كتبت دانيال عزام في “الأنباء” الالكترونية:
باتَ من الجلي أنَّ ملف الإستحقاق الرئاسي دخلَ مساراً أكثرَ جدّيةً، بعد أشهر عدة من دخول البلاد في الشغور الرئاسي، وسطَ تكثيف الإتصالات والمبادرات لتقريب وجهات النظر وبالتالي حصول أيّ خرقٍ على مستوى هوية الرئيس المُقبل، علماً أنَّ الكتل النيابية مصرة على مواقفها وخصوصاً تلك المسيحية، إذ إنَّ كل المساعي لجمع التيار الوطني الحرّ والقوات اللّبنانية لم يكتب لها النجاح مطلقاً حتّى هذا الوقت.
وتحت وطأة الغموض المهيمن، أثارَ حديث رئيس مجلس النواب نبيه برّي الأخير للسفيرة الأميركية في لبنان دوروثي شيّا بالدعوة لجلسة انتخاب رئيس قريباً، الشكوك حول نضوج التسوية في ظلّ التحرّك الداخلي القائم، مع استئناف السفير السعودي وليد البخاري جولته بالتزامن مع انتهاء زيارة وزير الخارجية الإيراني حسين عبد اللهيان الأسبوع الفائت.
وفي سياق المواقف، لفتَ عضو كتلة التنمية والتحرير النائب قاسم هاشم إلى أنَّ “دعمنا لرئيس تيار المردة سليمان فرنجية أصبحَ واضحاً، ومَن لا يريد حواراً مباشراً، ليسَ عليه سوى أن يسمّي مرشحاً جديّاً أو أكثر من مرشحٍ لكلّ فريق، ولنذهب نحو صندوق الإقتراع ليكون الفاصل”، معبراً عن تفاؤل وارتياح الرئيس برّي للحركة الداخلية على خط الإستحقاق الرئاسي، إذ إنَّ الأخير يسعى من خلال متابعته واتصالاته الدائمة لإنهاء حالة الشغور في أسرع وقتٍ ممكن.
وأكّد هاشم في حديثٍ لـ”الأنباء” الإلكترونية أنَّ “الرئيس برّي قد يدعو إلى جلسة انتخاب رئيس في أيّة لحظة، إذا ما كانت الظروف مؤاتية والإمكانيات واضحة لتكون الجلسة مجدية، لافتاً إلى أنَّ برّي لم يتوّقف عن إتصالاته وحركته بما يتعلّق بالإستحقاق المنتظر، وعلى ضوئها رأى أنَّ الأجواء إيجابية وقد تكون هناك مناخات تسمح بعقد جلسة منتجة في المدى القريب”.
أمّا عن التمسّك بدعم ترشيح فرنجية في ظلّ التفاوت بين المواقف، اعتبرَ هاشم أنَّ “الأمور لا زالت تراوح مكانها، إذ إنها لم تشهد تبدلاً كبيراً، علماً أننا في بلد المفاجآت، ولكلّ فريق موقفه ونظرته في مقاربة الأمور، لكن هناك ثوابت أساسية يجب الإقتداء بها”، مشدداً على أنَّ “بالرغم من كلّ المساعدات والمحاولات الخارجية إلّا أنَّ الإستحقاق الرئاسي يبقى داخلياً ووطنياً بامتياز، وبالتالي تقع علينا مسؤولية ممارسة دورنا الوطني على أن نستفيد من المناخ الإقليمي لتكوين عامل إيجابي”، مشيراً إلى أنَّ “فرنجية قد أعلن ترّشحه ولو بشكلٍ غير رسمي، إذ إنّه طرح رؤيته للأمور في العديد من الإطلالات التلفزيونية له، مذكّراً أنه كان قد أعلن منذ سنوات الترّشح آنذاك في لقاء بكركي، وكان من ضمن المرّشحين الطبيعيين في ذلك الوقت”.
واستطرد هاشم بالقول: “إذا كنّا نننظر الإملاءات الخارجية، فأيّ سيادة وأيّ عناوين وأيّ شعارات يتمّ رفعها بالسيادة والقرار الحرّ”، معتبراً أنّه “من المعيب أن ننتظر الرأي الأخير من الخارج”.
ممّا لا شكّ فيه أنَّ الأمور مازالت معقّدة، حيث أن المخارج الداخلية لانتخاب رئيس للجمهورية مقفلة مع تشبث بعض الكتل بمواقفها وغياب الليونة المطلوبة في وقات لبنان أحوج ما يكون فيه إلى رئيسٍ ينتشله من محنته ويعيده على السكة الصحيحة.