كتبت راكيل عتيّق في “نداء الوطن”:
يوحي «الثنائي الشيعي» بأنّ أسهُم رئيس تيار «المرده» سليمان فرنجية الرئاسية إلى ارتفاع، مع عدم ممانعة دولية لاسمه خصوصاً من واشنطن، وتعويل على عدم مواجهة السعودية لانتخابه رئيساً للجمهورية، فضلاً عن ضخّ أرقام مؤمّنة في «جيب» حليف «حزب الله» التاريخي واقتراب وصوله إلى عتبة الـ65 صوتاً أي الأكثرية المطلوبة لانتخابه في الدورة الثانية، إذ إنّ نصاب هذه الجلسة وميثاقيّتها سيتوفّران، انطلاقاً من أنّ المباركة الخارجية لوصول فرنجية ستسري على الداخل وتشمل بشكلٍ أو بآخر جزءاً من المعارضة النيابية وحزب «القوات اللبنانية».
في الواقع، هذا الكلام لا يعدو كونه «بروباغندا» سياسية – إعلامية، إذ على رغم أنّ «حزب الله» مستعدّ لتخطّي الإرادة المسيحية وإيصال فرنجية إلى الموقع الدستوري الأول المُخصّص للموارنة، على رغم معارضة «القوات»، وحليفه المُفترض «التيار الوطنيّ الحرّ»، إلّا أنّ تجاهُل المسيحيين في هذا الاستحقاق المعنيين به مباشرةً، ليس بالأمر السهل، وستكون تداعياته على البلد و»حزب الله» وعلاقة الأفرقاء السياسيين في ما بينهم أكبر من أن يُمكن احتواؤها، بحسب مصادر سياسية مسيحية. فلن يستطيع عهد فرنجية أن «يقلّع» في ظلّ مقاطعة مسيحية واسعة ما ينزع عنه شرعية شعبية كبيرة وصفة «الحَكَم».
إلى ذلك، تؤكّد مصادر سياسية قريبة من السعودية، أنّ الرياض وفي أحسن الحالات، قد «تتجاهل» إنتخاب فرنجية، لكنّها لا يُمكن أن تعيد ضخّ المساعدات في الشرايين السياسية والاقتصادية للبلد والتي من دونها لن يُمكنه التعافي، في عهد رئيس من صلب «محور الممانعة». وبحسب هذه المصادر، إنّ الموقف السعودي الحقيقي ينحصر في معادلة «انتخبوا رئيساً… وبعدها منشوف». وبالتالي، حتى الآن، لا يسمح ميزان القوى الخارجي أو الداخلي بوصول فرنجية، والأرقام التي يضخّها «محور الممانعة» غير واقعية، فمن دون عودة رئيس «التيار الوطنيّ الحرّ» النائب جبران باسيل إلى الإصطفاف إلى جانب «حزب الله» في دعم فرنجية، لا أمل للأخير في الوصول إلى سدّة الرئاسة الأولى، وهذا الأمر محسوم ومبتوت نهائياً بالنسبة إلى باسيل. كذلك تمتلك المعارضة النيابية الثلث المعطّل لجلسة انتخاب فرنجية، وهي ليست في وارد الموافقة على رئيس من 8 آذار، وحتى الذين لا يؤيدون انتخاب مرشح «المعارضة السيادية» النائب ميشال معوّض، لا سيّما منهم النوّاب السُّنة لن «يمشوا» في موقف لا توافق عليه السعودية ويُبقي لبنان تحت شمسية «حزب الله» بالكامل.
ليس انتخاب فرنجية تحديداً غير مؤمّن بعد، بل إنجاز الإستحقاق الرئاسي مهما كان اسم الرئيس المُنتظر، ولا تزال المشاورات الخارجية عالقة في عنق جدوى فرض عقوبات على معرقلي هذا الاستحقاق، في ظلّ تعارض في وجهات النظر بين واشنطن والرياض من جهة وباريس من جهةٍ ثانية. وتؤكد جهات سياسية معنية بهذا الاستحقاق، «أنّنا باقون في هذا الواقع الانسدادي في المشهد الرئاسي» إلى أمد غير منظور. فلا الخارج قادر على إحداث خرق في اتجاه انتخاب رئيس ولا الداخل قادر في ظلّ ميزان القوى القائم على إتمام هذا الاستحقاق الدستوري. حتى «المعارضة السيادية» باتت خياراتها ضيّقة، في ظلّ تعذُّر إمكانية تأمينها 65 صوتاً لمعوّض أو أي مرشح آخر سيادي وإصلاحي، بسبب «ممانعة نوّاب المعارضة الآخرين».
وتقول مصادر «المعارضة السيادية»: «ما يُمكننا فعله، أن نواصل الضغط في اتجاه تحميل الفريق الآخر مسؤولية إجهاض فرص انتخاب رئيس للجمهورية». وتؤثر قوى «المعارضة السيادية» توسُّل الشارع للضغط رئاسياً في ظلّ أزمة مالية – اجتماعية – اقتصادية، ما قد يأخذ البلد إلى فوضى لا يريدها أي طرف. وتعتبر هذه القوى أنّ هناك مسؤولية كبيرة في استخدام الشارع في هذه المرحلة الدقيقة من تاريخ البلد في ظلّ وضع مالي كارثي، فضلاً عن أنّه يجب «ترييح» الجيش والقوى الأمنية وليس زيادة الضغوط عليها، فالمؤسسات العسكرية والأمنية تشكّل العمود الفقري المتبقّي للاستقرار الذي يحتاج اللبنانيون إليه للصمود.
وبالتالي، ترى المعارضة السيادية، أنّ عدم انتخاب رئيس مسؤولية سياسية ولا يجب إقحام المؤسسات العسكرية والأمنية في هذا الاستحقاق، فهذه المسؤولية السياسية يتحمّلها الفريق النيابي «الممانع» المصرّ على اعتماد القنوات نفسها لتعطيل الإنتخابات الرئاسية في انتظار ظروف أفضل لإيصال مرشحه، لكن هذه الظروف الأفضل غير مؤاتية الآن، وبالتالي لا ترى المعارضة أنّ «خطر» وصول فرنجية يطرق على الأبواب حتى الآن.