كتبت كلير شكر في “نداء الوطن”:
فعلياً، انتهى زمن الورقة البيضاء. في الجلسة الـ12، متى ستجرى، والأرجح أنّ موعدها سيتأخر، قد لا تُلمح هذه الورقة، أقلّه من جانب الثنائي الشيعي وكلّ من يؤيد رئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية، لأنّ الأخير سيكون مرشّحاً رسمياً على «الورقة والقلم»، بعدما كان وطيلة الجلسات الـ11 الانتخابية، المرشح المكتوم لهذا الفريق.
والأرجح أنّ أول مفاعيل إعلان الأمين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصر الله دعم ترشيح فرنجية، هو أنّ الأخير سيدخل رسمياً السباق الرئاسي، بعدما كانت الحلبة مقتصرة على ميشال معوض وبعض الأسماء التي ترمى من هنا وهناك. وبهذا المعنى يمكن القول إنّ معركة تأمين الـ65 صوتاً، والتي اتفق الثلاثي: رئيس مجلس النواب نبيه بري وفرنجية و»حزب الله» خلال الاجتماع المشترك الذي جمعهم منذ أسبوعين تقريباً، على خوضها، قد انطلقت بشكل مدروس.
أما ثاني تلك المفاعيل، فالأرجح هو حتمية تأجيل الدعوة لعقد جلسة انتخابية جديدة، أي الجلسة الـ12، لأنّها ستكون بالنتيجة الجلسة الأخيرة لانتخاب رئيس للجمهورية. اذ، من المستبعد أن يخاطر الثنائي الشيعي ومعه فرنجية بترك مجلس النواب يلتئم اذا لم تكن هذه الأغلبية مؤمّنة أو مضمونة، خصوصاً وأنّ اللجوء إلى الورقة البيضاء بات صعباً وغير ممكن، وبالتالي صار لا بدّ من تدوين اسم فرنجية على القصاصات الانتخابية لينتقل إلى قائمة البوانتاج الرسمي. وفي هذا السيناريو الكثير من المغامرة. لهذا، ثمة من يعتقد أنّ لا جلسة قبل حسم الرئاسة، أي قبل الاتفاق على خلف للرئيس ميشال عون، أو تأمين أغلبية تنتخب رئيساً. وهذا الاحتمال لا تزال عناصره غير متوفرة.
ولكن على أي ساعة قرر الثنائي ترشيح فرنجية؟ وما هي الخطوة المقبلة؟
على خلاف التقديرات التي تعتبر أنّ إطلاق الثنائي معركة فرنجية، مبني على حسابات مرتاحة من شأنها أن تساهم في تسريع الاستحقاق والدفع باتجاه وصول رئيس «تيار المردة» إلى القصر في وقت قريب، إذ تبيّن وفق المعلومات أنّ «حدفة» رئيس مجلس النواب على الشطرنج الرئاسية، لم تكن منسّقة مع «الحزب» أو مع صاحب العلاقة. ولهذا كان «الحزب» مضطراً لملاقاة بري إلى منتصف الطريق وتدعيم موقفه من خلال إعلان من جانبه يؤكد تبني ترشيح فرنجية، وإلّا لتحوّل تأني «الحزب» وتمهّله إلى مادة تصويب من جانب الخصوم تحت عنوان أنّ هناك تبايناً داخل هذا الصف أو خلافاً أو حتى تردداً من جانب «الحزب» في معركة سليمان فرنجية…
ولذا كان لا بدّ من الإقدام على هذه الخطوة رغم «شظاياها» غير المستحبة لجهة اتهام فرنجية بانّه مرشح الثنائي، بدليل أنّها لم تلق ترحيباً في الأوساط المسيحية، وتحديداً من جانب البطريركية المارونية على اعتبار أنّه كان أجدى بالمرشح المعني أن يعلن ترشيحه قبل أن يلاقيه الداعمون بمواقفهم، لا العكس.
وتضيف المعلومات أنّ الانتقال إلى الخطوة الثانية، لا يزال غير مؤمّن، لا بل محفوفاً بالعوائق، ولعل أهمّها الموقف السعودي الذي لا يزال بعيداً عن دائرة التأييد لترشيح رئيس «تيار المردة»، وما مواقف السفير السعودي وتغريداته إلّا دليل موثق على عدم انضمام بلاده إلى قافلة مؤيدي فرنجية. وتؤكد المعلومات أنّ المحاولات التي يقودها رئيس مجلس النواب في هذا السياق، من خلال اللقاءين اللذين عقدهما النائب علي حسن خليل مع السفير السعودي، لم تسفر عن «نتيجة انقلابيىة،» بمعنى النجاح في إحداث خرق من شأنه أن يمهد الطريق أمام مشاورات مثمرة بشأن ترشيح رئيس «تيار المردة».
في المحصلة، نقل إعلان نصر الله عن دعم فرنجية، المعركة إلى مكان آخر. ارتفعت حدّة الاصطفاف الرئاسي، وتقلّصت هوامش المناورة. والأرجح أنّ الملف برمته سيزداد تعقيداً اذا ما تسمّرت الكتل النيابية خلف مواقفها، وبات أمام خيارات محدودة جداً: إمّا الدفع باتجاه تأمين أغلبية تنتخب فرنجية رئيساً وهو أمر دونه عقبات إحداث خرق في صفوف الكتل الرمادية المترددة… وإمّا مزيد من الشغور، وهو المرجّح، خصوصاً وأن الطرح الفرنسي القائم على الـpackage بين رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة دُفن في مهده.