خضع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لرغبة شركائه في “تيار الصهيونية الدينية”، الذين يعارضون سياسات وزير الحرب يوآف غالانت، بعد ضغوط التي مارسها الأخير على نتنياهو لتعليق تشريعاته الرامية لإضعاف القضاء.
وأعلن نتنياهو في بيان مقتضب صادر عن مكتبه إقالة غالانت، وجاء في البيان: “في أعقاب الضغوطات التي مارسها غالانت خلال الأيام الماضية، لإقناع نتنياهو بتعليق التشريعات الرامية لإضعاف الجهاز القضائي، في محاولة للتوصل إلى تسوية مع المعارضة؛ تم اتخاذ قرار إقالته من منصبه”.
وبحسب التقارير التي أوردتها وسائل الإعلام العبرية، فإن نتنياهو استدعى غالانت إلى مكتبه وأبلغه أنه “فقد ثقته به”، وذلك بعد أن جاهر غالانت في الآونة الأخيرة بمعارضته لخطة نتنياهو المثيرة للجدل لإضعاف الجهاز القضائي، والإعلان عن ذلك خلال وجود نتنياهو في زيارة خارجية إلى لندن.
وكان غالانت الذي ينتمي الى حزب ليكود اليميني الذي يتزعمه نتانياهو، قد ألقى خطاباً مساء السبت في 25 آذار/ مارس 2023، قال فيه إنه يخشى ان يؤدي استمرار الانقسام في صفوف الشعب حول هذا الملف الى “تهديد حقيقي لأمن اسرائيل”. أكد وزير الحرب التزامه بقيم الليكود، إلا أنه اعتبر أن التغييرات الرئيسية على المستوى الوطني يجب أن تتم من خلال التشاور والحوار”، داعيا الى “وقف الآلية التشريعية” لمدة شهر.
وأثار قرار نتنياهو زوبعة من ردود الفعل الغاضبة من قبل زعماء أحزاب يهودية وأعضاء كنيست، ومسؤولين كبار في كيان الاحتلال، فيما أشارت وسائل إعلام عبرية إلى أن الدعوات للخروج بمظاهرات تزايدت بعد قرار الإقالة غالانت.
وفي أولى ردود الفعل على إقالة غالانت علق وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير قائلا “بدأ الإصلاح”، واعتبر بن غفير أن من يخضع ويفشل في مهامه لا يمكنه البقاء في منصبه ولو للحظة، مهنئاً رئيس الحكومة نتنياهو على قراره إقالة غالانت.
كما علق غالانت على قرار إقالته بالقول إن “أمن دولة إسرئيل كان وسيبقى مهمة حياتي”. فيما قال نتنياهو -تعليقا على القرار- “يجب أن نقف جميعا ضد من يتمردون على الحكم، وعلينا جميعا التجند ضد العصيان وعصيان الأوامر العسكرية”.
كما نقلت وسائل إعلام عبرية عن مسؤول أمني إسرائيلي قوله إن قوة الردع الإسرائيلية آخذة في التآكل، في ظل استمرار حكومة نتنياهو في مسار التعديلات القضائية والاحتجاجات الرافضة لها، مشيراً إلى بدء ظهور شرخ داخل الأجهزة الأمنية، ومخاوف من إقدام ضباط كبار في الجيش على عصيان الأوامر العسكرية.
وحذر المسؤول من أن عدم التوصل إلى تسوية قد يضر بكفاءة الجيش في قوات الاحتياط، وقد يمتد ذلك إلى الجيش النظامي، مطالبا القيادة السياسية بوقف التشريعات على الفور، وأضاف أن من وصفهم بـ”أعداء إسرائيل” قد يستغلون الأزمة، في ظل التهديدات المحدقة بها على جبهات عدة، وفق تعبيره.
وفي أكثر الردود المتسمة بالسقف العالي، وصف عضو “الكنيست” الإسرائيلي جدعون ساعر قرار نتنياهو بالـ”العمل جنوني”، معتبراً أن نتنياهو مصمم على دفع (إسرائيل) نحو الهاوية، وأضاف: كل يوم يستمر نتنياهو بمنصبه يعرض (إسرائيل) ومستقبلها للخطر”.
رئيس حكومة الاحتلال السابق يائير لابيد، قال إنّ “إقالة وزير الدفاع يوآف غالانت يمثل تدنياً جديداً لحكومة تضر بالأمن القومي للبلاد”، فيما توقع موقع “والا” العبري أن آفي ديختر الشخصية، هي الأقوى المرشحة لمنصب “وزير الجيش” الجديد.
وتتواصل التظاهرات كل أسبوع منذ طرحت حكومة نتانياهو، الاكثر يمينية في تاريخ اسرائيل، في كانون الثاني/يناير مشروع اصلاح النظام القضائي الذي يثير انقساما في البلاد.
ويرى معارضو المشروع الذي يهدف إلى تعزيز سلطة المسؤولين المنتخبين على حساب القضاء، أنّه “يهدّد الديموقراطية في الدولة العبرية”، ويثير انتقادات من خارج إسرائيل ولا سيما من الولايات المتحدة.
ومن المقرر أن يصوّت المشرعون الإسرائيليون على بنود أساسية في مشروع تعديل النظام القضائي الأسبوع المقبل، لا سيما آلية تعيين القضاة، في وقت كانت مدن إسرائيلية عدة شهدت الليلة الماضية احتجاجات واسعة رفضا للتعديلات، تركزت في شارع كابلان بتل أبيب، وتظاهر كذلك الآلاف في حيفا والقدس وبئر السبع وأسدود ونتانيا وهرتسيليا ورعنانا، فيما أغلقت الشرطة الإسرائيلية عددا من الشوارع تزامنا مع المظاهرات، واستخدمت المياه العادمة لتفريقها.