بشكل مفاجئ، وغير متوقع، أصدرت المحكمة العسكريّة الدائمة برئاسة العميد خليل جابر مساء أمس الثلاثاء، أحكامها بحق 36 مدّعى عليه في أحداث خلدة التي وقعت في آب 2021، قضت بإنزال 6 أحكام مُشدّدة تراوحت بين الـ 10 سنوات والـ 7 سنوات، بالإضافة إلى عقوبات إعدام بحق الفارين من وجه العدالة.
وحكمت المحكمة بالبراءة على 11 مدّعى عليهم وخروج 6 موقوفين للاكتفاء بالمدّة بعدما تمّ الحكم عليهم لسنة ونصف السنة، إضافة إلى الحكم على آخرين بالأشغال الشاقة لمدة 5 سنوات.
هذه الأحكام أدت إلى ردود فعل رافضة في خلدة، حيث تم قطع الطرقات مساءً من قبل الأهالي الذين أعربوا عن غضبهم معتبرين أنه لم يتم الإلتزام بالمصالحة التي كانت ترعاها مخابرات الجيش اللبناني بين أبناء “عرب خلدة” وحزب الله.
وأشارت مصادر عرب خلدة لـ “ليبانون ديبايت” إلى أن ” التسوية كانت تتحدث عن توقيفات لن تتعدى السنوات السبع لعدد من الموقوفين، والعدد الأكبر سيخرج بعد الحكم عليهم بين سنة وسنة ونصف، وما حصل معاكس لذلك تماماً”.
وأوضحت، “بالتأكيد نرفض قطع الطرقات، وننتظر ما سيحصل مع النواب، وحتى الآن لا نعرف كيف وصلنا إلى هذه النتيجة، وما حصل بعيد كل البعد عن العدالة ولا يوجد أحد من المحكومين من طرف حزب الله”.
وقالت المصادر: “هناك لعبة حصلت، والله يستر من نتائج ذلك، اليوم هناك شبان سيعتبرون أن مستقبلهم إنتهى بهذه الأحكام، إما يكون هناك مصالحة وحل جذري وشامل للقضية أو ليُحاكم الجميع بعدالة”.
في هذا السياق أشار وكيل الدفاع عن المتهمين المحامي محمد صبلوح إلى أن “الأحكام ظالمة وخالية من العدالة لكل الملف من الناحية القانونية، فنحن كنا قد تقدمنا بإدعاء على مسلحين دخلوا إلى خلدة وكانوا عرب خلدة بموقع الدفاع المشروع عن النفس”.
وفي حديث إلى “ليبانون ديبايت” قال صبلوح: “عندما تخلت الأجهزة الأمنية عن القيام بواجباتها واختفى الجيش وتركوا المسلحين يطلقون النار على المدينة كان لا بد من أن يدافع شباب خلدة عن أنفسهم بعد أن تخلت الدولة عن مسؤولياتها”.
وأضاف، “لا يوجد تقارير لعدد الجرحى ولا إفادات لمعظمهم، وفصيلة عرمون وأكثر من مخفر قالوا أن اللجنة الأمنية لحزب الله منعوهم من أخذ استجواباتهم من مستشفى الرسول الأعظم”.
وتابع صبلوح، “بينت ذلك للقاضي، وتقدمنا بشكوى ضد 14 عنصر من حزب الله بالأدلة والمقاطع المصورة التي تظهر أنهم هم من دخلوا إلى خلدة، وأحيل الملف إلى النيابة العامة التمييزية والنيابة العامة العسكرية التي أحالته إلى مدير مخابرات جبل لبنان”.
وأكمل، “مدير المخابرات أبلغني عبر الهاتف أنه تم إطلاق بلاغات بحث وتحرٍ بحقهم، فقلت له لقد أخذتم من له علاقة ومن ليس له علاقة من عرب خلدة كالفئران، وهؤلاء لا، ليتبين فيما بعد أنه لم يصدر حتى بلاغات بحث وتحرٍ بحقهم”.
وأردف صبلوح، “طلبنا إفادة من النيابة العامة العسكرية عن مصير هذه الشكوى ولم نحصل على نتيجة لأشهر، لنتفاجئ بالأمس أن الشكوى هذه تم ضمها للملف في المحكمة التي لم تعطه أية قيمة”.
وأوضح، “المحكمة إستدعت شاهدين من عناصر حزب الله وكانوا مع القتيل علي حوري، وتحدثوا عن واقعة بينت بالأدلة القطاعة كذبها، فقالوا أنهم كانوا متواجدين بسيارة وأتى مسلحين أطلقوا النيران عليهم فقتل علي حوري وهربوا، وقالوا أنهم لم يكونوا مسلحين”.
وشرح صبلوح، “بالتحقيق الأولي اعترفوا أنهم كانوا مسلحين وأنهم كانوا أكثر من 200 سيارة مسلحة، وقد عرضت مقطع مصور لعلي حوري يقول خلال الإشتباك “انتهت ذخيرتنا ونريد عتاداً” وأوضحت لرئيس المحكمة حينها أن هذا الفيديو يكشف عن زور شهادة هؤلاء”.
ولفت إلى أن “الطبيب الشرعي أكد أنه تم إطلاق النار على حوري من مسافة بعيدة، وليس كما يقولون، وكل هذه المعطيات الفاضحة لم يتم الأخذ بها من قبل المحكمة العسكرية”.
ورأى صبلوح أنه “تم إصدار أحكام قاسية بحق الشبان ولم ينصف عرب خلدة في هذه القضية وهذه الأحكام كرست الظلم مرتين”.
واستطرد قائلاً، “قلت لقيادة الجيش أنني أريد أن يتواجد كل المسلحين في المحكمة ولتأخذ العدالة مجراها، ولكن لم يتجرأ أحد على تسليم المسلحين الآخرين،
وسأل صبلوح، “أين هي المصالحة التي كانت برعاية قائد الجيش؟! ومن طعن بالمصالحة التي جرى التداول بها إعلامياً وأن الحزب إتفق مع النواب برعاية مدير المخابرات وقائد الجيش؟ وهل هي مصالحة حقيقية أو وهمية؟”.
وأكمل، “لولا الضغط القانوني الذي قمنا به لصدر بحق كل الشبان أحكام مؤبدة وإعدامات، والمصالحة لم تحقق أي نتيجة”.
وقال صبلوح، “من المفترض أنه عند تعيين أي هيئة جديدة أن تقرأ الملف وأن تستمهل في الإطلاع عليه، فهناك 4 أو 5 ضباط جدد، وكان يجب تأجيل الجلسة وقد تفاجأت أن الهيئة الجديدة سألت الموقوفين إذا كانوا موافقين على أقوالهم السابقة، فقالوا نعم فتمت المرافعة”.
وأردف، “نحن جهزنا للمرافعة بشكل إحتياطي حتى لا نتهم بالتأجيل، ما حصل يؤكد أن الهيئة الجديدة لم تقرأ الملف ولا تعرف من المدان ومن يثبت عليه الإدعاء، هناك شوائب وطعن بالمصالحة”.
وختم صبلوح بالقول، “نحن سنقوم بالتمييز، ونثق برئيس محكمة التمييز العسكرية جون قزي ونتعامل معه كرجل قانون وأتأمل تصحيح العدالة عنده بحال لم يتم تغييره”.
ليبانون ديبايت