كتبت محمد ملص في “الأخبار”:
لم يحل تغيّر الطقس دون استمرار عصابات تهريب البشر في تسيير رحلات للهجرة غير الشرعية عبر البحر، وكان آخرها الرحلة التي أعلن الجيش عن إحباطها قبل خمسة أيام عند شاطئ بلدة شكا. اللافت في إعلان الجيش كان العدد الضئيل للأشخاص الذين كانوا على متن المركب، والذي لم يتجاوز الـ55 شخصاً. تساؤلات كثيرة طُرحت حول الموضوع، خصوصاً أن عصابات الهجرة لا تكتفي بهذا العدد القليل لكي تطلق رحلة. فمن المعروف أنّه، ومنذ بداية حركة الهجرة، كان عدد الركاب يتخطى الـ150 شخصاً غالباً، بل وصل في بعض الأحيان إلى 300 شخص على العبّارة الواحدة، في سبيل جني أرباح كبيرة لا تقلّ عن 100 ألف دولار وتتجاوز نصف المليون دولار أحياناً.
فما هي تفاصيل هذه الرحلة؟ ولِم انطلقت بهذا العدد القليل من الركاب؟
في المعلومات التي حصلت عليها “الأخبار”، أن المركب المضبوط يعود لكلّ من عبدالله أحمد طالب وشقيقه حذيفة، وهما من سكان بلدة ببنين في عكار، ويعملان في تهريب المهاجرين عبر المراكب، وكانا قد عملا سابقاً على تحضير عشرات الرحلات. وخلافاً لما يشاع عن الرحلة الأخيرة أنها انطلقت من المنية، أكدت المعلومات أنها انطلقت من منطقة القيطع حي البحر في عكار، وأن المركب جرى تحميله نهار الثلاثاء الفائت، عند الساعة الثانية والنصف فجراً، وعلى متنه 40 شخصاً فقط.
ورجّحت مصادر أمنية أن يكون سببَ قلة عدد الركاب أمران، “الأول، تأمين السرعة في التحميل للهروب من الكمين الأمني الذي غالباً ما تنجح به مديرية المخابرات في عكار من خلال ضبط الشواطئ، والثاني، وهو الأبرز، الاستعاضة عن العدد الكبير للمهاجرين بكمية كبيرة من المخدّرات قُدّرت بحوالي 2 طن كانت موضّبة داخل أكياس ومُخفاة داخل المركب”.
وبالفعل، جرت مطاردة المركب بعد انطلاقه من الشاطئ، من قبل القوات البحرية في الجيش اللبناني، فيما سارع المسؤولون عن الرحلة إلى رمي أكياس المخدّرات داخل مياه البحر وغادروا سريعاً خارج المياه الإقليمية. في اليوم التالي، أي الأربعاء الفائت، تمكّنت البحرية اللبنانية من مصادرة الكمية الكبيرة من المخدّرات التي رُميت، بعدما أعاد أحد المراكب البحرية جمعها وإرجاعها إلى الشاطئ، وجرى توقيف 3 أشخاص من آل طالب، هم أصحاب المركب، على ذمة التحقيق.
وكانت أخبار وصلت ليلاً أن المركب، الذي يحمل اسم “أبو نزيه”، عاد أدراجه باتجاه المياه اللبنانية بعدما كان قد وصل إلى المياه الإقليمية، وتم ضبطه عند نقطة الهري في شكا من قبل مخابرات الجيش اللبناني. وفيما انتشرت أخبار أن المركب لم يكمل طريقه نحو إيطاليا بسبب عوامل الطقس، قيل أيضاً إن منظمي الرحلة اختاروا العودة بسبب الخسارة التي لحقت بهم جراء تمكّن الجيش من ضبط كمية المخدرات.
مصادر خاصة أفادت “الأخبار” بأن المراكب التي يتم نقلها في هذه الأيام يستحيل أن تصل إلى وجهتها، بسبب حالة الطقس السيئة، وأنها باتت مشبوهة نظراً إلى توقيت انطلاقها في ظل المخاطر المحتّمة عليها.