تتميّز الكنائس الشرقية التي تتبع التقويم الغربي بتطورها وحداثتها وتنظيمها، وهذه صفات تمكنت الكنائس المذكورة من تحقيقها بفضل عِلم مرجعياتها، ادراكهم وانفتاحهم، وبفضل العلاقة التي ربطت كنائسهم بالكرسي البابوي في روما، التي كان لها الدور الأبرز في منهجة الكنائس الشرقية الكاثوليكية ومنحها الطابع المؤسساتي على صعيد قوانينها الداخلية، كما على صعيد احتفالاتها الليتورجية ( القداديس والرتب) بالاضافة طبعا الى صلواتها والعلاقة التي تربط العلمانيين بالاكليروس.
وبطبيعة الاحوال، لكل علاقة بين طرفين سلبيات وايجابيات في الوقت نفسه، لكن ما يتم تسليط الضوء عليه في الأسطر التالية، هو البعد المؤسساتي للكنائس الذي ساهمت روما في بلورته، وذلك للاضاءة على قانون كنسيّ جديد صدر عن الدوائر الفاتيكانية في روما خلال الفترة الوجيزة المنصرمة، ينص بشكل مختصر على تعديل جديد يدخل الى الآلية المتبعة في انتخاب بطاركة الكنائس الشرقية التي تتبع التقويم الغربي. وهذا التعديل يزيل صفة الناخب عن المطارنة الذين تخطى عمرهم الـ80 عاما، مع العلم ان بعض الكنائس الشرقية ومنها الكنيسة المارونية تحيل المطران على التقاعد عند بلوغه الـ75 سنة.
وقد تم نشر نص القانون على الموقع الرسمي للفاتيكان وجاء على النحو الآتي:
“في إرادة رسولية صدرت اليوم قرر البابا فرنسيس فقدان الأساقفة أعضاء مجامع الكنائس الشرقية لأصواتهم في انتخاب البطاركة والأساقفة مع بلوغ الثمانين من العمر. ويُستثنى من هذا الإجراء البطاركة وأساقفة الإيبارشيات الذين لا يزالون يواصلون مهام مناصبهم.
نُشرت اليوم الاثنين 17 نيسان أبريل إرادة رسولية لقداسة البابا فرنسيس بعنوان Iam Pridem تُدخل تعديلات على بعض قواعد القانون الكنسي للكنائس الشرقية تتعلق بالأساقفة الذين يبلغون ٨٠ عاما الأعضاء في مجامع أساقفة كنائسهم. وفي مقدمة هذه الوثيقة أشار الأب الأقدس إلى أن بعض البطاركة ورؤساء الأساقفة والأساقفة قد أطلعوا ومنذ فترة دائرة الكنائس الشرقية على المصاعب التي أبرزتها مجامع الأساقفة بسبب أعداد الأساقفة الشرقيين الذين يشاركون بفعالية وخاصة في انتخاب الأساقفة ورؤساء وآباء الكنائس. وتابع البابا فرنسيس أن كبار المسؤولين هؤلاء قد طلبوا من الكرسي الرسولي إصدار قاعدة تستبعد تصويت الأساقفة الأعضاء في المجامع مع بلوغ الثمانين من العمر.
وعقب هذه المقدمة كتب قداسة البابا في الإرادة الرسولية الجديدة أنه، وانطلاقا من هذه الدعوة وبعد التشاور مع دائرة الكنائس الشرقية ودراسة النصوص القانونية وأخذ بعين الاعتبار احتياجات وخير الكنائس البطريركية، يتم تعديل بعض مواد قانون الكنائس الشرقية لتنص على أن يصوِّت لانتخاب البطاركة والأساقفة، وأيضا المرشحين لمناصب الأسقف الإيبارشي والأسقف المعاون والأسقف المساعد خارج حدود الكنيسة البطريركية، جميع أعضاء مجمع الأساقفة، وفقط أعضاء المجمع، ولكن يفقد الأصوات في المجامع الأساقفة الذين يبلغون ثمانين عاما باستثناء البطاركة وأساقفة الإيبارشيات الذين لا يزالون يواصلون مهام مناصبهم حتى بعد بلوغهم هذه السن”.
وفي سياق متصل، أكدت المصادر لـ”لبنان24″ أن القانون المشار اليه اعلاه يطرح علامات الاستفهام حول هوية بطاركة الكنائس الشرقية الكاثوليكية المقبلين، وبشكل خاص حول هوية البطريرك الماروني المقبل، فصحيح ان البطريرك مار بشارة بطرس الراعي ما زال يمارس مهامه البطريركية بشكل طبيعي ومن دون اي نقصان، وصحيح انه يحتسب للراعي نشاطه ومتابعته لمختلف الملفات المتعلقة بالقضايا الكنسية وبالشؤون الوطنية بشكل مستمر وأكيد، الا ان علامات الاستفهام تطرح حول رغبة البطريرك الراعي وحول امكانية تكرار تجرية المثلث الرحمة البطريرك مار نصرالله بطرس صفير.
اذن، يبدو الهدف من القانون الذي يحدد عمر المطارنة الناخبين واضحا ومفهوما لجهة بعده التنظيمي، لكنه يخلق في الوقت نفسه تركيبة جديدة ومختلفة ضمن “مجالس المطارنة” الكاثوليك في الشرق، فهل يكون له اي تأثير في تحديد هوية البطاركة المقبلين؟
لبنان 24