كتبت كارولين عاكوم في “الشرق الأوسط”:
لا تزال قضية عودة النازحين السوريين في لبنان إلى بلدهم تأخذ حيزاً كبيراً من النقاش السياسي، وستكون بنداً رئيسياً في الجلسة المقبلة للحكومة، في 22 أيار الحالي، بعدما كانت، أول من أمس (الثلاثاء)، محور بحث في اجتماع لجنة الإدارة والعدل النيابية الذي عُقِد بحضور الوزراء المعنيين.
يأتي ذلك في وقت تستمر فيه ما تُعرف بـ«أزمة تسليم الداتا» بين مفوضية شؤون اللاجئين والسلطة اللبنانية، وقد شكلت لجنة مشتركة بينها وبين الأمن العام لإيجاد حل، علماً بأن عضو «اللقاء الديمقراطي» (الحزب التقدمي الاشتراكي) النائب بلال عبد الله، أحد أعضاء لجنة الإدارة والعدل، أكد أن الأمن العام اللبناني يملك «داتا» كاملة عن اللاجئين، وهو ما ظهر من الأرقام التي قدمها في الاجتماع الأخير للجنة، مذكراً في الوقت عينه بأن «التيار الوطني الحر» و«حزب الله» اللذين يطالبان اليوم بـ«الداتا» كانا خلف قرار وقف تسجيل اللاجئين في عام 2015.
وكان رئيس اللجنة، عضو كتلة «الجمهورية القوية» (القوات اللبنانية) النائب جورج عدوان قال بعد اجتماع اللجنة إن أرقام الأمن العام تتحدث عن وجود مليونين وخمسين ألف سوري، كاشفاً أن هناك 194 ألف طفل سوري وُلدوا في لبنان منذ عام 2011 وحتى اليوم، 73 في المائة منهم غير مسجلين.
وأوضح أن «هناك تصنيفين معتمدين: إقامات لسوريين كانوا يعملون في لبنان قبل 2011. وإقامات أصدرها الأمن العام لسوريين كلاجئين عند دخولهم لبنان، وهذه الإقامة لا تخول للسوري أن يعمل في لبنان».
كما أن عدوان ذهب إلى حد الإشارة إلى أن «مفوضية» اللاجئين طلبت إقامات للاجئين جدد بأعداد كبيرة مقابل تسليم «الداتا»، قائلاً: «سنحصل على جواب بهذا الشأن وسنعرضه أمام الرأي العام بكل شفافية ووضوح».
وطالب «مفوضية اللاجئين» بـ«احترام المذكرة الموضوعة عام 2003 التي في مقدمها يُصنف لبنان على أنه ليس بلد لجوء، بل هو بلد يأتي إليه اللاجئ مؤقتاً لينتقل إلى بلد اللجوء. وثانياً يجب أن تعلم المفوضية أن السيادة والقوانين اللبنانية سارية المفعول، وعندما نطلب (داتا) وأرقاماً فهذا حق اللبنانيين».
لكن النائب عبد الله نفى، في تصريح إلى «الشرق الأوسط»، نفياً قاطعاً المعلومات التي تربط تسليم «الداتا» بمزيد من الإقامات، وذلك نقلاً عن مصادر رسمية، معتبراً أن تسلم «الداتا» لا يحل الأزمة، وأن «المشكلة تكمن عند النظام السوري الذي لا يريد عودتهم لأسباب ديموغرافية طائفية». وكشف أن آخر لائحة أرسلها مدير الأمن العام السابق اللواء عباس إبراهيم إلى سوريا قبل أشهر، ضمت 5 آلاف طلب للعودة، لكن النظام السوري لم يوافق إلا على عودة 600 شخص.
وأوضح أن «هؤلاء من السوريين الذين يريدون العودة الطوعية إلى سوريا وسجلوا أسماءهم بإرادتهم، لكن رفض طلبهم يعكس فعلياً. أين تكمن المشكلة؟ لا عند المجتمع الدولي ولا لدى أي جهة أخرى».
ومع تأكيد عبد الله أن وجود السوريين يشكل عبئاً اقتصادياً على لبنان ولا بد من عودتهم إلى بلدهم، يرفض الحملة التي تُشنّ في هذا الإطار والتي تهدف إلى إظهار كأن هناك طرفاً لا يريد عودتهم، في حين أنها تصب في مصلحة النظام السوري.
المفوضية و«الداتا»
في المقابل، يبدو واضحاً أن المفوضية التي تعارض عودة النازحين إلى سوريا لأسباب أمنية، تتعامل بحذر مع تسليم «الداتا»، وهو ما تشير إليه المتحدثة باسمها لدى لبنان، دلال حرب، رافضةً في الوقت عينه الرد على أي جهة.
ومع ترحيبها بـ«المناقشات رفيعة المستوى التي جرت في الأسابيع الماضية حول وضع اللاجئين السوريين في لبنان»، تؤكد حرب في حديث لـ«الشرق الأوسط» على أن «هدفنا الأول والأخير يبقى حماية أولئك الأكثر ضعفاً في المجتمع المضيف، مثل اللاجئين، وضمان استمرارية الالتزام بمبادئ القانون الدولي. وبالتالي، وتبعاً لمهمتنا الخاصة بالحماية، تواصل المفوضية المشاركة في مقترحاتٍ بناءة لمعالجة وضع اللاجئين في لبنان، وضمان حمايتهم، بما في ذلك القضايا المتعلقة بمشاركة (الداتا) والتسجيل وغيرها من القضايا المهمة».
وبينما تلفت إلى أن «المناقشات تشمل مسألة مشاركة (الداتا)، التي كانت المفوضية، ولا تزال، مستعدة للمشاركة في مناقشات ملموسة عنها»، أشارت إلى أن المفوضية اجتمعت مع الأمن العام اللبناني بشأن هذه المسألة، حيث اتفق على تشكيل لجنة تقنية للمضي قدماً ضمن المعايير الدولية لمشاركة (الداتا) وحمايتها».
ومنذ نحو أسبوعين، تتصاعد الحملة في لبنان حول عودة النازحين السوريين، بحيث ترتفع الأصوات الداعية إلى حل هذه القضية، وفي مقدمتها حزب «القوات اللبنانية» و«التيار الوطني الحر» و«حزب الله» و«حزب الكتائب اللبنانية»، بينما يتمايز عنها الحزب «التقدمي الاشتراكي» الذي يشدد على أهمية تأمين العودة الآمنة لهم وتوفر مقومات الصمود، وذلك في وقت اتخذت فيه الحكومة قرارات مرتبطة بتنظيم وجودهم في لبنان عبر القوى الأمنية والبلديات.