظم للنقد. وذلك تمهيداً لمساهمتها في توحيد أسعار الصرف في المديين القريب والمتوسط.
ويشير المصدر إلى حرص نواب الحاكم، فيما لو تراجعوا عن نيتهم الاستقالة واستمروا بتسيير عمل مصرف لبنان، إلى محاولة لجم عملية استنزاف الدولارات في مصرف لبنان. وهو الأمر الأهم بكل التعديلات المطروحة على منصة صيرفة.
وكان شاهين قد أكد في وقت سابق لوكالة “رويترز” أن قيادة مصرف لبنان تجري محادثات مع صانعي السياسات في الحكومة والبرلمان، وكذلك مع صندوق النقد الدولي، بشأن الحاجة إلى وقف العمل بهذه المنصة، نظراً لافتقارها إلى الشفافية والحوكمة.
وفيما خص تلويح نواب الحاكم الأربعة بالاستقالة، يتوقع المصدر أن يتقدّم النواب الأربعة بالإستقالة الشكلية. وذلك لإسقاط مسؤوليات الوضع الخطر عن كاهلهم، في مقابل استمرارهم بتسيير أمور مصرف لبنان، لاسيما لجهة وضع خطة بديلة عن منصة صيرفة وإدخال تعديلات جوهرية عليها.