توجه رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي بالشكر والتقدير للجزائر، قيادة وشعبا، على حسن الإستقبال والضيافة والتنظيم وعلى كل الجهود التي بذلت من أجل توفير أفضل الظروف لنجاح قمة “لمّ الشمل العربي”.
ميقاتي الذي اعرب عن التقدير والشكر للجهود التي بذلتها تونس في خلال ترؤسها للقمة الماضية، تمنى للجزائر النجاح في رئاستها للدورة الحالية للقمة.
وقال، في كلمة القاها في القمة العربية المنعقدة في الجزائر: “يشرفني أن امثّل لبنان بكلمة صريحة موجهة من أخ لاخوته، نابعة من قلب مخلص لعروبته. أمثل لبنان، منارة العروبة، الذي احتضنت جامعاته منذ اوائل القرن الماضي قادة العرب، فكان مهدا لليقظة الفكرية للقومية العربية. وفي هذه الايام المجيدة استذكر تعاطف لبنان مع الشعب الجزائري في ثورته، حيث اكتظت الشوارع بالتظاهرات، واعتبرنا أن ذلك الانتصار ليس فقط للشعب الجزائري، بل أيضا نجاح للتضامن العربي وللعروبة. تنتصر الجزائر اليوم في استقبال هذه القمة التي نعلق عليها امالا كثيرة بأن تكون إمتدادا للانتصار والتضامن العربيين”.
وأشار الى “أنني أصارحكم القول إن لبنان الذي تعرفونه قد تغيّر… نعم قد تغيّر.المنارة المشرقة انطفأت، والمرفأ الذي كان يعتبر باب الشرق إنفجر والمطار الذي يعتبر منصة للتلاقي تنطفئ فيه الانوار لعدم وجود المحروقات. نحن في دولة تعاني اقتصاديا وحياتيا واجتماعيا وبيئيا، ونحارب الاوبئة باقل الامكانات. نعم، باقل الامكانات حتى وصلنا الى اللحم الحي”.
وأضاف: “لبنان مساحته صغيرة، ولكن ابوابه بقيت مشرّعة لكل الاخوة، والعرب خصوصا، أما اليوم فبتنا غير قادرين على الاستمرار في استضافة ديموغرافيا عربية باتت تقارب نصف الشعب اللبناني”.
وأوضح أن “بنيتنا التحتية باتت مترهلة، ومواردنا اصبحت قليلة، ونعاني تضخما كبيرا لا مثيل له. ورغم ذلك، نحن نستقبل هذه الديموغرافيا ولكننا تحوّلنا جسدا ضعيفا يحتاج الى مقويات بدل التجاهل الحاصل”.
وقال: “لا يخفى عليكم، وأنتم خير المتابعين والمهتمين، الظروف الإستثنائية، في صعوبتها وتعقيداتها، التي يمر بها لبنان. فنحن نواجه منذ سنوات عدة، أسوأ ازمة اقتصادية واجتماعية في تاريخنا، نالت من سائر المؤسسات ووضعت غالبية اللبنانيين تحت خط الفقر، وتسببت بهجرة الكثير من الطاقات الشابة والواعدة، وخسارة الوطن خيرة ابنائه”.
ولفت ميقاتي الى أن “الحكومة اللبنانية وجدت نفسها امام أزمة غير مسبوقة، حتّمت علينا السير ببطء وحذر شديدين لتدارك الوضع وتأسيس الارضية المناسبة للمساهمة في الوصول بالبلاد الى بر الأمان. ورغم هذه الظروف، نجحنا في تحقيق العديد من الاهداف التي وضعناها، ومن أبرزها اجراء الانتخابات البرلمانية في موعدها، وتوقيع اتفاق مبدئي مع صندوق النقد الدولي، وايجاد نظام طارئ للامن الاجتماعي بالتعاون مع البنك الدولي والاتحاد الاوروبي، ونواصل العمل للسير قدما بكل الاصلاحات التشريعية والادارية الضرورية للخروج من محنتنا الحاضرة”.
وأشار الى أن “لبنان نجح، مؤخرا، في التوصل إلى اتفاق لترسيم الحدود الجنوبية لمنطقته الإقتصادية الخالصة، ونأمل أن يكون ذلك بداية مسار يقود إلى ازدهار لبنان ورخاء اللبنانيين والتوافق على انتخاب رئيس جديد يلم شمل اللبنانيين”.
وقال: “في سياق جهودنا هذه لا بد لنا من شكر الاخوة العرب الذين لبوا النداء، ولا نزال نعول على مساعدة جميع الاخوة العرب للبنان”.
وأضاف: “إننا إذ نستذكر اتفاق الطائف الذي أرسى معادلة الحكم في لبنان، فلتأكيد التزامنا التام به، وعدم تساهلنا مع اي محاولة للمس بجوهره”.
وتابع: “لا اجد في ختام كلمتي أفضل من الدعوة الصادقة إلى التكاتف والتعاون، وتفعيل التنسيق وتعميقه في ما بيننا ومدّ جامعة الدول العربية بمزيد من الدعم للقيام بدورها في هذه الظروف التاريخية. وفي هذا السياق يتمسك لبنان بانشاء المركز القانوني العربي على أرضه وخصص قطعة أرض لبنائه”.
ورأى أنه “في المنعطفات الكبرى التي تتهدد فيها الخرائط الجيوسياسة، تقتضي الحكمة أن يزداد التفاف أمّة العرب حول نفسها بحيث لا يغيب أيّ من اركانها عنها، ولا تبقى بعض نواحيها مكلومة أو مأزومة”.
وأكد التزام لبنان بقرارات الجامعة العرببة ودعم هذه المؤسسة للقيام بدورها في هذه الظروف التاريخية. وأعلن “تضامننا الكامل مع القضايا العربية وعلى رأسها القضية الفلسطينية وحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره واقامة دولته المستقلة”.
وختم: “في النهاية لتتشابك الايدي العربية لانقاذ بلدي لبنان الذي يعتز بالعروبة والمُحِبْ لاشقائه. أطيب التحيات لكم من لبنان، هذا الوطن الصغير الذي يمكن ان يكون له دور كبير في خدمتكم، إذا احيط بحب كبير منكم. لا تتركوه وحيدا”.